هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أظهرت إحصاءات رسمية حديثة في مصر زيادة معدلات الطلاق وتراجع عقود الزواج في مصر في الحضر والريف، على الرغم من الزيادة المطردة في عدد السكان ما يستجوب حدوث العكس.
وحذر استشاريون نفسيون، وإخصائيون اجتماعيون في تصريحات لـ"عربي21" من استمرار تلك المعدلات على هذا النهج لفترات طويلة، وحثوا على ضرورة الحفاظ على تماسك ووحدة الأسرة المصرية من التفكك نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة، والعادات الاجتماعية القديمة، والغربية المستحدثة.
ووفق نشرة الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء السنوية، بلغت عدد عقود الزواج 912,606 عقودا عام 2017 بنسبة انخفاض قدرها 2.8%، وبلغت عدد إشهادات الطلاق 198,269 إشهادا عام 2017 بنسبة زيادة قدرها 3.2%.
إحصائية مقلقة
وأعربت المستشارة الأسرية والنفسيّة، عبير طلعت، عن قلقها حيال تلك الإحصائية، بالقول: "تعد زيادة نسبة الطلاق ظاهرة تدعو للقلق في الآونة الأخيره؛ بسبب عدم الوعي في البداية بالقيمة الحقيقية للزواج وأهميته، وحقوق الزوج والزوجة، والتهيئة للزواج من الناحية المادية والنفسية والاجتماعية".
وأضافت لـ"عربي21": "وكذلك عدم تحمل المسؤولية وغياب الهدف الحقيقي من الزواج، وهو بناء الأسرة والسكن للزوجين والإشباع النفسي والعاطفي للطرفين"، محذرة في الوقت نفسه "من انتشار الانحرافات الاجتماعية كالانحرافات الجنسية، وتعاطي المواد المخدرة".
وحمًلت الظروف الاقتصاديه الصعبة التي تمر بها مصر وما نتج عنها من بطالة جزء من المسؤولية، قائلة: "انتشار البطالة، وارتفاع تكلفة الزواج، وزيادة أسعار السكن، وتجهيزات البيت للعروسين جعلت الكثيرين غير قادرين على تحمل نفقات الزواج".
عدم تحمل المسؤولية
وقال أستاذ علم النفس، واستشاري الصحة النفسية، محمد الحسيني، لـ"عربي21": "يقال في مصر إن كل 6 دقائق توجد حالة طلاق، ما يؤشر إلى وجود ما يسمى بالتقطع الاجتماعي، ودائما نقول إن الشقاق والانفصال هما نتيجة تفكك اللحمة الاجتماعية داخل المجتمع الواحد بسبب المشاكل بين أفراد الأسرة الواحدة".
وأشار إلى أنه "عند بعض مراحل الضعف يزيد الضغط فتكون ردود أفعال الزوج تفتقد للاتزان، لأسباب مادية وأخلاقية تتعلق إما بمتطلبات واحتياجات الأسرة أو بأخلاقيات الزوج نفسه التي تؤدي إلى حدوث شقاق في جسد الأسرة، فيلجأ الزوج للهروب من المسؤولية بالطلاق، وهناك بعد آخر نفسي يقع على عاتق الزوجين يتعلق بعدم قدرتهما على تحمل المسؤولية بمفهومها الواسع".
وفيما يتعلق بتراجع عقود الزواج، أوضح "أن تراجعها قديم ليس بجديد، وهي مرتبطة بالحالة الاقتصادية بالبلاد، كذلك التوجه لتفريغ الطاقات الغريزية لشهوات الكثير من الشباب في أمور أخرى بعيدة عن التزاوج الطبيعي، وبالتالي يصبح من الصعوبة بمكان على الفرد استكمال حياته بشكل طبيعي"، مؤكدا أن "الأسرة هي الوحدة الرئيسية داخل المجتمع، وتعد رمانة الميزان والاستقرار، وفي حال تفككها ينعكس على المجتمع بالسلب أخلاقيا واجتماعيا واقتصاديا".
زيادة المؤثرات وغياب الموروثات
من جهته؛ قال استشاري الطب النفسي والأعصاب، زكريا عبدالحكم، إن "معدلات الزواج باتت في تراجع، وهناك عزوف من قبل الشباب؛ نتيجة عدة أسباب بعضها اقتصادي، كتراجع فرص العمل في الداخل والخارج، وتردي الوضع الاقتصادي، وبعضها اجتماعي كتأثر البعض بالحضارات الغربية، والاتجاه نحو ما يسمى بالحياة (السنجل)".
وبشأن زيادة حالات الطلاق، أكد لـ"عربي21" أن "جزءا كبيرا منها يعود إلى مشاكل اقتصادية واجتماعية، وعدم تحمل المسؤولية، كان في الماضي الأسر في رعاية الأباء لإحتواء أي خلاف بينهم، أما اليوم فالشباب مستقل بنفسه، يفتقر لمفاهيم أساسية تتعلق بالحياة الزوجية، وينفرد برأيه ما يؤدي إلى زيادة حالات الطلاق".
وإذا كانت زيادة حالات الطلاق تتوافق مع رغبة الحكومة في تقليل عدد المواليد، قال: "تدعي الحكومة أن المشاكل الاقتصادية في مصر هي بسبب الزيادة السكانية، وزيادة الإنفاق، ولكن في حقيقة الأمر لا يوجد لدى الحكومة ما يثبت أن تقليل عدد المواليد مرتبط بالتحسن الاقتصادي، ولكن الحكومة تتخذها ذريعة في تبرير فشلها الاقتصادي".
رغبة حكومية
وعلقت الكاتبة الصحفية، المعنية بشؤون المرأة والأسرة المصرية، إلهام محمد عبداللاه، بالقول: "إن زيادة حالات الطلاق، وتراجع عقود الزواج نتيجة طبيعية لارتفاع الأسعار، والبطالة، والتضييق على المواطنين، بفرض الضرائب والرسوم، حتى أصبح الزواج حلم بعيد المنال".
وفي حديثها لـ"عربي21": حملت العادات الاجتماعية السلبية جزء من المسؤولية، قائلة: "تمسك بعض الأسر بعادات قديمة كعدد غرف، والأجهزة المنزلية، والأثات، ووزن شبكة العروسة، وغيرها"، مشيرة إلى أن "الضغوط الاقتصادية تولد ضغوطا اجتماعية تدفع البعض للطلاق".
وأضافت: "بعد إعلان النظام عن وضع خطة لتقليص أعداد المواليد عن طريق وضع هرمونات أو فيتامينات في رغيف الخبز للتأثير على الإخصاب لدى المصريين ينم عن وجود سياسة تدميرية ليست وليدة اللحظة، بل ممتدة منذ خمس سنوات لإرضاء إسرائيل"، على حد قولها.