تعرض
اللاجئون الفلسطينيون في
العراق بعد الغزو عام 2003، إلى عمليات اجتثاث منظمة من جهات معروفة وأخرى مجهولة ولكن بالحصيلة النهائية فإن المجني عليه هو لاجئ فلسطيني. ومن أبرز تلك المظاهر: التهديد، الخطف، التعذيب، القتل، التهجير. والذي لم يطله أي مظهر من هذه المظاهر وجد أمامه الاعتقال التعسفي والأحكام الجائرة التي تصدر له بموجب ملفات حوت تهما ملفقة.
وجود غير مرغوب فيه
عام 2005 كان بداية مرحلة جديدة للاجئين الفلسطينيين في العراق، حيث كانت مرحلة الاعتقالات بعد وصفهم بـ"الإرهاب" منذ تفجيرات بغداد الجديدة التي تعد نقطة تحول بتاريخ اللاجئين حين اتهم فيها أربعة أشخاص فلسطينيين أطلق سراحهم بعد ذلك لعدم وجود أدلة ضدهم. ولكن لم تتوقف التصريحات والحملات ضد اللاجئين الفلسطينيين حتى وصلت للكتابة على الجدران وصارت تخط على اليافطات من قبل بعض المرتزقة التابعين إلى أطراف لا ترغب بالوجود العربي في العراق، فطالبوا الحكومة العراقية بطرد العرب وبالأخص الفلسطينيين، الذين وصفوهم بأنهم "ناكرون للجميل" .
وعلى إثرها هُدد اللاجئ ومن ثم خطف وعذب لينتهي به المطاف ملقى في الطرقات أو في المشرحة جثة هامدة عليها آثار التعذيب والحقد الدفين .
وقد استمر مسلسل الاعتقال التعسفي، حيث وصل عدد المعتقلين إلى ما يقارب الـ50 لاجئا بين معتقل ومخطوف على يد المليشيات وآخرها اختطاف أربعة لاجئين على يد المليشيات وتحت أنظار الأجهزة الأمنية التي من واجبها حماية المنطقة التي ليس لها إلا مدخل واحد ومخرج واحد لا أحد يدخلها ولا يخرج منها إلا إذا مر بالأجهزة الأمنية، ليظهر بعد ذلك اثنان من اللاجئين على إحدى القنوات التابعة لإحدى المليشيات وهما يعترفان بقيامهما بعمليات إرهابية، وإلى هذه اللحظة ومُنذ أكثر من أربع سنوات لا يعرف أهالي المخطوفين أين أبناؤهم، ومن المفروض أن يكونوا لدى الأجهزة الأمنية ولكن للأسف أن الأجهزة تنكر وجودهم لديها أو علمها باعتقالهم .
هناك من المعتقلين من قضى سنوات في الحبس الاحتياطي ومنهم من حكم عليهم بالإعدام ومنهم بالمؤبد .
لم تقتصر معاناة المعتقلين الفلسطينيين في العراق على تقييد حريتهم وتلفيق التهم المفبركة، وحرمانهم من الحق في المحاكمة العادلة لمجرد أنهم فلسطينيون. يحكم أحدهم بالإعدام دون أن يُعيّن له محام يدافع عنه، وهذا ما تحدث به ذوو المعتقل (م ع م)، الذي اعتقل من جهة مجهولة ليعرف بعد ذلك أنه محكوم بالإعدام على اعترافات انتزعت منه تحت التعذيب، وليس هذا فقط بل جاءهم من يدعون أنهم ضحايا ابنهم ليستولوا على شقتهم الوحيدة كفدية لأبنائهم وهم الآن يسكنون بالإيجار.
دور السفارة والسلطة الفلسطينية
في لقاء سابق لي مع السفير الفلسطيني الدكتور أحمد عقل قال: "إن السفارة تتابع موضوع المعتقلين وحسب معلوماتنا فإن معظم هؤلاء المعتقلين انتزعت اعترافاتهم تحت التعذيب، ولذلك نشعر أن معظمهم مظلومون وهم أبرياء، ولكننا نواجه صعوبات جمة في إثبات براءتهم، كون اعترافاتهم تحت التعذيب جاءت مطابقة لحيثيات حوادث إرهابية حدثت على أرض الواقع، ولا نملك أدلة جنائية تثبت قانونياَ تعرضهم للتعذيب"، فكان على السلطة الفلسطينية مطالبة الحكومة العراقية بأن يحاكم المعتقلون الفلسطينيون بأيدي قضاة دولييين، وإن ثبت تورطهم بأي عمل إرهابي حينها يتخذ القضاء العراقي بحقهم الأحكام المناسبة.
وتحدثت لـ "عربي21" زوجة أحد المعتقلين وقالت إن السفارة لم تقدم أي شيء لها ولزوجها منذ اعتقال زوجها.
وذكرت أنها عندما لجأت للسفارة أو حتى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين لتوفير محام يدافع عن زوجها قالوا لها: "لا نستطيع التدخل فزوجك معترف على نفسه".. وهم يعلمون جيدا الطريقة التي انتزعت منه الاعترافات.
الرئيس محمود عباس عام 2013 سلم قائمة بأسماء المعتقلين الفلسطينيين بيد رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، ووعد هذا الأخير بأنه سوف يتم إطلاق سراح المعتقلين وإلى هذه اللحظة لم يخرج أحد منهم، بل إنه على العكس تم اعتقال لاجئين من مجمع البلديات بداعي إجراءات أمنية لحماية القمة وإلى يومنا هذا لم يخرج أحد منهم .
تهمة الإرهاب
هناك معتقلون لا يسمح بزيارتهم إلا من قبل النساء وهناك مفقودون اعتقلوا ولم يبق لهم أثر، كما حدث مع اللاجئ (ص م ك) والبالغ من العمر 68 عاما والذي حدث انفجار بالقرب من منزله وأصيب بالانفجار وتم نقله للمشفى للعلاج وبعد معرفتهم بأنه فلسطيني تم اعتقاله ومن ثم اختفى. وتحدث ذوو اللاجئ (خ م م) والبالغ من العمر 60 عاما إلى "عربي21"، عن أن أباهم اعتقل من بيته ومن جهة حكومية معروفة وذلك عام 2006 و"إلى يومنا هذا لم نعثر عليه في سجون العراق" .
لاجئ فلسطيني آخر تحدث لـ"عربي21"، وقال: "تهمة الإرهاب تلاحق اللاجئين الفلسطينيين أينما ذهبوا في العراق شمالاً أو جنوباً شرقاً أو غرباً، أنت فلسطيني إذن أنت إرهابي"، وفق تعبيره .