قضايا وآراء

تجريف الكفاءات والخبرات والمواهب!

خالد الأصور
1300x600
1300x600
الكفاءات في أي مجتمع، سواء على مستوى الفرد أو المؤسسة، هي القدرة على إنتاج عمل متميز منافس باستخدام العلم والمعرفة والخبرة والتخطيط والتنظيم والإبداع في شتى مجالات العلوم والفنون.

والأمم والدول في مراحل تراجعها الحضاري، تشهد حالة تجريف وتيئيس لتلك الكفاءات. وسأضرب مثالين في حقلين مختلفين لم أتشرف بلقاء أي منهما أو التعرف بهما إلا عبر كتاباتهم.

أحدهما هو الدكتور سيد شعبان الأستاذ بجامعة الزقازيق أديب متفرد فذ، حروفه وكلماته تنز إبداعا وعبقا كأنه يعب من وادي عبقر.. وأقسم صادقا أنه من الأدباء رفيعي المقام المعدودين في مصر، ولكنه مع ذلك نموذج صارخ لحالة تجريف الكفاءات والخبرات والمواهب، فالرجل رغم قامته اليافعة أدبيا، لا يكاد يجد.

نافذة لنشر إبداعاته السامقة إلا عبر صفحته الشخصية في النافذة الزرقاء (فيسبوك) وبعض المواقع الإلكترونية والمجلات الثقافية، وهو في هذا يمثل شريحة ليست بالقليلة من مهضومي الحقوق والفرص التي يستحقونها عن جدارة.

أما أنصاف المواهب من ذوي العلاقات العامة الواسعة ومتعهدي النفاق ومسح الجوخ من رواد حظيرة المثقفين الفاروقية التأسيس، فيتصدرون المشهد الثقافي والأدبي بفضائياته وصحفه ومجلاته ومناصبه وعضوية لجانه وجوائزه ورحلاته وأسفاره، رغم تواضع أسفارهم.

وهذه الحالة من التجريف ليست قاصرة على المشهد الثقافي، بل تبدو كذلك في المشهد الصحفي والإعلامي والأكاديمي، وهي تقودنا إلى نموذج من حقل آخر؛ فرجل بارز بحجم الأكاديمي والخبير الاقتصادي الكبير ذي الحضور الدولي الدكتور نادر فرجاني، لا يجد هو الآخر منفذا لتحليلاته الاقتصادية والسياسية إلا عبر فيسبوك، رغم أن الرجل "لا منتمي"، وليس له أي انتماءات سياسية لحزب أو جماعة، ولكن لمجرد كونه معارضا شريفا وناقدا موضوعيا للتوجهات الاقتصادية الحالية يجري تهميشه، رغم أنه المشرف على تقرير التنمية الإنسانية العربية التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

إن هذه الحالة المزرية من تجريف الخبرات والكفاءات والمواهب وإقصائهم عن ممارسة دورهم في النهوض بالبلاد على الأصعدة كافة، نتيجته الطبيعية هي إقصاء مصر وتراجع دورها الإقليمي والعربي، وانحسار قوتها الناعمة لتحل محلها دولة مثل هامشية مثل الإمارات، أصبح لها كلمة مؤثرة على صانع القرار المصري.. ولله الأمر من قبل ومن بعد.
التعليقات (0)