هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
لوحت أطراف غربية بتوجيه ضربات عسكرية لنظام بشار الأسد، جاعلة الأمر يبدو وأنه بات أقرب من أي وقت مضى، إذ تؤشر حالة السجال الغربي- الروسي إلى بداية تحول حقيقي في التعاطي الأمريكي والأوروبي مع النظام السوري.
وما يدفع الدول الغربية للتهديد بضرب الأسد أنه لم يتورع عن استخدام الأسلحة المحرمة في الغوطة الشرقية وغيرها.
وكشفت رئاسة الأركان الروسية، السبت، عن تحضيرات أمريكية لشن هجمات بصواريخ كروز (مجنحة) على مواقع للنظام السوري، متعهدة بالرد عليها في حال تم استهداف قواتها المنتشرة في سوريا.
وكان رئيس الأركان الفرنسي فرانسوا ليكوانترا قد هدد قبل يومين بعملية منفردة ضد النظام السوري، ما أثار تساؤلات كثيرة حول جدية الأطراف الغربية بتوجيه ضربات عسكرية للنظام السوري، وحول الأسباب التي تؤخرها.
حسم معركة الغوطة
من جانبه، ربط الباحث السوري أحمد الرمح بين توجيه الغرب لضربات عسكرية للنظام السوري وشكل الحل في الغوطة الشرقية.
وأشار إلى وجود مشروعين عسكريين في الغوطة، الأول "إلغائي ديموغرافي" يمثله النظام السوري وإيران، والثاني "تهجيري على مراحل" تمثله روسيا، بموجبه سيتم إجلاء المعارضة في الغوطة إلى أربعة اتجاهات.
وأوضح في حديثه لـ"عربي21" أن روسيا تعد العدة لتمكين النواة الصلبة في جيش الإسلام في مدينة دوما، بينما يذهب باقي عناصر اللواء إلى درعا، أما فيلق الرحمن فمن المقرر روسيا أن يلتحق بفصائل "درع الفرات" في الشمال، بينما يهجر عناصر "تحرير الشام" إلى إدلب.
وقال الرمح: "في حال نفّذ النظام وإيران مشروعهما قبل المشروع الروسي فستكون هناك ضربات محددة لأهداف عسكرية تابعة لإيران والنظام السوري".
وأضاف: "بدأت الولايات المتحدة بالتحرك جديا، وأمس السبت ألقت مقاتلاتها منشورات على جنود النظام بمدينة الميادين في ريف دير الزور الشرقي، تطالبهم بالخروج من المدينة".
وقال: "إن كل ذلك يعني أن الغرب علق تنفيذ الضربات على شكل الحل في الغوطة، أي إن حسمت المفاوضات السرية التي تقوم بها فصائل الغوطة مع روسيا لتطبيق المشروع الروسي لن تكون هناك ضربات، أما في حال دخل النظام ونفذ المذابح في الغوطة فالضربات قادمة لا محالة".
تنافس روسي- غربي
من جانبه، رأى الكاتب الصحفي المتخصص بالشأن الروسي طه عبد الواحد، أن لا مؤشرات للآن تدل على أن الغرب حسم أمره بالنسبة لتوجيه ضربات ضد مواقع النظام السوري واستهدافه حتى في دمشق، معتبرا أن كلا من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا باتت تدرس المسألة بجدية، لكن ليس من أجل ضرب النظام، إنما في سياق التنافس مع روسيا في سوريا، وفق قوله.
وحول ما إذا كانت الضربات مصلحة روسية بالدرجة الأولى كونها ستوجه ضد أهداف إيرانية من شأنها أن تقلص نفوذ طهران المنافسة لموسكو في سوريا، قال لـ"عربي21": "باعتقادي أن الضربات في حال نفذت فلن تؤدي إلى القضاء الكامل على وجود إيران في سوريا، ما قد يدفع بطهران إلى افتعال توتر مع تل أبيب، الأمر الذي لا يصب في مصلحة السياسة الروسية".
واستدرك عبد الواحد بالقول: "لكن قد تخدم هذه الضربات روسيا في حال كانت الأخيرة جادة في الحل السياسي، بمعنى أن هذه الضربات قد تكون أداة ضغط عليه،وهو الذي لا زال رافضا حتى لمخرجات سوتشي".
اقرأ أيضا: أدلة بالغوطة على استخدام النظام للكيماوي وتجاهله التهديدات
وقال: "في الحالة الأخيرة ستلعب الضربات دورا إيجابيا وقد تستغلها روسيا لتلعب دور الوسيط بين النظام والغرب لتدفعه باتجاه حل سياسي يضمن مصالحها".
وتابع عبد الواحد، بأن استمرار روسيا بدعم نظام الأسد يبقى رهنا بحاجتها إليه في سياق مساعيها لإعادة ترتيب النفوذ في الشرق الأوسط مع الغرب.
لم يحن الوقت
"الضربات الغربية للأسد حُسمت" وفق ما ذهب إليه الباحث أحمد السعيد، قبل أن يضيف: "لكن وقتها لم يحن بعد، لأن تنفيذها يعني أن سيناريو التقسيم في سوريا دخل حيز التطبيق".
وأوضح لـ"عربي21"، أن الدول الغربية لن تنفذ الضربات حتى تدرك تماما بأن الأسد لم يعد لديه القوة الكافية ليستجمع قواه ثانية بعد تلقيه الضربة، وحينها سيتقوقع النظام فيما يعرف بـ"سوريا المفيدة" الخاضعة للنفوذ الروسي.
اقرأ أيضا: واشنطن بوست: لماذا يصمت ترامب على جرائم الأسد الكيماوية؟
لكن الباحث في السياسات الدولية هشام منوّر خالف السعيد فيما ذهب إليه، معتبرا أن النظام يزداد قوة، وأن سوريا مقسمة إلى مناطق نفوذ مع هذه الضربات أو بدونها.
وأشار في حديثه لـ"عربي21"، إلى دور إسرائيلي في تنفيذ الضربات في حال نُفذت، لأن إيران ووجودها في سوريا سيكون المستهدف الأول منها.