طرح وصول قوات النظام والمليشيات المساندة لها؛ للحدود الإدارية الغربية لمحافظة
دير الزور، بعد تقدمها بإسناد جوي روسي من ريف حلب الشرقي إلى الرقة، وردود الفعل الأمريكية الخجولة على ذلك، تساؤلات عديدة حول مستقبل مدينة دير الزور.
وجاء وصول قوات النظام إلى حدود محافظة دير الزور؛ متزامنا مع اشتراط الولايات المتحدة على الفصائل التابعة للجيش الحر المتواجدة في قاعدة التنف الحدودية مع الأراضي العراقية، قتال
تنظيم الدولة فقط قبل استئناف الدعم، ما اعتبره مراقبون تطبيقا لمفاعيل تفاهم روسي- أمريكي، تم التوصل إليه، بعد أن كان الحديث عنه ضبابيا.
بل إن تقارير إعلامية ذكرت أن واشنطن طلبت من فصائل سورية إعادة صواريخ كانت قد تسلمتها سابقا، ما لم تتعهد بعدم محاربة النظام السوري، بعد أيام من إعلان واشنطن ترحيبها بجهود جميع الأطراف في
سوريا، بما فيها "الحكومة السورية"، في محاربة تنظيم الدولة.
ويأتي كل ذلك في ظل تواتر أنباء عن ترتيبات أمريكية يتم التحضير لها، سيتم بموجبها عقد تفاهمات بين قوات سوريا الديمقراطية وفصائل من المعارضة، تمهيدا للإعلان عن بدء عمليات عسكرية موازية لتلك التي تشنها قوات النظام ضد التنظيم، انطلاقا من شمال دير الزور، بحسب مصادر.
وفي هذا الصدد، اعتبر الكاتب الصحفي حافظ قرقوط، أن قوات النظام ما كانت لتتقدم في البادية السورية أساسا، ونحو دير الزور فيما بعد، لولا الضوء الأخضر الأمريكي، وقال إن "ما يجري هناك هو بالضرورة جزء من ترتيب لمرحلة قادمة، وقوات النظام لم تكن لتملك الجرأة للتقدم شرقا، ولو حتى لمتر واحد، خارج محافظة حمص، بدون الموافقة الأمريكية"، وفق تقديره.
وأضاف قرقوط لـ"
عربي21": "الأطراف الدولية المتنفذة تريد أن تؤكد لكل الجهات الداعمة للثورة بأن الأسد بات أحد أبرز الأطراف الفاعلة في سوريا"، على حد قوله.
ووضع الكاتب الصحفي قطع الولايات المتحدة دعمها السري لفصائل من المعارضة؛ في خانة التوافق الروسي- الأمريكي، وقال: "لم تعترف الولايات المتحدة بهذا الأمر بشكل صريح، غير أن التحليلات الغربية أكدت ذلك"، على حد تأكيده.
ورأى أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؛ تكرر أخطاء الإدارة الراحلة في الملف السوري، وأنها لا تختلف عن سابقتها بـ"التلاعب على الألفاظ".
بل إن قرقوط يذهب إلى القول إن بقاء النظام مسيطرا على أجزاء من مدينة الزور، وهو محاصر بشكل كامل من قبل قوات التنظيم لأكثر من ثلاث سنوات، "لم يكن لولا الحماية والإرداة الدولية، وذلك للبناء على هذه المنطقة، كمرتكز لمستقبل دير الزور بالمجمل".
ووصف قرقوط الأحياء التي لا زال يسيطر عليها النظام داخل مدينة دير الزور بـ"النقطة السوداء"، مضيفا: "يبدو أنها كانت محمية لإدارة الصراع فيما بعد، والآن جاء دورها"، كما قال.
ورأى أنه "لو لم يكن للنظام وجود في مدينة دير الزور الآن، لكانت قواعد اللعبة الآن مختلفة تماما".
من جانبه، ذهب المحلل السياسي المختص بالشأن الروسي، بسام البني، إلى منحى مغاير تماما، إذ استبعد وجود توافق روسي أمريكي على إدارة الصراع في سوريا بالمجمل، وفي المنطقة الشرقية تحديدا.
وتساءل البني، من موسكو، في حديث لـ"
عربي21": "أي توافق روسي أمريكي يتم الحديث عنه، والأخيرة أعلنت قبل يوم واحد عن فرضها لعقوبات جديدة ضد روسيا التي لوحت بطرد دبلوماسيين أمريكيين من موسكو".
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قد قال في مقابلة مع محطة "فستي سي في" الأحد، إنه "سيتعين على 755 دبلوماسيا أمريكيا مغادرة روسيا بحلول أيلول/ سبتمر المقبل"، ردا على العقوبات الأمريكية الجديدة.
وبالعودة إلى تقدم قوات النظام تجاه دير الزور، قال البني: "قوات النظام تتقدم نحو دير الزور بضوء أخضر روسي فقط"، واستدرك بالقول: "يكفيها ذلك".
لكن وفي المقابل، لم يستبعد البني وجود تنسيق بين الولايات المتحدة وروسيا لما يجري من تغيرات في خارطة السيطرة العسكرية شرق سوريا، وقال: "كل ما يجري هناك يجري تحت خطوط عريضة تم الاتفاق عليها بين موسكو وواشنطن"، وفق تقديره.