هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة "ذا ديبلومات" مقالا لكل من الباحث في جامعة سيؤول الوطنية جون بارك، والباحث في الجامعة الأمريكية في بيروت علي أحمد، يقولان فيه إن الصفقة العسكرية التي عقدتها الإمارات العربية المتحدة مع كوريا الجنوبية، بطريقة سرية، كان يقصد منها بناء المحطة النووية الإماراتية.
ويقول الكاتبان إن "سويلم، هي بلدة صغيرة قرب مدينة أبو ظبي، ويعمل فيها فريق من القوات الخاصة الكورية الجنوبية تحت اسم (الأخ)، وتعمل (وحدة الأخ) هذه تحت شعار (أفضل محاربي القوات الخاصة في العالم ينجزون المهام معا)".
ويشير الباحثان في مقالهما، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه "منذ أن بدأ نشر هذه الوحدة في كانون الثاني/ يناير 2011، فإنه تم إرسال حوالي 1600 جندي كوري جنوبي لتدريب القوات الإماراتية الخاصة، وللقيام بمناورات عسكرية ومهام مشتركة، والمشاركة في عمليات التبادل مع الجيش الإماراتي، لكن هذه الوحدة أصبحت محلا للتحقيق والتدقيق في كوريا الجنوبية، من ناحية طبيعة المهام ووجودها في الإمارات العربية المتحدة".
ويفيد الكاتبان بأنه "تم تسليط الضوء على (وحدة الأخ) ضمن تحقيق يقوم به المحقق الكوري الجنوبي العام، وذلك تحت قيادة الرئيس مون جاي- إن، في الاتهامات الموجهة ضد الرئيس السابق لي ميونغ- باك، الذي تفاوض وحقق اتفاق (روك- الإمارات) لبناء أول محطة نووية هناك، وعمل لي وزيرا للدفاع قبل توليه رئاسة البلاد، واعترف بتوقيع صفقة سرية بين كوريا الجنوبية والإمارات لتنفيذ المشروع النووي، واحتوت الاتفاقية على بند مثير للجدل، يجبر كوريا الجنوبية على التدخل عسكريا لحماية الإمارات العربية المتحدة في حال واجهت أزمة، بالإضافة إلى نشر القوات الخاصة، أي (وحدة الأخ)، وربما وحدات عسكرية أخرى، وتزويد الإمارات بالمعدات العسكرية".
ويعلق الباحثان قائلين: "على ما يبدو فإن البند المثير للجدل كان مهما في حصول كوريا الجنوبية على عطاء لبناء المحطة النووية عام 2009، حيث ظهرت المعلومات عن الاتفاق السري عندما بدأت حكومة مون جاي- إن بمحاولة لإعادة ترتيب علاقتها مع الإمارات، وردت الأخيرة بزيادة الضغوط على مجموعتي (أس كي) و(جي أس) الكوريتين".
ويلفت الكاتبان إلى أنه بعد عقد من توقيع (روك- الإمارات) لبناء أول محطة نووية في دولة الإمارات قرب أبو ظبي، فإن أول وحدتين من 1400 ميغاوات للمنشأة النووية ذات المفاعلات الأربعة على وشك الانتهاء، مشيرين إلى أنه نقل في أيلول/ سبتمبر 2017 عن وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي، قوله إن أول مفاعل سيتم الانتهاء من بنائه في عام 2018".
ويقول الباحثان إن "التبادل العسكري ونشر القوات ليسا جديدين بالنسبة لكوريا الجنوبية، إلا أنه من بين الوحدات العسكرية الكورية العاملة في الخارج، مثل هانبيت في جنوب السودان، ودونغميانغ في جنوب لبنان، ووحدة تشيونغاي المرابطة في القاعدة البحرية على ساحل عمان، فإن (وحدة الأخ) هي المسموح لها بالقيام بمهام عسكرية فردية، والمشاركة في العمليات، بعيدا عن عمليات حفظ السلام".
ويجد الكاتبان أن "ما يجعلها متميزة هو البند المثير للجدل في الصفقة العسكرية (روك- الإمارات)، الذي لا يحتاج لموافقة من المجلس الوطني الكوري الجنوبي للمشاركة في النزاعات، في حال طلبت الإمارات دعما عسكريا، والترتيب ذاته موجود في التحالف (روك- الولايات المتحدة)".
ويبين الباحثان أنه "بالنسبة للسياسة المحلية في كوريا الجنوبية، فإن نشر قوات عسكرية في الخارج للمشاركة في نزاع شرق أوسطي لم يكن ليتحقق لولا وجود هذه الصفقة السرية، وأي محاولة لإقناع المجلس الوطني بالمصادقة على مشاركة كهذه تحتاج لإجراءات دقيقة، وتقتضي دعما من الرئيس والحزب الحاكم، إلا أن الصفقة السرية تجنبت المجلس الوطني وتحايلت على المشرعين".
وينوه الكاتبان إلى أن "هذه الصفقة تكشف عن المخاطر التي كانت حكومة لي مستعدة لاتخاذها؛ من أجل تأمين الحصول على عطاء بناء محطة الطاقة النووية في الإمارات، التي نظر إليها على أنها فاتحة كبيرة لبوابة تصدير التكنولوجيا النووية الكورية الجنوبية للمنطقة".
ويرى الباحثان أنه "من المثير أن حكومة الرئيس الكوري الجنوبي السابقة كانت مستعدة لنشر المصادر الوطنية دون إخبار الرأي العام أو المجلس الوطني، وفي الوقت ذاته التورط في منطقة غير آمنة".
ويستدرك الكاتبان بأنه "مع أنه من غير المثير قيام مزودي التكنولوجيا النووية بالمساعدة، وتأمين المنشآت النووية في الدول التي تشتريها مثل الإمارات، لكن هناك ما يدعو للتساؤل عما إذا فكرت الحكومة الكورية الجنوبية بالتداعيات النابعة من المشاركة في منطقة متفجرة، بالإضافة إلى أن إنكار الرئيس السابق لي معرفته بوجود اتفاقية سرية يزيد من الأسئلة حول كيفية توقيع الصفقة ومن انتفع منها".
ويذهب الباحثان إلى القول إنه "من المفيد الإشارة إلى أن صفقة بناء المحطة النووية الإماراتية كانت موضوعا للنقد في كوريا الجنوبية، وبأنها ليست مجدية تجاريا، وكانت الصفقة بنسبة 20% أقل من معدل الثمن العادي للعطاءات، وتشعر الشركات الفرنسية والأمريكية والفرنسية بالسعادة لأنها خسرت الصفقة الإماراتية التي ربحتها شركة (كيبكو) الكورية، حيث تعلم الآن أن وراء التنازلات المقدمة لها بنودا سرية أخرى".
ويستدرك الكاتبان بأنه "رغم المخاطر كلها، إلا أن حكومة كوريا الجنوبية قررت المغامرة وتوقيع الصفقة، إلا أنه ليس من المعلوم كم ستربح كوريا الجنوبية منها، وهي تحاول البحث عن صفقات في المستقبل".
ويشير الباحثان إلى أن كوريا الجنوبية لم تستطع حتى الآن تكرار نجاحها في الإمارات مع دول أخرى، وتواجه منافسات حادة من دول أخرى تحاول تقديم عطاءات لبناء محطات طاقة نووية في الشرق الأوسط، بما في ذلك الصين واليابان وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة.
ويختم الكاتبان مقالهما بالقول إنه "بناء على هذه الظروف، فإن طريق الصفقات النووية المستقبلية مع دول الخليج لن يكون سهلا".