نشرت صحيفة "التايمز" تقريرا للصحافي أنثوني لويد، يقول فيه إن رجال المليشيا لم يشعروا بكثير من الخجل عندما تحدثوا عن قيامهم بقطع رؤوس أربعة سجناء ونشرها على جانب الطريق؛ تحذيرا للجهاديين من دخول منطقتهم.
وينقل التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، عن مقاتل ضخم البنية، قوله مبتسما: "هذا هو من قطع رؤوسهم"، مشيرا إلى مقاتل نحيف يقف بجانبه، حيث ابتسم الرجل المتهم وقال: "كان في الواقع بعض رجالي"، دون أن يبدو عليه أي انزعاج يزيد عن كونه جنديا كشف ارتكابه لجنحة صغيرة.
ويشير الكاتب إلى أن الفعل المذكور، الذي كان انتقاما لقيام
تنظيم الدولة بقطع رؤوس أربعة مقاتلين محليين، ثم اللعب بالرؤوس كأنها كرات قدم، تسبب بغضب الحكومة الأفغانية وشجب دولي، بعد أن نشرت صور الرؤوس المدماة على الإنترنت.
وتستدرك الصحيفة بأن رجال المليشيات هؤلاء يعدون أبطالا في منطقة آتشين في أقليم نانغرهار، حيث يشكل رجال المليشيا هؤلاء جزءا من قوة انتفاضة شعبية أوقفت تمدد تنظيم الدولة إلى مناطقهم في معارك طاحنة وقعت قبل أن تصل وحدات الجيش الأفغاني والقوات الأمريكية لمساعتدتهم.
وينقل التقرير عن عبد المطلب، وهو قائد لقوة قوامها 500 متطوع من آتشين، قتل منهم 45 شخصا خلال الحرب التي امتدت ثلاث سنوات ضد تنظيم الدولة، قوله: "دوننا لن يكون للحكومة وجيشها وزن هنا.. نحن نعرف أي طرق تؤدي إلى أي أودية وأين نجد العدو، ماذا عن الجيش الأمريكي والأفغاني؟ إنهم مجرد غرباء يلعبون هنا".
ويذكر لويد أن منتقدين، بمن فيهم ضباط الجيش الأفغاني ومسؤولون حكوميون وناشطون حقوقيون، يتهمون المليشيا بكونها قوة شبه عسكرية متوحشة تتضمن التهريب والسرقة والاختطاف.
وتقول الصحيفة: "علي أي حال، فإن المليشيا في نانغرهار على وشك أن يتم تنظيمها لتصبح جزءا من قوة أفغانية جديدة هي الجيش الإقليمي الأفغاني، وهو آخر نسخة من عدة قام قادة الجيش الأفغاني والناتو بإنشائها على مدى الستة عشر عاما الماضية؛ لحل أكبر مشكلة تواجههم، ألا وهي الحفاظ على الأرض بعد الاستيلاء عليها".
ويورد التقرير نقلا عن ضابط أمريكي، قوله، بشرط عدم ذكر اسمه: "الحفاظ على الأرض مسألة أساسية.. وبهذا الهدف نريد إنشاء قوة إقليمية، ابتداء في إقليم نانغرهار وإقليمين آخرين، مع أن ذلك لا يزال في المراحل الأولى".
ويلفت الكاتب إلى أن ما أعطى خطة الإنشاء هذه القوة هو إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن استراتيجية مراجعة في أفغانستان في آب/ أغسطس، حيث حولت نشر القوات الأمريكية إلى نشر يعتمد على الظروف، بدلا من النشر الذي يعتمد على الالتزام ببرنامج زمني معين، وتمت إضافة 3800 جندي أمريكي إلى 8400 جندي كانوا موجودين في البلاد أصلا، وتم إرسال وفد مكون من مسؤولين أمريكيين وأفغان إلى الهند؛ لمشاهدة كيفية عمل الجيش الإقليمي هناك، حيث تم نشر قواته في مناطق، مثل كشمير، لتخفيف الضغط عن الجيش النظامي.
وتفيد الصحيفة بأن الخطة الأفغانية تسعى لإعادة تدريب حوالي 20 ألفا من المقاتلين المحليين، ثم وضعهم تحت قيادة الجيش، مستدركة بأن منظمة "هيومان رايتس ووتش"، التي استذكرت التجاوزات العديدة التي ارتكبتها المليشيات الأفغانية سيئة الضبط، بما في ذلك القتل العشوائي والاغتصاب والخطف، شجبت الفكرة، وقالت: "يشكل وجود جيش إقليمي أفغاني قليل التدريب وقليل المتابعة مخاطرة بخلق مليشيا معتدية أخرى تعمل خارج سلسلة الأوامر العسكرية".
ويجد التقرير أن "فكرة أن يصبحوا جزءا من قوة نظامية تحمل جاذبية لرجال المليشيا، حيث كان يمولهم أصلا الحاج عبدالظاهر قادر، سليل عائلة شهيرة من المجاهدين في نانغرهار، وتحتفظ بسلطة كبيرة في الإقليم، بالرغم من التهم المستمرة بالتورط في تجارة المخدرات، وفي عام 2015، وبعد عام من بدء الحرب ضد تنظيم الدولة، تحول تمويل المليشيا وتجهيزها في نانغرهار إلى المخابرات الأفغانية (إن دي أس)، التي تتعاون تعاونا وثيقا مع وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه)".
ويستدرك لويد بأنه بدلا من تنظيم المليشيا، وإخضاع نشاطها للسيطرة المركزية، فإن ذلك التحرك أدى إلى سخط أعضاء المليشيات؛ بسبب إفساد نظام الرواتب، حيث يقول المسؤول عن تسليمهم رواتبهم في آتشين الحاج مروان خبالواك إن (إن دي أس) متأخرة 9 أشهر في دفع الرواتب، بالإضافة إلى أن مخزونهم من الذخائر بدأ ينضب.
ويضيف المسؤول: "لقد تركنا (إن دي أس) بعدة سيئة نحاول مقاتلة عدو مسلح تسليحا جيدا، بذخائر قذرة من أوقات الاحتلال الروسي، وبعض الصواريخ، وتجديد ضعيف.. وإن كانت فكرة الجيش الإقليمي أفضل لنا ولمجتمعنا سنوافق عليها".
وتبين الصحيفة أن رجال المليشيا الفخورين بإنجازاتهم، يستخفون بالجيوش النظامية المحلية والأجنبية، ويسخرون من تكلفة القنبلة الضخمة المسماة أم القنابل كلها، التي أسقطت على كهوف تابعة لتنظيم الدولة في آتشين في نيسان/ أبريل، حيث قال مالك ديقهان، وهو قائد آخر في المليشيا: "قالوا لنا إن تكلفة تلك القنبلة 17 مليون دولار.. كان يجب أن يمنحونا تلك الأموال لنشتري بنادق وأسلحة، لكنا أنهينا المهمة، وبعدها يمكن للجميع أن يتركونا وشأننا".
ويذهب التقرير إلى أن التزام هذا الشخص في محاربة تنظيم الدولة غير مشكوك فيه، حيث جرح قبل عام خلال هجوم انتحاري لتنظيم الدولة على مجمعه في منطقة نزيان المجاورة، وقتل في الهجوم 11 شخصا، بينهم أولاده الثلاثة, البالغون من العمر ثلاثة وخمسة وثمانية أعوام، بالإضافة إلى أنه يقاتل هو ورجاله حركة
طالبان، وقال: "ليس لدينا خيار آخر سوى القتال هنا".
وتختم "التايمز" تقريرها بالإشارة إلى أنها عادت بالسؤال مرة أخرى للزعامات، فقال عبدالمطلب، الذي يبدو عليه الانزعاج من الجلبة "حول قطع رؤوس مقاتلي تنظيم الدولة": "اعتقلنا ستة من تنظيم الدولة أحياء، فسلمنا اثنين منهم للمخابرات (إن دي أس)، وسلمنا واحدا لكل عائلة من العائلات الأربع التي قطعت رؤوس أولادها لتأخذ بثأرها.. ثم قمنا بوضع الرؤوس على الطريق، وغضبت منا الحكومة جدا بخصوص الموضوع، لكني قلت لهم: (اسمحوا لنا أن نفعل معهم ما يفعلونه معنا)".