هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
شكك خبراء ومراقبون في قدرة قائد الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، على حمل رئيس أركان القوات المسلحة المصرية ووزارة الداخلية على استعادة الأمن والاستقرار في شمال شبه جزيرة سيناء المضطربة، في أعقاب مقتل 310 من أبناء سيناء في عملية مسلحة استهدفت جامعا في قرية الروضة بمدينة بئر العبد، الجمعة الماضية.
وخلال كلمته بمناسبة المولد النبوي الشريف، الأربعاء، في قاعة المؤتمرات بجامعة الأزهر، كلف السيسي رئيس الأركان الجديد، محمد فريد حجازي، ووزارة الداخلية، في استعادة الأمن والاستقرار في سيناء خلال 3 شهور، واستخدام كل القوة الغاشمة في التعامل مع الملف.
وعود سابقة
ويأتي تكليف السيسي إعادة لحديثه في شباط/ فبراير 2015، خلال ندوة لرجال الجيش والشرطة بمسرح الجلاء، عندما ألزم قائد القيادة الموحدة لمنطقة شرق القناة، الفريق أسامة عسكر، بالأمر ذاته، قائلا: "أنا بشهد الناس عليك يا أسامة أن أحداث سيناء الإرهابية لا تتكرر مرة أخرى، وأنت أيضا مسؤول بشكل كامل عن تنمية سيناء".
وفي تموز/ يوليو 2015، أعلن المتحدث باسم القوات المسلحة، العقيد محمد سمير، في تصريحات للتلفزيون المصري، أن الجيش المصري بات يسيطر على الوضع الأمني في شمال سيناء بنسبة 100 في المئة.
وفي أيلول/ سبتمبر 2015، أطلق الجيش المصري المرحلة الأولى من عملية "حق الشهيد" في شمال سيناء؛ لاستعادة الأمن، أتبعتها 3 مراحل أخرى، كان آخرها في تموز/ يوليو 2017، دون أن تحقق النتائج المرجوة منها.
وفي تشرين ثاني/ نوفمبر 2015، زعم السيسي أنه تم القضاء على 90% من الإرهاب في سيناء، وقال خلال حواره مع فضائية "BBC عربية" إن "الجيش أستطاع القضاء على الإرهاب في سيناء بنسبة 90%".
تجاوز دور وزير الدفاع
وتعليقا على تصريحات السيسي، قال عضو لجنة الدفاع والأمن القومي، محمد جابر، ببرلمان 2012، لـ"عربي21": إن "تكليف السيسي لرئيس الأركان فيه تجاوز لوزير الدفاع، وإلغاء لدوره"، معربا عن اعتقاده بأنه "لولا تحصينه (وزير الدفاع) بموجب الدستور لأطاح به السيسي، وربما تُستَغل الفترة القادمة، بأحداثها التي تبدو مرسومة، في الإطاحة بوزير الدفاع، واتخاذ الأمر ذريعة لتعديل الدستور".
واعتبر مثل ذلك التصريح هروبا من المسؤولية، قائلا: "كما هي عادة السيسي، يحاول إلصاق الإخفاق بغيره، وكأنه بريء من الدماء التي تراق، وأنه قد كلف باستعادة الأمن في سيناء خلال ثلاثة أشهر".
ورأى أن السيسي يعتمد على ذاكرة المصريين في نسيان وعوده، "لقد تناسى السيسي أن هذه المدة هي المدة ذاتها التي وعد بها منذ أكثر من ثلاث سنوات بأن يستعيد الأمن في سيناء، وفشل في ذلك هو ووزير دفاعه"، متسائلا: "فهل ينجح رئيس أركانه في استعادة الأمن الذي فشلوا فيه جميعا، أم سيضيف فاشلا جديدا إلى قائمة الفاشلين، ويستمر الشعب المصري في دفع الثمن الغالي لهذا الفشل والفاشلين".
السيسي منفصل عن الواقع
بدوره، علق الناشط السيناوي، أبو الفاتح الأخرسي، على تصريحات السيسي بالقول: "هذا الكلام للتسويق الإعلامي، وليس له علاقة بالواقع، ما فشل فيه السيسي خلال أربع سنوات، لن تكفيه 3 شهور".
وأضاف لـ"عربي21" أن هذا "الكلام تكرر قبل ذلك في فبراير 2015، ولكن كان الحديث للفريق أسامة عسكر، وقال له: ستكون مسؤولا عن تحقيق الاستقرار، ولم يتحقق من ذلك شيء، ولن يتحقق".
وتوقع أن "يتكرر الفشل ذاته، بل ونتخوف من أن تزيد عمليات الإجرام في سيناء، بعد تهديد السيسي باستخدام القوة الغاشمة أكثر من مرة"، مشيرا إلى أن "السنوات الماضية استخدمت فيها القوة الغاشمة، فما الذي سيأتي بعد ذلك، فمن يدفع الثمن هم أهالي سيناء، حيث يتم استخدام كل أنواع الأسلحة الثقيلة باتجاه منازلهم".
وفند الأخرسي استراتيجية السيسي في التعامل مع الوضع في شبه جزيرة سيناء، قائلا: "في ظل الإصرار على التعامل العسكري مع الملف الأمني، وإهمال تنمية سيناء، التي تعد بوابة مصر الشرقية، والأمن القومي المصري، كان يجب الاهتمام بالجانب التنموي والاقتصادي، ولكن الدولة تحصد ثمار ما زرعته من إهمال، ومن تمييز وتهميش للمواطنين".
وعود جوفاء
في هذا السياق، أعرب البرلماني السابق عن شمال سيناء، يحيى عقيل، عن أمله في تحقيق الاستقرار والأمن لأهالي شمال سيناء، وقال لـ"عربي21": "أتمنى أن يعود الأمن إلى سيناء، وتبدأ رحلة التنمية فيها، ويأمن أهلها على حياتهم".
ولكنه شكك في تصريحات السيسي الأخيرة، قائلا: "لكن، لا أظن أن السيسي بهذه الطريقة يستطيع إعادة الأمن خلال 3 شهور ولا 3 سنوات"، مشيرا إلى أن السيسي "يعتمد على نظام (اللقطة التلفزيونية)، وتصريحاته كلها تأتي في هذا الإطار، ومن يعد وراءه يتعب".