هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
رغم الإعلان عن عدد من الاتفاقيات بين الجانبين الإيراني والسوري، إلا أن بعض الأصوات في إيران ما تزال تشعر بـ"الخيانة" عندما يتعلق الأمر بالاتفاقيات الروسية السورية، التي لم تبق الكثير للإيرانيين الذي قدموا خدمات للنظام في سوريا لا تقل أهمية عن تلك التي قدمها الروس.
وفي حين صدرت بعض الانتقادات لصغر الحصة الإيرانية في "الكعكة السورية" من وسائل إعلام إيرانية، صدرت انتقادات أخرى من شخصيات إيرانية مقربة من دوائر الحكم ومرشد الجمهورية.
وتشمل الاتفاقيات الإيرانية السورية الموقعة في طهران كانون الثاني/ يناير 2017، مجالات الزراعة والثروة الحيوانية والصناعة والنفط والاتصالات ولم تذكر أي جوانب عسكرية.
وتشمل الاتفاقات منح إيران رخصة مشغل هاتف محمول لتكون الثالثة في سوريا.
أمين عام مصلحة تشخيص النظام الإيراني، الجنرال محسن رضائي، كشف أن إيران أنفقت على الحرب في سوريا 22 مليار دولار مبررا الرقم بأنه يأتي في إطار "الحفاظ على الأمن القومي الإيراني"، بحسب موقع "انتخاب" الإيراني.
لكن رضائي لم يخفِ الغياب الإيراني الاقتصادي في سوريا، قائلا إنه يتأسف لعدم حضور الإيرانيين في سوريا اقتصاديا على المستويين الصناعي والتجاري، داعيا لتعزيز ذلك إلى جانب الحضور العسكري.
وتابع رضائي: "إذا أعطينا دولارا واحدا لشخص ما، فإننا سنأخذ ضعفه".
عضو المكتب السياسي للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، مشيل كيلو قال إن الخلاف على "الكعكة السورية" هو غطاء لما هو أكبر من ذلك، وإن روسيا كما إيران، لا تملك أموالا كافية لإعادة إعمار سوريا.
ولفت إلى أن الثروات الحقيقة في سوريا موجودة في المناطق التي تسيطر عليها القوات الكردية.
والخلاف الحقيقي بحسب ما قال كيلو لـ"عربي21" هو ما تريده كل بلد من سوريا، فالإيرانيون يقاتلون هنالك من أجل الأيديولوجية الإيرانية، والمشروع الإيراني القومي هناك، فيما يريد الروسي موقع قدم في المنطقة لإعادة بعض النفوذ الذي كان يملكه الاتحاد السوفييتي السابق.
ولفت إلى أن الغلبة على الأرض السورية ستكون للروس وليس للإيرانيين، فالمفاصل التي يمتلكها الروس أقوى بكثير من العلاقات الإيرانية السورية التاريخية التي تعود إلى عصر الشاه قبل الثورة الإيرانية.
ومعلقا على كلام رضائي حول إنفاق 22 مليار دولار على الحرب في سوريا، قال كيلو إن الغنيمة السورية بالنسبة للإيرانيين أكبر من أن تحسب بالمال فهي ممر إلى حزب الله في سوريا وضرورة لتثبيت أقدامهم في إيران.
على جانب آخر طالب المستشار العسكري للمرشد الأعلى للجمهورية، يحيى رحيم صفوي، النظام السوري بتسديد فاتورة الوقوف الإيراني إلى جانبه.
وفي ندوة في معهد الدراسات المستقبلية في العالم الإسلامي، قال صفوي: "في سوريا نفط وغاز ومناجم فوسفات، ويمكن لها أن تسدد الفاتورة".
وطالب صفوي بإقامة اتفاقيات طويلة المدى مع سوريا على غرار العقد الروسي العسكري والاقتصادي مع سوريا الذي قال إنه يمتد لـ49 عاما مقبلة.
وكان للإعلام الإيراني نصيب من انتقاد "الحصة الإيرانية"، فكشف موقع "تابناك" الإيراني عن وجود قلق ومخاوف متزايدة لدى طهران من إقصاء الدور الإيراني في مرحلة إعادة سوريا.
وكشف الموقع عن اتفاق سري بين روسيا وسوريا بعدم إشراك إيران بعملية إعادة إعمار سوريا، وقال: "إذا تساءلنا- هل يتم إشراك إيران في عملية إعمار سوريا؟ فالجواب هو- لا؛ لأن بعض المعلومات تشير إلى أن وزراء الحكومة السورية قالوا لبشار الأسد إن إيران لن تتمكن من المشاركة في إعادة إعمار سوريا، لعدة أسباب، من بينها البيروقراطية المعقدة والمشاكل الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها إيران، كما أن النقص في الموارد المالية، وانتشار الفساد، يدفعنا لإقصاء إيران من مرحلة إعادة إعمار سوريا".
صحيفة قانون أيضا شاركت في الانتقاد قائلة إن "الأسد يريد تقليم أظافر إيران بسوريا بعد هزيمة تنظيم الدولة والدخول في مرحلة جديدة".
ووصفت "قانون" بشار الأسد بأنه "بلا مبادئ، وناكر للجميل بسبب اتفاقه مع الروس حول تسليم ملف إعادة إعمار سوريا للروس بدلا من إيران".
واعتبرت الصحيفة أن من حق إيران أن تستولي ولو بالقوة على ما تسميه حصتها من الكعكة السورية قائلة: "إن الحق يؤخذ، ورغم محاولة إخفاء الحقائق حول فقداننا لحصتنا بسوريا من قبل البعض في إيران؛ فإن شعبنا يعلم ويعي ما يحدث لنا بسوريا".
الحصة الروسية
وحتى الآن فإن الحصة الروسية الأكبر في سوريا هي الاتفاق العسكري بين البلدين والذي نشرت صحيفة "واشنطن بوست" بعض بنوده نقلا عن صحيفة "فيدوموستي" الروسية، وأطرافه وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، ونظيره السوري فهد الفريج.
ويحصل الروس على امتيازات عسكرية وقانونية إلى أجل غير محدود من يوم توقيعه في أغسطس/ آب 2016.
وفي 2015 أعطت سوريا القوات الروسية الحق في استخدام قاعدة حميميم الجوية دون مقابل وإلى أجل غير محدد، ووسعتها روسيا لاحقا لتصبح قاعدة جوية عسكرية متكاملة.
وفي مطلع هذا الشهر، وقعت وزارة الكهرباء السورية اتفاقا مع وزارة الطاقة الروسية لتشييد وإعادة تأهيل وتحديث مشروعات محطات التوليد في سوريا، وشبكات وخطوط النقل الكهربائي، بحضور وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك، والوزير السوري محمد خربوطلي.
وفي مجال الطاقة أيضا قالت مراسلة وكالة أسوشيتدبرس الأمريكية، نتاليا فاسيليفا إن الوكالة حصلت في آخر 2017 على اتفاقية من 48 ورقة تتضمن اتفاقا بين شركة أمن وحماية روسية مع المؤسسة العامة للنفط السورية تنص على حصول الشركة على 25% من الأرباح مقابل حماية المنشآت النفطية والغازية السورية.
وحتى قبل الدخول الروسي إلى أرض المعركة في 2013، وقعت المؤسسة العامة للنفط عقدا مع شركة "سيوزنفتا" الروسية للتنقيب عن النفط وإنتاجه في المياه السورية من جنوب طرطوس إلى بانياس بحضور وزير النفط والثروة المعدنية، سليمان العباس، والسفير الروسي في سوريا، عظمة الله محمدوف، ممثلا للشركة.
وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2017 وقعت دمشق وموسكو عددا من الاتفاقيات لزيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين، وذلك عقب اجتماع للجنة الروسية السورية المشتركة للتعاون الاقتصادي والتجاري.
وبحسب موقع "روسيا اليوم" فقد وقع الجانبان اتفاقيات لزيادة حجم التبادل التجاري بين دمشق وموسكو، وفتح الباب لجذب الاستثمارات، وتسهيل إجراءات حصول رجال الأعمال السوريين على تأشيرة دخول سنوية لعدة سفرات، وإعطاء أفضليات وامتيازات للشركات ورجال الأعمال الروس.
وعلى مستوى التعاون الثنائي، وقعت وزارة الداخلية السورية اتفاقية تعاون من نظيرتها الروسية بحضور وزير الداخلية السوري، محمد الشعار، ونظيره الروسي فلاديمير كولوكولتسيف.
وتهدف الاتفاقية إلى التعاون في مسائل؛ محاربة التطرف، ومكافحة الإرهاب، إلى جانب تدريب الكوادر، والتعاون في مجال مكافحة الجريمة وتبادل المعلومات بحسب كولوكولتسيف.
المحلل الروسي، والخبير بشؤون الشرق الأوسط، أندريه أونتيكوف وافق على أن الشركات الروسية ستكون لها حصة في سوريا، خصوصا في ما يتعلق بإعادة الإعمار، لكنه نفى أن يكون هنالك خلاف مع الإيرانيين بهذا الشأن.
وقال أونتيكوف لـ"عربي21" إن المنافسة في سوريا ستكون طبق قواعد السوق الحر، وإن السوريين هم من سيحددون من الأقدر على الإعمار والاستثمار هناك.
وأشار إلى أن إيران أيضا ستحصل على حصتها في السوق السوري وفقا للمصالح المشتركة.
وعن التعاون العسكري الإيراني السوري، قال إن إيران لديها قواعد عسكرية على الأرض السورية، حتى وإن كانت غير رسمية كما هو الوجود الروسي في قاعدة حميميم على سبيل المثال.