نشر موقع "ديلي بيست"تقريرا للصحافية جوزفين هاتلين، تتحدث فيه عن محاولات اختراق الاستخبارات الغربية لتنظيم الدولة، متسائلة: هل هي قصة حقيقية أم مجرد إثارة بوليسية في حكايات المخابرات الغربية؟
وتقول هاتلين: "قبل يومين من بداية روك أم، البالغ من العمر 52 عاما، عمله الجديد في وحدة الاستخبارات الألمانية الداخلية (بي أف في)، والمعروفة باسم (المكتب الفيدرالي لحماية الدستور)، فإنه اعتنق الإسلام، من خلال مكالمة واحدة مع رجل نمساوي، وبدأ يرسم الوشم على جسده، وعليه بدأت واحدة من أغرب حكايات
التجسس، التي ربما كانت ملهمة من
تنظيم الدولة أو التزام بالجهاد، أم أنها مدفوعة بالملل الحقيقي".
وتضيف الكاتبة: "كما سجل في صفحته على (فيسبوك)، فإن أم قام بكتابة (رجل عند كلمته) على صدره بحروف سوداء، ومن ثم سطور متعرجة غريبة على ظهره، وصورة جندي على عضلاته لم يكملها، ورسم قبل اعتقاله صورة الثائر تشي غيفارا قريبا من قلبه، وذلك قبل اعتقاله في تشرين الثاني/ نوفمبر".
وينقل التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، عن المحقق الاستقصائي هانز لينديكر، قوله: "لم يعرف أحد من هو"، ولا حتى زملاؤه الذين اعتقلوه باعتباره جهاديا سريا يشارك في غرف الحوار الجهادية على الإنترنت، ولا حتى زوجته التي تعمل مُدرسة، مشيرا إلى أن المحققين اكتشفوا لاحقا أن أم هو ممثل في أفلام مثليين إباحية، وكان يحلم بأن يصبح راهبا، ولهذا تقوم زوجته بتقديم طلب للطلاق منه، وأضاف لينديكر: "حتى هو نفسه يبدو أنه لم يكن يعرف من هو".
ويفيد الموقع بأنه بعد ذلك جاءت المفاجأة من مسؤول أم في المخابرات الداخلية الالمانية هانز- جورج مابين، وهي أن الإجراءات الأمنية العالية جدا قد دققت في طلب أم ليكون "مراقبا" للمشهد الإسلامي في ألمانيا، لكن المؤسسة الأمنية قررت أن تطبق فحصا أمنيا على المجندين الجدد.
وتعلق الكاتبة قائلة إن العمل في المخابرات أو التجسس ليس مثيرا ولا مشرفا، حيث كانت وكالة الأمن الداخلي تبحث عن موظفين ليملأوا الفراغات، خاصة في الظرف الحالي، حيث وسعت من عملياتها لمواجهة التهديد الإسلامي، متسائلة عن السبب الذي دفع أم للانضمام إلى الأمن الداخلي، وقد أخبر المحكمة أن هواياته المتداخلة والمتناقضة ما هي إلا "لعبة" قام بممارستها من أريكة بيته في عطلة الأسبوع، عندما كان لديه الوقت الكثير ليضيعه.
ويشير التقرير إلى أن الأمن حذر في بداية التحقيقات مع أم من أنه كان يخطط للسفر إلى سوريا والقتال في صفوف تنظيم الدولة، إلا أن القاضي الذي حكم على أم بالسجن لمدة عام؛ بتهمة التجسس على
المخابرات الألمانية لصالح "إخوانه" في تنظيم الدولة، يبدو كأنه منزعج من حب المتهم للدراما، وحبه للظهور أكثر من كونه تهديدا محتملا.
ويلفت الموقع إلى أن أم أبقى على وجهه مغطى في جلسات محاكمته، مشيرا إلى أنه حصل تغيير على شكله خلال السنوات الماضية، إذ سأله صديق على صفحة "فيسبوك": "ماذا حدث لوجهك؟"، حيث بدا مثل موهاك وبشارب طويل، فأجاب: "للتستر".
وتعلق هاتلين قائلة: "هي صورة أبعد من تلك التي نشرتها صحيفة (بيلد) الشعبية له ولعائلته قبل سنوات، وكان المقال عن ابنه الثالث، الذي ولد مبكرا وأصيب بفيروس أدى لإصابة دماغه وشلله، وأخبرت زوجته الصحيفة أن المستشفى قام بعد إصابة ابنها بالفيروس بتطهير العنبر، ووضع علامات تحذير".
وينوه التقرير إلى أن الصحافيين من الصحيفة ذاتها قاموا بعد اعتقال زوجها، بزيارة بيتها في بلدة تونسفورست؛ لمحاولة الحصول على معلومات، فقالت واحدة من الجيران: "أعرفه والدا محبا"، وأضافت: "يعتني بشكل كبير بولده (المعاق)"، بل إنه أنشأ جمعية خيرية لمساعدة العائلات في دفع نفقات العلاج والجلسات العلاجية للدولفين، وهي طريقة في العلاج تقوم على السباحة مع الدلافين، حيث يعتقد أن عمل هذا يمكن أن يساعد على الشفاء من الكثير من أمراض الشلل.
ويذكر الموقع أن أم كان يقضي وقته في البيت للعناية بابنه، ومن هنا بدأت القصة، حيث قال: "تجلس هناك مع هاتفك ولا تفعل شيئا، ومرة أخرى فأنت على الإنترنت"، لافتا إلى أنه عندما كان يدخل إلى الإنترنت فإنه كان يشارك في غرفة حوار حول الانضمام إلى الرهبانية.
وتفيد الكاتبة بأن أم أنشأ شركة على الإنترنت أسماها الملابس الداخلية العسكرية الألمانية، التي تخصصت في بيع الملابس الداخلية، حيث كان شعارها "قوية، رجالية، جذابة ونورديك"، ومن ثم انضم إلى جماعة متطرفة على الإنترنت اسمها "الأخوة النوردية"، وقام بتحميل أغان ذات معان جنسية، ونشرها في أكثر من موقع حوار، وقال إنه كتب كلماتها، وقال: "كانت فنتازيا بالنسبة لي"، وأخبر أم المحققين بعد اعتقاله أنه اخترق المخابرات الألمانية؛ لأنها "إرادة الله"، وقال إن اعتقاله قد لا ينهي عمله، فالخطة الكبيرة لاختراق المخابرات الداخلية "مستمرة".
وبحسب التقرير، فإن هذه اعترافات تظل مثيرة ومخيفة، باستثناء أن الشرطة لم تعثر على أي دليل يربط أم مع الجماعات الجهادية، أو أنه كان يخطط لعمليات إرهابية.
ويختم "ديلي بيست" تقريره بالإشارة إلى أنه في بلدة أم تونسفورست، فإنه لا يحدث الكثير، إلا أن الشرطة الخاصة بالكلاب البوليسية والدراجات النارية جاءت قبل أيام من اعتقاله، واعتقلت أبا ولاء، المتهم بكونه من أهم المجندين لتنظيم الدولة في ألمانيا، وكان يعيش في البلدة ذاتها، مثل أم، وعندما سأله المحققون عن أبي ولاء، فإنه أجاب أنه يعرف من هو، لكنه "لا يريد خيانة أحد".