قضايا وآراء

هجوم لاس فيجاس.. رمتني بدائها وانسلت!

خالد الأصور
1300x600
1300x600
ما إن تتداول وسائل الإعلام ووكالات الأنباء العالمية خبرا عن هجوم أوقع عددا من الضحايا؛ إلا وتردفه باحتمال أو ترجيح أنه "إرهاب إسلامي" ربما قام به متشددون إسلاميون.. هكذا دون أي مؤشرات أو دلائل أو تحقيقات جدية. وقد جرى ذلك كثيرا منذ حادث تفجير مبنى أوكلاهوما سيتي بالولايات المتحدة عام 1995 وأوقع 168 قتيلا ومئات المصابين، وجرى فيه توجيه أصابع الاتهام في البداية لما وصفوه بـ"الإرهاب الإسلامي"، ثم اتضح أن من قام بالهجوم "أمريكي مسيحي" هو "تيموثي ماكفاي".

ويعيد التاريخ نفسه بعد 22 عاما، وفي الولايات المتحدة أيضا، ففي يوم الاثنين الماضي قام "أمريكي مسيحي" مسن يبلغ عمره 64 عاما، يدعى "ستيفن بادكوك" بتنفيذ مذبحة مروعة أخرى أثناء حفل موسيقي يحضره الآلاف، ما أسفر عن قتل 59 وإصابة أكثر من 500 شخص.

وبين هاتين العمليتين الإرهابيتين؛ العشرات غيرها من العمليات الإرهابية التي تم توجيه الاتهام فيها إلى "إسلاميين" أو "جماعات ومنظمات إسلامية"، ثم اتضح أنه لا أساس من الصحة لهذه الاتهامات المتعجلة المترصدة، وهو ما بدا واضحا في المذبحة الأخيرة التي أعلنت الشرطة الأمريكية أنها تستبعد أي دوافع "إرهابية" حولها، ورغم ذلك جرى الترويج إعلاميا لما زعمته ما تسمى بوكالة "أعماق"، المتحدث الإعلامي باسم تنظيم الدولة (داعش) - ذي النشأة والصلات المخابراتية الدولية - من أن منفذ العملية ينتمي للتنظيم وأسلم قبل عدة شهور (!!)، وهو زعم لا دليل عليه ويدعو للسخرية، ورغم ذلك جرى الترويج له إعلاميا.

والمتتبع لوسائل الإعلام الغربية يلاحظ مؤشرات خطيرة للعداء والتشويه الإعلامي والثقافي المتزايد ضد الإسلام والمسلمين والجاليات الإسلامية هناك، وتشكيل صورة نمطية ثابتة يجري إلصاقها بالعرب والمسلمين تصمهم بالعنف والإرهاب والهمجية والرجعية والتخلف، وأصبحت صحف ومجلات كبري في أوروبا تبرز عناوين رئيسة في غاية الإثارة والاستفزاز، وتحذر من قدوم خطر "الراية الخضراء - الإسلام" مثل: "الله يحتل العالم!!"، "هل يقبرنا الإسلام؟!"، "الوجه القبيح للإسلام!!"، "ظلال المآذن المتطاولة"، "أوروبا المسلمة!!"، "الإسلام يملأ الفراغ بعد انحسار الشيوعية"، "القرآن والكلاشينكوف". وظهرت "حرب المصطلحات": (المتعصبون، الأصوليون، المتطرفون، الإرهابيون، الخطر الإسلام، الأصولية الإسلامية).

وهذه الصورة النمطية السلبية التي يتم تنشيطها عقب كل عملية إرهابية في المجتمعات الغربية منسوبة لإسلاميين، تلقي بظلالها وانعكاساتها السلبية على العالم العربي والإسلامي وعلى الجاليات العربية والاسلامية المقيمة هناك، ومن أبرزها: تزايد النزعة العنصرية ضدهم واتساعها، وصياغة نموذج نمطي ثابت يقرن الإرهاب بالإسلام والمسلمين والعرب، وتشديد قيود ورقابة الشرطة على المقيمين من المسلمين إقامة قانونية، ومضاعفة أنشطة الطرد لمن لا يحمل بطاقة إقامة، أو لم يستكمل أوراقها، ناهيك عن التشدد البالغ في منح تأشيرات الدخول.

وهذا التشويه الإعلامي الغربي الممنهج يقتضي من منظمة التعاون الاسلامي وجامعة الدول العربية، ومؤسساتهما الإعلامية والثقافية، إعداد خطة للتحرك الإعلامي على الساحة الغربية، وتفنيد الدعاية المضادة للإسلام، باعتماد مبدأ الدعاية "الهجومية" وليس "الدفاعية"، وإيجاد جسور من التعاون الفعَّال مع قادة الرأي والفكر والإعلام والصحافة، وتأهيل الكوادر الإعلامية من أبناء الجاليات في المؤسسات الإعلامية والتعليمية والثقافية للتعامل مع هذه القضية.
التعليقات (0)

خبر عاجل