نشرت صحيفة "صندي تايمز" تقريرا لمراسلتها لويز كلاهان، عن التطورات في محافظة
إدلب السورية، تقول فيه إن تنظيم
القاعدة يحكم قبضته على المحافظة، في الوقت الذي تنشغل فيه الولايات المتحدة بملاحقة
تنظيم الدولة.
وتبدأ كلاهان تقريرها بالقول: "في محافظة إدلب، شمال غرب
سوريا، أجبرت طالبة في الجامعة على تغطية وجهها، ولاحق قتلة إسلاميون قادة من المعارضة المعتدلة، فيما اختفى عضو في مجلس محلي دون ترك أي أثر؛ نظرا لدعمه الأساليب الديمقراطية".
وتعلق الكاتبة قائلة إن "هؤلاء كانوا ضحايا تنظيم القاعدة، الذي أصبح وبشكل هادئ من أكثر القوى المؤثرة في سوريا، في وقت يركز فيه الغرب على سحق تنظيم الدولة".
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن تنظيم القاعدة عمل في السنوات الماضية على تدمير أو استيعاب بقية الجماعات المسلحة في إدلب، التي تعد منطقة معارضة دائمة لنظام بشار
الأسد، لافتا إلى أنه يطمح الآن بحكم المنطقة دون منازع.
وتنقل الصحيفة عن أسامة حسين (34 عاما)، وهو عضو المجلس المحلي الذي فرّ من المنطقة إلى تركيا الشهر الماضي، قوله: "إنهم خطرون"، وأضاف: "لا نستطيع وقفهم، ويحاولون جذب السكان لتقبلهم، لكنهم لم ينجحوا، وعاجلا أم آجلا سيظهرون وجههم الحقيقي".
وتعلق كلاهان قائلة إن استراتيجية تنظيم القاعدة كانت التعلم من أخطاء تنظيم الدولة، الذي يواجه انهيارا محتوما، حيث يقول السكان إن تنظيم القاعدة حاول كسب عقولهم وقلوبهم، بدلا من فرض قوانين تعسفية عليهم، وقام أتباعه بتسيير قوافل المساعدات الإنسانية للسكان، وتجنبوا العقوبات العامة، مثل الجلد والإعدام، ولم يفرضوا الحجاب في البداية.
ويقول حسين للصحيفة: "يحاولون تسوبق أنفسهم جيدا في سوريا والدول الأخرى"، ويضيف: "يريدون السيطرة على مفاصل المجتمع المدني كلها، مجالس المياه والمجالس المحلية، فعندما يقول المجتمع الدولي إنه لن يتعامل معهم، سيردون: انظروا إننا نسيطر على كل شيء".
ويلفت التقرير إلى أن الكثير من المدنيين الذين تعبوا من الحرب قبلوا بحكم تنظيم القاعدة، وهناك من يشعر بالقلق من الطريقة البطيئة التي يقوم من خلالها التنظيم بفرض قوانين متشددة، حيث احتل عناصر في تنظيم القاعدة مراكز مهمة في جامعة إدلب، وفرضوا الفصل بين الجنسين في الفصول الدراسية، وطلبوا من الطالبات لبس النقاب، وتقول طالبة في السنة الثانية من دراستها: "كنت أتمنى لو لم يدخلوا جامعتنا.. وأثروا على جهودنا الدراسية".
وتفيد الصحيفة بأن المدنيين بدأوا بالاحتجاج، واجتمعوا في ساحات البلدان حول المحافظة، واستطاعوا إلغاء قانون يحرم التدخين، مستدركة بأن التظاهرات ليست قوية بدرجة تؤثر على قوة تنظيم القاعدة.
وتنوه الكاتبة إلى أن تنظيم القاعدة استخدم منذ ظهوره في إدلب عام 2012، عددا من الأساليب لإخفاء هويته الحقيقية، حيث دخل المحافظة تحت مسمى جبهة النصرة، لكنه أعاد تسمية نفسه إلى هيئة تحرير الشام، وقال قادته إنهم انفصلوا عن تنظيم القاعدة، مشيرة إلى أن المراقبين لم يتعاملوا مع الموضوع بجدية.
وبحسب التقرير، فإن الجماعات المسلحة التي كانت تدعمها الولايات المتحدة تخشى من فقد القدرة على هزيمة تنظيم القاعدة؛ بسبب تركيز واشنطن وهوسها بحرب تنظيم الدولة، لافتا إلى أن المقدم أحمد السعود، وهو قائد الفرقة 13 من الجيش السوري الحر، الذي هرب من إدلب إلى بلدة تركية حدودية، حيث أرسل التنظيم مسلحين لاغتياله، يقول: "نقاتل جبهة النصرة من البداية، لكن الولايات المتحدة قررت قطع الدعم عنا فجأة"، ويضيف السعود: "تسيطر جبهة النصرة على 100% من إدلب، وأخبرت الأمريكيين بهذا الأمر، وهم يعرفون هذا بالطبع، لكن لم يحدث شيئا".
وتذكر الصحيفة أن السعود يتوقع توقف تدفق السلاح والدعم الأمريكي في نهاية العام الحالي، فيما أوقفت بريطانيا الدعم الطبي والمالي، حيث أدت المحادثات في أستانة، عاصمة كازاخستان، إلى الاتفاق على جعل إدلب منطقة يجمد فيها النزاع، تديرها روسيا وتركيا وإيران، مشيرة إلى أن هذا الأمر لن يغير من مجال القوة في المحافظة، التي يسيطر عليها تنظيم القاعدة.
وتبين كلاهان أن القوى تنشغل في الوقت الحالي بحرب تنظيم الدولة، حيث تتقدم القوات الموالية للأسد إلى دير الزور، وتحاول القوات المدعومة من الولايات المتحدة السيطرة على الرقة، أما تركيا، التي تشترك بحدود مع تنظيم القاعدة، فتركز على منع الأكراد من توسيع نفوذهم في الشمال.
ويورد التقرير أن السعود يأمل بأن يساعد الغرب بعد هزيمة تنظيم الدولة بالتصدي لتنظيم القاعدة، إلا أن الدبلوماسيين والمحللين في المنطقة يشكون في هذا الأمر، حيث يقول حسن حسن من معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط: "لا أحد يعرف ما الذي يجب عمله بشأنهم".
وتختم "التايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول حسن: "ليست لدى النظام أو الولايات المتحدة المصادر للتقدم نحو إدلب، ولهذا وضع الطرفان الموضوع على الرف، ولا أحد يتوقع حملة عليها في العام المقبل، وفي الوقت ذاته، فإن لدى تنظيم القاعدة الوقت والراحة ليفعل ما يريده".