يصنف
الحزب الإسلامي العراقي على أنه الجناح السياسي لحركة الإخوان المسلمين في العراق، وقد تبنى منذ إعلان العمل العلني عام 2003 خيار المقاومة السلمية لإنهاء الاحتلال الأمريكي للعراق.
وقد تعرض الحزب لاتهامات كثيرة بسبب نهجه السياسي، وانخراطه في الحياة السياسية ما بعد سقوط النظام العراقي السابق، والتي تراوحت بين الخيانة والعمالة، واعتباره مظلة لحزب البعث، واتهامه بالتبعية لإيران في العراق.
ووفقا لأمينه العام الحالي، إياد السامرائي فإن "الحزب الإسلامي لم يسلم من الاتهامات المتعددة منذ نشأته وإلى اليوم، والتي بدأت بأن (الحزب الإسلامي هو مظلة لحزب البعث)، وانتهت اليوم بأننا (حلفاء إيران في العراق)"، بحسب ما هو منشور على الصفحة الرسمية للحزب على الفيسبوك بتاريخ 25 من الشهر الماضي.
وبعد مشاركته في الحياة السياسية العراقية التي قاربت (15) عاما، ما الذي أنجزه الحزب الإسلامي العراقي، وما الذي جناه عبر مشاركته السياسية لصالح قواعده الشعبية من أهل
السنة في العراق؟ ولماذا تراجعت شعبيته في الشارع السني عموما، وفي محافظة الأنبار التي تعد معقله الرئيسي على وجه الخصوص؟
دافع الأكاديمي والسياسي العراقي، الدكتور زياد الصميدعي عن قرار الحزب في المشاركة السياسية في عراق ما بعد الاحتلال الأمريكي، واصفا المشاركة بأنها "كانت واجبة من حيث الأصل الشرعي نظرا لما تعرض له أهل السنة في العراق عامة، وفي بغداد خاصة، لما شكله الواقع الجديد من خطر على هويتهم".
وأضاف لـ"
عربي21": "كان من المفروض أن تكون تلك المشاركة انطلاقا من رؤية محددة، وإستراتيجية مدروسة، وهو الأمر الذي لم يتحقق بدليل أن الحزب فشل في اختيار حتى مرشحيه الذين ما إن صعدوا على أكتاف الحزب، وتسلموا المناصب، حتى تخلوا عن الحزب تماما" على حد قوله.
وتابع الصميدعي قوله: "على الرغم من أن الحزب كان لاعبا أساسيا في العملية السياسية إلا أنه عبر مسيرته ومشاركته في العملية السياسية أخفق في تحقيق الكثير من مطالب أهل السنة".
وأرجع الأكاديمي والسياسي العراقي الصميدعي أسباب إخفاق الحزب إلى "تقوقع الحزب داخل إطار الحزبية، واستئثار أتباعه بالمناصب والدرجات الوظيفية، إضافة إلى أن أشخاص الحزب تنقصهم الحنكة السياسية، ويفتقرون إلى البعد الاستراتيجي في معالجة الأمور، وهو ما أثر بصورة سلبية على شعبيته في الشارع السني".
وأشار إلى أن "رصيد الحزب في الشارع هذه الأيام لا يكاد يُذكر، لأسباب عامة وخاصة، فالعامة ترجع إلى فشل المشروع الإسلامي السياسي في العراق فشلا ذريعا، والخاصة ترجع إلى انعدام ثقة جمهور أهل السنة بالحزب ورجالاته"، مضيفا: "لقد فقد الحزب رصيده حتى في محافظة الأنبار التي تعد المعقل الرئيسي له".
بدوره أوضح ناشط إسلامي عراقي، فضل عدم ذكر اسمه أن "الحزب الإسلامي العراقي لم يكن في بداياته معروفا في أوساط أهل السنة، مع أن أتباعه كانوا معروفين داخل المجتمع السني، وكان الإخوان الذين شكلوا نواة الحزب يسيطرون بشكل شبه كامل على الساحة السنية، خاصة بعد انهيار التيار التقليدي المتمثل في حزب البعث".
ولفت الناشط الإسلامي في حديثه لـ"
عربي21" إلى أن أهل السنة في العراق كانوا يعولون كثيرا على الحزب الإسلامي، ويتأملون منه الدفاع عن وجودهم وحقوقهم، لكن قيادته التي تولت الأمور بعد الاحتلال تسببت في تخبطه وإخفاقه.
وأردف قائلا: "سمعت بأذني أحد كبار الإخوان من الذين انضموا إلى الحزب الإسلامي وهو يقول إن وليد الأعظمي، شاعر الحركة الإسلامية وأحد قيادييها مات كمدا بسبب تصرفات تلك القيادة"، مشيرا إلى أن تلك القيادة التي كانت تعيش خارج العراق لم تكن تعرف الواقع العراقي جيدا، وفي الوقت نفسه لم تكن تتقن فنون العمل السياسي.
وذكر الناشط الإسلامي العراقي أن "دخول الحزب بقيادته تلك في صراع مع المقاومة العراقية كان من أسباب فشله وتراجع شعبيته"، لافتا إلى أن الحزب "خسر في ميدان الصراع السياسي منذ سنواته الأولى، كما خسر بيئته الاجتماعية التي هي المجتمع السني، وخسر صفه الداخلي بسبب انقسام مدرسة الإخوان إلى حزب وهيئة، والتي سحبت معها أغلب مدرسة المشايخ وأتباعهم".
من جانبه رأى الكاتب والباحث العراقي المختص بشؤون الجماعات الإسلامية، هشام الهاشمي أن "الأحزاب الإسلامية سقطت منذ سنوات أمام المقاومة السنية، وأمام المعارضة السياسية السنية، وتقوم شعبيتها اليوم على خطابها الطائفي السياسي المتخندق مع الخصوم، وليس على اعتبار مهني تنظيمي".
وأرجع الهاشمي في حديثه لـ"
عربي21" أسباب تخبط الحزب الإسلامي العراقي، وما ينتشر في صفوفه من فوضى غير مسيطر عليها إلى غياب كاريزما القيادة عن صفوفه، لا سيما وأن أهل السنة حديثو عهد بفقدان رمز مثل صدام حسين، وإن كان الإسلاميون يصفونه بالديكتاتور والظالم، لكنهم لم يستطيعوا أن يأتوا بقيادة قوية بدلا منه".
وختم الهاشمي كلامه بالقول: "قيادة الحزب التي جاءت من الخارج، سواء من الخليج أو من بريطانيا، فيها قدر كبير من التعالي، ولا تمتلك في الوقت نفسه سلطة حقيقية على الداخل الشعبي، لأنهم غير معروفين جيدا في الأوساط السنية الشعبية، وحينما رشحوا للانتخابات لم يتمكنوا من تحقيق ما يمكن للقيادات أن تقوم به".