هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
بعد موقف قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، الذي فاجأ الجميع برفض التساوق مع التصعيد السعودي ضد إيران وحزب الله، تثار عدة تساؤلات حول مدى تغير موقف السيسي من حليفته الرياض ومدى قبول المملكة لهذا الموقف.
وقال السيسي في تصريح له، الأربعاء، إنه "يعارض الحرب"، مطالبا بالحذر في التعامل مع الأزمة، وذلك ردا على سؤال عن توجيه ضربات عسكرية لإيران أو حزب الله، حسبما ذكرت "رويترز".
تصريحات السيسي تأتي في وقت صعب تعيش فيه الرياض على صفيح ساخن، بعد أزمة اعتقال عشرات الأمراء والوزراء ورجال الأعمال، وأيضا استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري من السعودية، بسبب ما أسماه تعرضه لضغوط من حزب الله اللبناني.
كما أن تصريحات السيسي تخالف توجه الرياض بالتصعيد مع طهران، وهو الموقف الذي يجد مؤازرة أمريكية ودعما للمملكة ضد طهران ودعوة من واشنطن لفرض عقوبات على حزب الله.
صفعة أم مصالح
بعض المتابعين اعتبروا أن موقف السيسي هو صفعة للسعودية، فيما رأى آخرون أنه لا يرى إلا مصالحه فقط وملف الإخوان.
وكتب السعودي بدر بن طلال الرشيد، بـ"تويتر" أن "موقف السيسي من حزب الله وإيران ما هو إلا صفعة تضاف إلى الصفعات التي تلقتها السياسة السعودية خلال السنوات الثلاث الأخيرة"، فيما رأي الصحفي المصري مصطفى كامل، أن "السيسي باع السعودية لصالح إيران".
وأشارت الناشطة ياسمين البلتاجي، إلى أن السيسي "لا يهمه حزب الله ولا خطر إيران، وأن ما يهمه هو قطر والإخوان، ومصالحه السياسية في ملفهما والتحالف ضدهما".
اقرأ أيضا : السيسي ضد حرب على إيران وحزب الله.. ويشير لوضع السعودية
فما الذي دفع السيسي لإعلان هذا الموقف رغم التقارب بين محور الرياض والقاهرة؟ وهل يضعف ذلك الموقف السعودي أمام طهران؟ ولأي مدى يشكل هذا الموقف تحييدا مصريا لموقف الرياض وكيف ستتعامل معه المملكة؟ وهل يمكن أن يشكل هذا الموقف نقطة افتراق بين السياسة المصرية والسعودية حيال ملفات المنطقة؟
إسرائيل تجمعهما
وفي رده على تلك التساؤلات قال رئيس الحركة الإسلامية للإصلاح المعارض السعودي الدكتور سعد الفقيه: "لا أظن أن موقف السيسي سوف يؤثر كثيرا على الوضع السعودي أمام إيران"، موضحا أن ذلك "لسببين الأول أن محمد بن سلمان بنى موقفه من إيران دون الالتفات إلى السيسي ولا إلى غيره".
وفي حديثه لـ"عربي 21"، أضاف الأكاديمي السعودي، أن "السبب الثاني هو أن الموقف ضد إيران أصلا موقف شكلي إسمي"، مشيرا إلى أن "كل المواقف العنترية وفتل العضلات التي يمارسها ابن سلمان مقابل إيران ليس لها قيمة"، حسب قوله.
وأضاف الفقيه: "في الحقيقة هو (ابن سلمان) يخدم مشروع إيران رضي أو لم يرض، ودخوله في الحلف الذي يضرب أهل السنة في العراق وسوريا والتخريب لمشاريع الجهاد بسوريا والتي بذلت السعودية لأجلها مالا كثيرا؛ كله في الحقيقة لا يخدم إلا المشروع الإيراني".
وأكد المعارض السعودي، أن "موقف السيسي لن يؤدي إلى فراق مع الرياض"، مضيفا أنه "سبق أن حاول السيسي مخالفة السعودية في قضية اليمن سوريا ولم يحصل شيء واستمرت العلاقة"، موضحا أن "علاقة السعودية والسيسي مبنية على إرضاء وخدمة إسرائيل".
وقال الفقيه إن "السعودية ومصر والإمارات وإسرائيل كلهم محور وفريق واحد ينفذون مشروعا واحدا ليس ضد إيران بل ضد شعوب المنطقة وضد أهل الدين وضد أهل السنة ولتمييع الدين"، مؤكدا أن كل ذلك "لخدمة إسرائيل وتحقيق التطبيع معها بشكل نهائي والرضا بها ككيان بهذه المنطقة".
وتوقع رئيس المكتب السياسي للجنة الدفاع عن الحقوق الشرعية، أنه بالرغم من موقف السيسي فإن "الدعم المادي والمعنوي السعودي له سيستمر وربما يزيد"، موضحا أن "السيسي بهذه الطريقة يريد أن يلوي ذراع محمد بن سلمان الذي سيستجيب لضغوطه في النهاية".
انتهازي مصالح شخصية
وبسؤال مساعد وزير الخارجية الأسبق الدكتور عبدالله الأشعل، حول أسباب موقف قائد الانقلاب، أكد أن "السيسي لا يتمتع بالرؤية كما أنه ليس لديه مصداقية"، مضيفا: "وفي أحسن الأوصاف هو انتهازي يتاجر بمصر لمصالح شخصية، وهو يعرف أنه مصاب جينيا بانفصام الشخصية ولذا يتصرف وفق غرائزه ويتكلم للخداع".
السفير السابق، قال لـ"عربي21"، إن "الخليج وأمريكا وإسرائيل يعرفون شخصية السيسي تماما، ولا يعملون له حسابا"، مؤكدا أن هذا الموقف من السيسي لا يضعف الوضع السعودي أمام طهران بكل الأحوال، موضحا أن "لكل من الرياض وطهران حسابات مختلفة"، مضيفا: "ومساء الأربعاء، كنت في مداخلة هاتفية ببرنامج عبر قناة (العالم) ووجدت أنهم يخافون من تصريحات السيسي؛ وهذا أمر طبيعي".
اقرأ أيضا : السيسي: مصر لا تدرس اتخاذ إجراءات ضد حزب الله
واعتبر الأشعل أن موقف السيسي برفض الحرب ضد إيران وحزب الله ليس تحديا منه لموقف المملكة ولا يستوجب ردا من الرياض عليه، مضيفا بقوله: "لا تعتبر الرياض موقف السيسي تحديا؛ بل دليل جديد على أنه إما مُضلِل لإيران بالترتيب مع الرياض أو أنه حليف (الرز) فقط".
وحول احتمالات أن يشكل موقف السيسي نقطة افتراق بين السياسة المصرية والسعودية حيال ملفات المنطقة، أوضح الأشعل، أن "الافتراق قائم بالفعل؛ ولكن السيسي يعتمد نفسيا على السعودية"، مضيفا: "ولكني أشعر أنه شامت بتصريحه المؤيد للإجراءات السعودية ضد بعض الأمراء والمسؤولين، ولكنه يتمنى زوال السعودية حتى لا تلاحقه مستقبلا بدعمهم له ضد الإخوان المسلمين".
مزيد من المعونات
ويرى الباحث السياسي عبد الله النجار، أن رفض السيسي فكرة المواجهة العسكرية مع إيران قد تكون إحدى محاولات الضغط منه على الرياض.
النجار قال لـ"عربي21": "فقط هو يعلم أن السعودية لن تدخل أبدا في حرب مع إيران"، مضيفا: "كما أن الولايات المتحدة رغم أنها تريد معاقبة إيران والضغط عليها؛ إلا أنه ليس لأي أحد مصلحة في حرب مع طهران".
وتوقع الباحث المصري، عدم نشوب حرب في هذا الإطار، وقال: "ولما كانت الولايات المتحدة هي التي تحرك كثيرا من الخيوط في المنطقة مباشرة أو عبر أنظمة تنفذ سياستها؛ فلا يتوقع إطلاقا حرب قريبا".
وأوضح النجار "أن الحرب على إيران سواء قامت بها واشنطن مباشرة أو عبر السعودية معناها إطلاق صواريخ تجاه آبار النفط وناقلات البترول واشتعال المنطقة وتضاعف أسعار البترول".
وختم حديثه قائلا "لكن بحسابات الضغوط فقد يكون ذلك الموقف المصري نوعا من الضغوط غير المباشرة على السعودية للحصول على مزيد من المعونات".