هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "تسايت" الألمانية تقريرا سلطت من خلاله الضوء على مصير اللاجئين السوريين في حال عودتهم إلى ديارهم، وفي حين تدعي روسيا أنه بات بإمكان اللاجئين العودة إلى ديارهم، تثبت التجارب السابقة أنهم سيواجهون الكثير من الصعوبات وسيكونون عرضة للمضايقات والاضطهاد.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته
"عربي21"، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكد خلال لقائه بالمستشارة
الألمانية أنجيلا ميركل، يوم السبت في قصر ميزيبيرغ، أنه يجب إعادة إعمار المناطق
التي يمكن أن يعود إليها اللاجئون، ولم يقصد بوتين السوريين الموجودين في أوروبا
فحسب، وإنما الملايين الآخرين الذين لجأوا إلى البلدان المجاورة على رأسها الأردن
ولبنان وتركيا.
وذكرت الصحيفة أن بوتين يعتقد أنه دفع ثمنا باهظا
لتدخله عسكريا في سوريا على مدى ثلاث سنوات، ويرى أن ذلك كان كافيا، وعلى الدول
الأوروبية أن تساهم الآن بالأموال من أجل إعادة إعمار سوريا في حال رغبت في التخلص
بصورة سريعة من خمسة ملايين لاجئ وإعادتهم إلى وطنهم.
وأفادت الصحيفة بأن الرئيس الروسي أشار خلال قمة
هلسنكي مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب إلى أن المرحلة الأولى ستشمل رجوع 1.7
مليون لاجئ، من بينهم 890 ألفا من لبنان. وفي السابع من أيلول/ سبتمبر القادم،
ستُعقد قمة رباعية في إسطنبول تضم كلا من تركيا وروسيا وألمانيا وفرنسا، لمناقشة
مسألة إعادة إعمار سوريا.
وقال المبعوث الروسي الخاص للحديث عن شؤون سوريا،
ألكسندر لافرينتييف، إن السوريين يرغبون في العودة إلى منازلهم.
اقرأ أيضا: بوتين لميركل: يجب العمل على إعادة اللاجئين إلى سوريا
وأضافت الصحيفة أن لافرينتييف يعتقد أن الأوروبيين
لديهم مصلحة كبيرة في عودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم، ومن المفترض ألا يخشوا
شيئا ما داموا في أرض الوطن ولا حتى نظام الأسد، ولكن في الحقيقة، ما زالت الشكوك
تحوم حول التصريحات الروسية، وتتعلق هذه الشكوك بالحكومة السورية التي لن تسعى إلى
مساعدة السوريين مرة أخرى على الاندماج والمصالحة، وإنما ستحرص على تصفية الحسابات
مع معارضيها.
ولعل ذلك ما أكده مدير إدارة المخابرات الجوية
السورية اللواء جميل حسن، في تصريح أدلى به خلال اجتماع مع 33 ضابطا سوريا عقد منذ
فترة قصيرة، حينما قال إن "وجود 10 ملايين سوري ينصاعون للقيادة العليا
للدولة، أفضل بكثير من 30 مليون مخرب".
وذكر موقع "ذا سوريان ريبورتر" أن اللواء
جميل حسن مسؤول عن مقتل آلاف السوريين في المعتقلات جراء التعذيب.
وأوردت الصحيفة أنه حسب ما أفاد به حسن فإن هناك
قرابة ثلاثة ملايين سوري على قوائم المطلوبين، ويبدو أن لائحة الاتهام الخاصة بكل
واحد فيهم معدة مسبقا ومحفوظة في الأدراج، وقال اللواء، البالغ من العمر 64 سنة،
"سنعامل هؤلاء معاملة قطيع الأغنام بمجرد وصولهم إلى سوريا، وسنفرز السيئين
منهم، أما الصالحين فسنساعدهم".
وأشارت الصحيفة إلى "وجود ملفات سرية خاصة بحوالي 150
ألف رجل أعمال سوري ورجال أثرياء ساعدوا المتمردين السوريين، وسيوضع هؤلاء الأشخاص
قيد الإقامة الجبرية، وسيجبرون على التخلي عن ثرواتهم من أجل إنفاقها على إعادة
إعمار ما دمروه في البلاد".
اقرأ أيضا: وزيرا دفاع روسيا وتركيا يبحثان قضية اللاجئين السوريين
وذكرت الصحيفة أن الرئيس السوري بشار الأسد يفكر
بنفس العقلية، حيث سبق له أن أكد أنه "بعد ثماني سنوات من الحرب، سينشئ مجتمعا
صحيا وأكثر تجانسا"، ومن خلال هذا التصريح، يقصد الرئيس السوري أنه لا مكان
لمنتقدي النظام في المجتمع الجديد.
وأفاد موقع "زمان الوصل" المعارض للنظام
أنه لا يمكن تجاهل تلك التهديدات، وقد نشر الموقع قائمة تضم 1.5 مليون مواطن سوريا
مطلوبا من قبل أجهزة الاستخبارات التابعة للنظام.
وأبرزت الصحيفة أن هناك دليلا آخر يؤكد أن النظام
السوري جاد في ما يقول، وهو اتفاقيات المصالحة التي عقدت بين النظام والمعارضة في
الغوطة الشرقية ودرعا، فبمجرد أن تضع المعارضة السلاح، سيتم إلقاء القبض على
الجميع، بما في ذلك الأطباء والمسعفين والدفاع المدني السوري والنشطاء المعروفين،
وحتما سيتعرضون للتعذيب، علاوة على ذلك، سيرسل أي رجل يقل عمره عن 43 سنة إلى
الجيش للقتال.
ونوهت الصحيفة إلى أن هؤلاء سيخضعون لأسابيع طويلة
من الفحوصات من قبل أجهزة الأمن، ومن ثم عليهم إعلان ولائهم للنظام وإلا لن
يتمكنوا من العودة إلى أحيائهم السابقة، وحتى من عاد منهم إلى منازلهم، سيتعرضون
باستمرار للتهديدات والمضايقات والاستجواب، كما تم سحب جواز السفر البعض منهم في
حين أجبر آخرون على الإفصاح عن معلومات حول حساباتهم على موقعي فيسبوك وتويتر.
إلى جانب ذلك، يوجد مشكلة أخرى تتمثل في أن كافة
أحياء وقرى الفارين من سوريا قد دمرت ونهبت؛ ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء ولا
مدارس أو حتى مستشفيات، وحسب البنك الدولي، ستصل تكلفة إعادة إعمار البلاد إلى 320
مليار دولار، وعلى بشار الأسد وحلفائه، روسيا وإيران، تحمل خمسة بالمئة من هذه
التكلفة.
وفي الختام، أوردت الصحيفة أن المفوضية السامية
للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تحذر بشكل مستمر من العودة الجماعية للسوريين التي
تروج لها روسيا، ويرجع السبب في ذلك إلى أنه لا يوجد ضامن في سوريا على وجود حياة
آمنة وكريمة، وهو نفس ما تراه الدول الأوروبية، ولهذا السبب، لن تدعم أوروبا عودة
اللاجئين لسوريا حاليا، ما يعني أنها تتخذ موقفا معارضا لسيناريو الرئيس الروسي.