بعد منعه من السفر للتكريم بالخارج سفراء أوروبا يكرمونه بالقاهرة.
* حقوق الإنسان لا تتجزأ.. وتصريحات السيسي في فرنسا تدينه
* حديث السيسي عن وجود 40 ألف منظمة حقوقية غير دقيق
* السلطات المصرية تستغل التقارير الحقوقية إذا كانت ضد تركيا وقطر
* لا يوجد انتخابات رئاسية مقبلة.. وما سيجري أشبه بالاستفتاء
* السلطات تضيق الخناق على العمل السياسي والحقوقي معا لإسكات جميع الأصوات
انتقد الحقوقي المصري البارز؛ تصريحات قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، في معرض رده على سؤال بشأن حقوق الإنسان في مصر، بأنه لا يجب قصر حقوق الإنسان في الأمور السياسية فقط، بل يجب الحديث عن حقوق الإنسان المصري في مجالات التعليم والصحة والإسكان أيضا.
وأكد الناشط في مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، في مقابلة خاصة مع "
عربي21"، أن حقوق الإنسان لا تتجزأ، موضحا أن تصريحات السيسي خلال مؤتمر صحفي مع الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون الثلاثاء، "تدينه" فيما يتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمصريين؛ لأنها تتطلب توفير الموارد اللازمة في الموازنة العامة للدولة، وهو ما لم يتحقق.
وكان زارع، وبعد منعه من السفر من قبل السلطات المصرية لتسلم أرفع جائزة دولية في مجال حقوق الإنسان، قد تم تكريمه من قبل سفير الاتحاد الأوروبي في مصر، إيفان سوركوس، و12 من سفراء الدول الأوروبية، الخميس، بمناسبة حصوله على الجائزة الحقوقية الدولية، ولدوره البارز في الدفاع عن حرية الرأي والتعبير.
وجائزة مارتن إينالز، التي توصف بـ"جائزة نوبل لحقوق الإنسان"، هي جائزة سنوية تمنحها لجنة تحكيم من عشر منظمات حقوقية دولية.
ولم يتمكن زارع من السفر لجنيف لاستلامها بسبب منعه من السفر منذ مايو/ أيار 2016، حيث يواجه اتهامات قد تصل عقوبتها إلى السجن المؤبد، وتتعلق بتلقي تمويل "من جهات أجنبية" بهدف الإضرار بالأمن القومي.
وفيما يتعلق بـحديث السيسي عن وجود 40 ألف منظمة لحقوق الإنسان تعمل في مصر بحرية، أكد زارع أنه كلام غير دقيق؛ "لأنه يقصد المنظمات الخدمية والتنموية، وليست المنظمات المعنية بحقوق الإنسان، والمناهضة للتعذيب".
وأكد لـ"
عربي21" أن السلطات في مصر توجه اتهامات جزافية للمنظمات الحقوقية العاملة في مجال الحقوق والحريات، بل إنها تستغل تقارير تلك المنظمات إذا كانت ضد دول بعينها، مثل تركيا أو قطر، وترفضها إذا كانت تتعلق بالوضع الحقوقي في مصر، وهو ما اعتبره "تناقضا مع النفس".
ورأى زارع أن
انتخابات الرئاسة المقبلة، التي ستجرى منتصف حزيران/ يونيو، ستكون أشبه بعملية استفتاء، وليست انتخابات رئاسية حقيقية.
وإلى نص الحوار:
* ما تعليقك على رد السيسي على سؤال أحد الصحفيين في قصر الإليزيه بشأن حقوق الإنسان في مصر، حيث أجاب بضرورة إثارة موضوع حقوق الإنسان المصري في التعليم والصحة؛ بدلا من الحديث فقط عن الحقوق والحريات؟
- هو (السيسي) يدين نفسه؛ فالحقوق الاقتصادية والاجتماعية تتطلب من الدولة اتخاذ خطوات إيجابية بتوفير الاحتياجات من خلال توفير الموارد، أما بالنسبة للحقوق المدنية والسياسية فتتطلب أن الدولة تكف عن انتهاكها، فالتعذيب حتى ينتهي يجب أن تكف الدولة عن التعذيب. الدولة لا توفر المواد اللازمة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية. فبالنظر إلى الموازنة العامة للدولة 2017- 2018، نجد أن الحكومة تحايلت على بندي الصحة والتعليم، بالرغم من وجود التزام دستوري بحد أدنى لهما في الموازنة العامة للدولة.
* ما ردك على قول السيسي بأن هناك 40 ألف منظمة تعمل في مصر بكل حرية في حين تشتكون من أوضاع المنظمات؟
- هذا كلام غير صحيح. هو يتحدث عن 40 ألف جمعية مشهورة، وليست كلها تعمل. وهو هنا يقصد الجمعيات الخدمية، والتنموية، ولا يقصد المنظمات الحقوقية، فهناك عداء بينه وبين تلك المنظمات بالأساس. في نهاية المطاف؛ قانون الجمعيات الأخير سوف يقلص العدد الذي يتفاخر به لأقل من ذلك بكثير، بسبب القيود المفروضة عليها في القانون الجديد الذي أقره.
* بماذا تفسر التناقض بين ردود فعل حكومة السيسي بشأن البيانات التي تصدر بحق مصر والأخرى التي تصدر بحق دول مثل تركيا وقطر؟
- الدولة طوال الوقت تحاول القول بأن تقرير المنظمات الحقوقية مسيسة. ولكن الحقيقة أن الدولة المصرية هي التي تستخدم تلك التقارير في أغرض سياسية، فمثلا عندما تصدر منظمة هيومن رايتس ووتش تقريرا يدين قطر تستخدمه وتصدره، وعندما تصدر نفس المنظمة تقريرا عن التعذيب في السجون بمصر تقوم بحجب الموقع في نفس اليوم.
* هل تعتقد أنه يمكن إجراء انتخابات رئاسية نزيهة في ظل حالة الطوارئ المعلنة منذ شهور؟
- الأجواء السياسية الموجودة حاليا لا توحي بإجراء انتخابات أصلا، فما سيحدث هو شيء أشبه بالاستفتاء؛ بسبب الأجواء السياسية والإجراءات الأمنية، والتضييق على الأحزاب والشخصيات السياسية. فمثلا المحامي والحقوقي خالد علي عندما تراءى أنه قد يصبح مرشحا محتملا للرئاسة؛ تم تلفيق قضية له. فالأجواء الحالية لا تدل على وجود نية لإجراء انتخابات حقيقية.. أي شخص يفكر في ترشيح نفسه سيكون عملا انتحاريا.
* بماذا تفسر غياب المنظمات الحقوقية عن الساحة الإعلامية؟
- لا أستطيع القول إننا لسنا موجودين، ولكن الوضع أصبح مختلفا. الآن نحن نعمل بطرق مختلفة، ولكن على أرض الواقع الأمر به مخاطر. فمن أين لك المكان الذي ستعقد فيه المؤتمر؟ وأي وسيلة إعلام سوف تأتي لتغطية المؤتمر إذا كان ضد انتهاك الحقوق والحريات أو ضد التعذيب في السجون؟ حتى المواقع المصرية وغير المصرية حجبت في مصر.. كـ"
عربي21" و"العربي الجديد" و"مدى مصر" و"مصر العربية"، وغيرها. فكيف سيمكنهم تغطية الحدث دون ملاحقات أمنية؟
الإعلام في مصر أصبح تقريبا صوتا واحدا، وهناك بعض الأصوات موجودة ولكن على استحياء، فالإعلام شبه مؤمم.
* لماذا يتم دائما اتهامكم بالخيانة والعمالة وتلقي تمويلا من الخارج؟
- لا يمكن أن تتلقى أي منظمة أموالا خارج مراقبة الحكومة. الهدف ليس إسكات المنظمات، فقط إنما إسكات أي صوت حر أو معارض أو مستقل في مصر. ما يتعرض له نشطاء حقوقيون يتعرض له نشطاء سياسيون وإعلاميون وصحفيون أحرار. الفكرة هي إسكات جميع الأصوات المستقلة.
* ماذا تعني لك جائزة مارتن أنالز الحقوقية؟
- الجائزة لها قيمة معنوية كبيرة لدي بالطبع، وأعتز بالحصول عليها، وموجهة لعشرات الآلاف في السجون، والقتل خارج إطار القانون، وللحركة الوطنية المصرية ونضالاتها.