تقرع طبول الحرب مجددا في منطقة البقاع
اللبنانية، بانتظار ما يسمى بمعركة "جرود2" ضد
تنظيم الدولة، والتي من المتوقع أن تتركز في المنطقة الممتددة بين جرود رأس بعلبك وبلدة القاع.
وكان الجيش اللبناني قد شارك مع
حزب الله، الشهر الماضي، في السيطرة على منطقة جرود بلدة
عرسال، في معركة أسفرت أيضا عن صفقة تبادل للأسرى بين حزب الله وجبهة
تحرير الشام، شملت تسليم ثمانية أسرى لحزب الله وجثث لقتلى منه، مقابل ترحيل آلاف المقاتلين والنازحين السوريين، من بينهم أمير الجبهة في عرسال، أبو مالك التلي، إلى الداخل السوري، وتحديدا إلى محافظة إدلب.
وحول طبيعة المعركة المرتقبة، تشير بوصلة التطورات الى مفاوضات تجري خلف الكواليس.
ويقول الكاتب والمحلل السياسي غسان العزّي؛ إن "محادثات تجري بالتوازي مع التحضيرات للمعركة ضد المجموعات المسلحة"، داعيا الى ضرورة "التكاتف حول الجيش اللبناني في ظل التوافق والإجماع الدولي الذي تمثله روسيا والولايات المتحدة على مكافحة الإرهاب، وهو ما يوفر لنا أرضية صلبة تمنعنا من الوقوع بمنزلقات سياسية لاتفيد وجهتنا في إعادة الاعتبار الى الأراضي اللبنانية"، كما قال.
ورأى في حديث لـ"عربي21"؛ أنه "عندما تطلق المدافع علينا عن نصمت في سجالاتنا لصالح المعركة المشتركة التي لا أعتقد أن أحدا لا يريدها، ولكن هناك تباينات حول شكلها والمشاركين بها"، متحدثا عن ضرورة تحصين العملية العسكرية المرتقبة من أي "مترتبات على صعيد العلاقة مع النظام السوري أو التطبيع معه".
ويدور جدل في الأوساط السياسية حول مرحلة ما بعد المعركة بالنسبة للعلاقة مع دمشق. وأشار العزي الى حتمية ما أسماه "سعي النظام السوري الى تطبيع العلاقة مع لبنان، وهو يعمل على استغلال العوامل كافة وتطويع الظروف لهذا الهدف الذي يحقق له غاية سياسية هامة"، لكن العزي لا يجد مبررا لأي انتقادات تحوم حول "مباحثات بين الجانبين اللبناني والسوري حول نقاط محددة وضمن سياق معلوم، وهو أمر لا مناص منه، شريطة أن لا تترتب عليه التزامات أو تفاهمات بعيدة المدى"، على حد قوله.
ورأى أن "الضرورات العسكرية تتطلب تنسيقا عسكريا مع جيش النظام، ولكن علينا أن لا نقع في فخ استمرار العلاقة وتطويرها بعد المعركة وصولا الى التطبيع".
ولفت الى أن اطرافا لبنانية مؤثرة لا تريد العلاقة مع النظام السوري، "وعلى باقي الفرقاء اللبنانيين تفهم ذلك لتجنيب البلاد من خضّات داخلية لا تفيد الجميع". وتوقع العزّي "انتهاء المعركة ضد تنظيم الدولة خلال أيام على غرار المعركة السابقة التي استهدفت تنظيم جبهة الشام".
وعلى عكس الأراء التي تؤكد أن الميدان هو الذي سيحسم المعركة، يرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء المتقاعد زياد قرقوطيب، أن "المشهد ليس مقصورا على ما يحكى عن تحضيرات للعملية العسكرية المرتقبة في منطقة جرود رأس بعلبك والقاع البقاعيتين، وإنما بالتأثيرات السياسية بالتوازي مع قرع طبول الحرب"، موضحا أن "العملية سياسية أكثر منها عسكرية، ويتضح ذلك من خلال الأدوار التي يراد توزيعها بين حزب الله والجيش اللبناني"، وفق تقديره.
وأشار في حديث لـ"عربي21"؛ إلى أن "المناطق المستهدفة في المعركة المرتقبة تضم قرى مسيحية، وبالتالي هناك حرص من الجميع بأن لا يكون لحزب الله دور ظاهر، كي لا تثار الحساسيات لجهة أن الحزب هو من قام بتحرير الطوق المفروض على البلدات المسيحية".
وحذر "من خسائر فادحة قد يتعرض لها الجيش اللبناني في معركته المقبلة؛ قد تبلغ أكثر من 50 قتيلا عدا الجرحى"، مؤكدا أن "المجموعات التابعة لتنظيم الدولة قامت بالتحصين والاستعداد ونصب الكمائن وزرع الألغام، ما يشي بصعوبة المعركة المقبلة، وتتطلب جهدا كبيرا، وربما تعاونا وثيقا بين الجيش وحزب الله والجيش السوري لقطع الإمدادات عن مقاتلي التنظيم، واستخدام القصف الجوي المركز على مواقعه"، كما قال.
وأعرب عن خشيته مما يدور من "مداولات سرية قد يكون لها تأثير على الميدان، وقد يدفع العسكريون أثمانها"، مشيرا الى أن "الأمر حدث سابقا في الحروب التي خاضها الجيش اللبناني في محاولته للجم الحرب الأهلية".
وقال رئيس حزب الوطنيين الأحرار، داني شمعون، في تصريحات لـ"عربي21"، إنه "من الطبيعي أن يتصدى الجيش اللبناني لأي محاولة لخرق السيادة، وعليه أن يقوم بتطهير الأراضي اللبنانية من أي مجموعات تدنس بلادنا، وهو موكل بهذه المهمة بناء على إجماع لبناني بضرورة تحصينه وصولا الى حماية لبنان الواحد".
واضاف: "لا أعير اهتماما لما يدور حول مشاركة حزب الله في المعارك"، معتبرا أن الجيش هو سيد الميدان، وعلينا تأمين الغطاء اللازم له لمواصلة عمله بعيدا عن التجاذبات والخلافات"، بحسب تعبيره.
ونفى شمعون علمه بتفاصيل العملية العسكرية، مشيرا الى أن "مدة المعركة وكيفيتها محصورة في القيادة العسكرية التي تقدر الموقف بحسب ما يرشح لديها من معطيات ومستجدات".
وقلل شمعون من أهمية زيارة شخصيات رسمية الى دمشق، قائلا :"قام وزيران بزيارة دمشق بصفة شخصية لا تمثل الحكومة، وهذا أمر واضح لا جدل فيه، والوزيران على علم بأن ما قاما به هو خطوة شخصية لا تمثل لبنان الرسمي"، كما قال.