هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أفاد رئيس هيئة التفاوض السورية نصر الحريري، بأنه يعول على الضمانة التركية لمنع معركة في إدلب على غرار ما تعرضت له درعا والغوطة الشرقية وجنوب دمشق من معارك واتفاقيات قضت إلى مقتل المدنيين وتهجيرهم من مناطقهم.
يأتي ذلك في حين تحظى إدلب باهتمام تركي كبير، قد تسعى لعدم التخلي عنها، كما قال محللون في وقت سابق لـ"عربي21"، في حين تعهدت أنقرة مسبقا بأنها لن تسمح "بتكرار سيناريوهات الغوطة وحمص والجنوب في إدلب".
اقرأ أيضا: تركيا: لن نكرر سيناريوهات الغوطة وحمص والجنوب في إدلب
اقرأ أيضا: ما هي سيناريوهات موقف تركيا من أي عملية عسكرية بإدلب؟
واستبعد الحريري هجوما لقوات النظام على إدلب، معتبرا أن المعركة فيها "لن تكون سهلة"، إلا أن الأسد قال الخميس إن الهدف المقبل لقوات النظام هو إدلب.
وقال في مقابلة مع وكالة "فرانس برس" أجريت الخميس في الرياض، ونشرت الجمعة: "لا شك لدي بأن لدى النظام وإيران رغبة قوية بفتح معركة عسكرية في إدلب، لكن أعتقد أن الأمر لن يكون متاحا لهما".
وأضاف: "نتبع كل الإجراءات لحماية إدلب والمدنيين فيها بالتعاون مع تركيا كدولة ضامنة، من أجل تجنيب إدلب هذا المصير العسكري"، مشيرا إلى "نقاشات" تجريها تركيا مع "روسيا كونها اللاعب الأكبر في الملف السوري"، وفق قوله.
اقرأ أيضا: تركيا ترسل تطمينات لأهالي إدلب: "لن نسحب نقاط المراقبة"
ولا تزال محافظة إدلب، التي تسيطر عليها فصائل المعارضة وهيئة تحرير الشام، المحافظة الوحيدة الخارجة بكاملها تقريبا عن سيطرة النظام.
وتعد تركيا وروسيا وإيران الدول الضامنة لاتفاق خفض التصعيد في محافظة إدلب، التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام وفصائل معارضة.
وشكلت إدلب المحاذية لتركيا خلال السنوات الأخيرة، وجهة لعشرات الآلاف من المقاتلين والمدنيين الذين تم إجلاؤهم من مناطق عدة كانت تحت سيطرة الفصائل المعارضة أبرزها مدينة حلب والغوطة الشرقية قرب دمشق.
وتحدث الحريري عن عوامل عدة تحول دون شن هجوم عسكري على المحافظة، بينها أن "المعركة لن تكون سهلة، مع وجود عشرات آلاف المقاتلين من أهالي المنطقة أو الذين تم تهجيرهم من مناطق فرضت عليها التسويات".
وحذرت منظمات دولية من كارثة إنسانية في حال شن هجوم عسكري على إدلب التي تؤوي وفق الأمم المتحدة 2,5 مليون شخص، نصفهم من النازحين.
"حرب استنزاف"
وتنفيذا لاتفاق خفض التصعيد، نشرت تركيا عشرات نقاط المراقبة خلال الأشهر الأخيرة في محافظة إدلب، ما يجعل وفق الحريري "من الصعب على النظام وإيران وروسيا القيام بأي عملية، إلا إذا انسحبت القوات التركية. وإذا لم تنسحب سينبئ ذلك بحرب إقليمية وربما عالمية".
ورأى أن "خيار التهجير" لن يكون ممكنا "إلا إذا أرادت روسيا أن تهجرهم خارج سوريا، وهذا مستحيل، ومن شأنه أن يضع المقاتلين أمام معادلة واحدة هي القتال حتى النهاية".
وقال: "سيؤدي ذلك إلى حرب استنزاف طويلة الأمد، ليس من السهل لأي طرف أن يحسمها، وقد تؤدي إلى كوارث على المستوى المدني، بالتالي ستعيق الوصول إلى حل السياسي".
وأضاف: "لذلك، أعتقد أن معركة إدلب لها حسابات أخرى مختلفة".
خسائر المعارضة
وأقرّ الحريري بـ"خسارات عسكرية مهمة" تكبدتها المعارضة على الأرض في سوريا، إلا أنه شدد على أنها "لم تخسر الحرب"، داعيا إلى تفعيل المسار السياسي للتوصل إلى حل للنزاع المستمر منذ 2011.
وقال الحريري: "عسكريا، خسارات المعارضة هي خسارات مهمة"، لأنه "بإجماع دولي تم وقف الدعم العسكري وغير العسكري عن قوى الثورة والمعارضة، وحتى الدعم السياسي توقف إلى حد كبير.. بالمقابل، تم تفويض روسيا التدخل بالشكل الذي تريد".
وردا على سؤال عما إذا كان هذا يعني أن المعارضة خسرت الحرب، قال: "لا أبدا".
وتابع بأن "المعارضة تراجعت كثيرا عسكريا، وبقي أمامنا المسار السياسي الذي يتم فيه تطبيق بيان جنيف والقرار 2254" اللذين ينصان على مرحلة انتقالية في سوريا يتم خلالها تشكيل حكومة تضم ممثلين عن الحكومة والمعارضة، وإجراء انتخابات.
وتقدمت المعارضة قبل أيام بأسماء مرشحيها لعضوية اللجنة الدستورية الموكل تشكيلها المبعوث الدولي إلى سوريا ستافان دي ميستورا، تنفيذا لمقررات مؤتمر سوتشي الذي نظمته روسيا في كانون الثاني/ يناير، وضم ممثلين عن أطراف سوريين.
ولفت الحريري إلى أن "مسار جنيف متوقف منذ أشهر عدة والأمم المتحدة في وضع يرثى له مثلنا، ولا تستطيع أن تغير شيئا في غياب الإرادة الدولية".
وعقدت خلال السنوات الماضية جلسات تفاوض عدة برعاية الأمم المتحدة في جنيف، ضمت ممثلين عن الحكومة والمعارضة، لم تخرج بنتيجة.
في المقابل، ترعى روسيا ومعها تركيا الداعمة للمعارضة وإيران، حليفة النظام، اجتماعات في أستانا توصلت إلى اتفاقات على خفض التوتر في مناطق عدة. لكن العمليات العسكرية بمساندة روسية وإيرانية والاتفاقات على الأرض حصلت على حساب فصائل المعارضة التي تقلص وجودها، وبات يقتصر على محافظة إدلب في شمال غرب البلاد.
وختم الحريري بالقول: "رهاننا ليس على النظام (...) رهاننا على الدولة التي تدعم النظام، رغم أنها لا تزال تقاتل إلى جانبه وترتكب الجرائم معه.. لكن كونها فُوضت دوليا وكونها اللاعب الأكبر اليوم في سوريا، مع انسحاب معظم الدول من الملف السوري، نحن مستمرون في العملية السياسية وفق المرجعيات الدولية".