نشرت صحيفة
"
لوفيغارو" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن الدعم الذي تقدمه
إيران لحركة
طالبان الأفغانية، والذي تهدف من خلاله لتقويض جهود الولايات المتحدة في هذا
البلد، بسبب موقف واشنطن من الاتفاق النووي.
وقالت الصحيفة، في
تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن حجم المبادلات التجارية الموازية بين
الجارتين، إيران وأفغانستان، على حدود محافظة نيمروز كبير جدا، إذ أنها لا تقتصر
على النفط فحسب، بل تشمل المخدرات والمهاجرين أيضا. كما شهدت التدريبات التي
تتلقاها حركة طالبان الأفغانية في إيران على يد فيلق القدس نموا ملحوظا منذ عدة
أشهر.
وأشارت الصحيفة إلى أن محافظة نيمروز، التي تقع جنوب غرب أفغانستان على
الحدود مع إيران، تعتبر قاعدة أساسية لممارسة التجارة الموازية وعمليات الاختطاف،
ويتخللها، في بعض الأحيان، قتال ضار بين طالبان والقوات الحكومية. تجدر الإشارة
إلى أن دعم طهران لطالبان قد تنامى خلال الأشهر القليلة الماضية حتى بلغ مستوى غير
مسبوق.
ونقلت الصحيفة عن علي،
أحد المنتمين لحركة طالبان أفغانستان، الذي يشرف على قيادة 30 رجلا، قوله:
"لقد أصبحنا نُمنح الآن ضعف ما نحتاج إليه من إمدادات سواء كانت مالية أو
معدات أو متعلقة بالتدريب". وقد أكد علي، مشيرا إلى عدة مصادر أمنية أفغانية
وأجنبية، بأن هناك ارتفاعا في حجم المساعدات الإيرانية لطالبان. من جانب آخر، قال
المقاتل الطالباني: "نحن بحاجة لتعزيز عملياتنا ضد الفرع الأفغاني لتنظيم
الدولة، وضد القوات الأمريكية أيضا"، مفيدا أنه زار في عديد المناسبات إيران
للمشاركة في التدريبات العسكرية.
وذكرت الصحيفة أن
طهران أصبحت تنتهج مسارا مزدوجا وأكثر وضوحا منذ بضع سنوات، على الرغم من أنها
الحليف التاريخي لكابول والعدو السابق لطالبان، في ظل وجود اعتقاد سائد بين
المتمردين يفيد بأنهم لا يستطيعون الاعتماد على حليفهم الرئيسي، باكستان. وترى عدة
مصادر أفغانية وأجنبية أن إيران بدأت في دعم طالبان بشكل واضح منذ الربيع الماضي،
عندما أعلنت إدارة ترامب أنها ستنسحب من الاتفاق النووي.
واعتبرت الصحيفة أن
تعزيز الدعم لحركة طالبان هو أداة طهران للضغط أكثر على واشنطن، في الوقت الذي
يبدو فيه مستقبل السياسة الأمريكية في أفغانستان غير واضح. لكن من الناحية
الرسمية، ينكر كلا الطرفان تعاملهما الثنائي. وقد أكد المتحدث باسم طالبان، قاري
يوسف أحمدي، في مكالمة هاتفية نفيه هذا التعاون بقوله: "لم تستخدم طالبان
أبدا المساعدات الدولية للتدريب أو القتال".
ونقلت الصحيفة عن علي
قوله إن هناك أربعة أنواع من التدريب الذي توفره إيران تتمثل في القتال البدني،
ودورات في "الاستخبارات ووضع الاستراتيجيات"، وصناعة المتفجرات والتحكم
فيها عن بعد، وتنظيم الهجمات الانتحارية. وأوضح علي أن "الانتحاريين
المستقبليين هم الأكثر استفادة من الدعم المكثف والمساعدة الإيرانية. إن أسرهم
موجودة في إيران، ويحصلون على وثائق هوية إيرانية تمكنهم من إعادة بناء حياتهم في
البلد المجاور".
وأضافت الصحيفة أن
معظم المنتسبين لحركة طالبان يعبرون الحدود بشكل قانوني عند المعابر وتقدم لهم
تأشيرات إيرانية تمنحها لهم القنصلية الموجودة في هرات، ثالث أكبر مدينة في
أفغانستان وتقع في الشمال من مدينة نيمروز. وقد أكد مهربون، من الذين يتاجرون في
النفط بشكل رئيسي، ذلك حيث أشاروا إلى أن "معظم المنتسبين لحركة طالبان
يعبرون الحدود دون الحاجة لمهربين للوصول إلى إيران. إنهم يحصلون على المساعدة من
الجانب الآخر، وكل ذلك يتم بشكل متقن للغاية".
وأفادت الصحيفة أن
معسكرات التدريب تقع بشكل رئيسي في شمال شرق إيران، في المنطقة المحاذية للحدود
الأفغانية الشرقية والتركمانية الشمالية. كما تؤكد عدة مصادر أمنية وجود معسكرات
في ضواحي مدينة مشهد الإيرانية. وقد أكد مدرب أفغاني سابق، قال إنه شارك في
أكاديمية عسكرية إيرانية كمستشار تدريب لأعضاء حركة طالبان، ذلك بقوله: "أتذكر
عبورنا الحدود على مستوى إسلام قلعة، وهي قرية تقع في شمال مقاطعة هرات. من هناك،
قضينا حوالي ساعتين حتى وصلنا تركمان سارات".
ونقلت الصحيفة عن علي قوله إنه خلال زيارته الأخيرة للمعسكر قبل أقل من سنة
بقليل، فوجئ برؤية المدربين الروس هناك للمرة الأولى. وإن لم يتم إثبات هذا
بالدليل القاطع، إلا أن مراقبا أجنبيا حذر من ذلك مؤكدا أن "هذا أمر منطقي،
لا سيما بالنظر إلى التحالف الإيراني الروسي في سوريا، وخاصة وأن الروس يرسلون
بالفعل أسلحة خفيفة ومعدات عسكرية إلى طالبان".