تترقب الأوساط اللبنانية إطلاق الجيش اللبناني عملية عسكرية في منطقة جرود بلدة عرسال البقاعية؛ بحجة السيطرة على معاقل "مسلحين" من تنظيم الدولة وخلايا تتبع لما يعرف سابقا بـ"جبهة النصرة".
ويحوم جدل حول العملية وسط ضبابية عن ساعة الصفر، في ظل تباينات بدت تطفو على السطح بين رئيس الحكومة سعد الحريري، المتحفظ على شكل وكيفية المعركة المقبلة، وبين رئيس الجمهورية ميشال عون وحزب الله وحلفائهما؛ المندفعين نحو تنفيذها لتحصين لبنان من أي خضات أمنية، كما تتحدث مصادرهم.
وتتحدث وسائل إعلامية لبنانية عن وجود نحو 1300 مقاتل منتشرين في مواقع عدة في جرود البلدة البقاعية.
وعما إذا كان الجيش اللبناني قادرا على حسم المعركة بمفرده، أكد الخبير الاستراتيجي أمين حطيط "امتلاك القوات العسكرية اللبنانية القدرة على مواجهة خطر تلك التنظيمات"، مشيرا إلى أن "الجيش اللبناني طوّر في الآونة الأخيرة قدراته، وهيأ أموره لشن أي عملية هجومية"، على حد قوله لـ"عربي21".
تضارب التوقعات
ومع تضارب التوقعات حول شكل العملية، اعتبر حطيط أن "المعركة مقسمة إلى ثلاث مراحل، الأولى متعلقة بإحكام الحصار وإنشاء منظومة قيادة وسيطرة وملاحقة ومراقبة عبر الأجهزة المتطورة لإبقاء المسلحين تحت الأنظار"، مضيفا: "عملت قيادة الجيش على تشييد الأبراج العسكرية، مستخدمة تقنية جديدة في المراقبة لهذا الهدف".
وتابع: "المرحلة الثانية هي التي قام خلالها الجيش بعمليات نوعية، ووجه ضربات مؤلمة للمسلحين؛ للحد من قدرتهم على المبادرة في شن هجمات.
أما المرحلة الثالثة، فهي معركة الحسم، ويبقى قرار إطلاقها مرهونا بحسابات الجيش"، وفق قوله.
وعن الاختلافات بين الفرقاء في لبنان حول العملية، أشار حطيط إلى أن "القرار السياسي كان متخذا قبل أن يختلّ في الأسبوعين الأخيرين، ليعود الأمر مجددا إلى مربع التبني"، على حد وصفه.
وفي ظل المخاوف من تعريض الجيش للضغط في حال احتدام الخلافات، أوضح أن "هناك قرارا سياسيا وحصانة ممنوحة للجيش، وفي حال عدم موافقة أطراف على العملية ستضطر القيادة العسكرية إلى الانتقال لموقع الدفاع؛ حفاظا على مواقعه، في الوقت الذي سيتولى حزب الله المهمة عبر قواته من الجانب السوري"، كما قال.
إثارة الشارع السني
وتعد مشاركة حزب الله في المعركة المرتقبة، بحسب عدد من المراقبين، إثارة للشارع السني.
ويقول الكاتب والمحلل السياسي عماد شمعون، لـ"عربي21"، إن "العملية المتوقعة في عرسال لا تحظى برضى سني، وفي مقدمة المعارضين رئيس الحكومة"، واصفا المشهد بأنه "تعبير عن التجاذبات بين مؤيد ومعارض للخيار العسكري".
ويستند المؤيدون للخيار العسكري، بحسب شمعون، إلى "قلق الجيش، مدعوما برئاسة الجمهورية، من إمكانية شن هجمات على الأراضي اللبنانية بعد اكتشاف متفجرات في مخيمات لاجئين سوريين، ما يثير المخاوف من استخدام المخيمات كغطاء للإرهابيين وفق منظور القادة العسكريين اللبنانيين".
وشدد شمعون على أنه "لا يوجد إرهابيون في كل المخيمات، وفي الوقت عينه لا يمكن الجزم بأنها لا تضم ذلك"، كما قال.
وعن ارتدادات العملية العسكرية، اعتبر أن "التداعيات بدأت حاليا من خلال الحديث عن تظاهرات ينوي لاجئون سوريون تنظيمها، وبالمقابل تمت الدعوة لتظاهرة مضادة لعائلات شهداء الجيش اللبناني"، مشيرا إلى أن "الدعوة للتظاهرة اللبنانية هي تحريك للعصبية، ما قد يدفع وزارة الداخلية إلى منع التظاهرتين؛ منعا للتصادم"، وفق قوله.
وأضاف: "لبنان ليس وطنا واحدا في ظل صراعات الطوائف ومطالبها التي تعرقل مسار الدولة، فكل الملفات تتوقف عند مفترق النزاعات الطائفية".
إغلاق الممر
وخلافا لما يراه معارضو العمل العسكري، أكد النائب في التيار الوطني الحر آلان عون، في تصريحات خاصة لـ"عربي21": "أن غاية الجيش اللبناني من خوض هذه المعركة هي إغلاق ممر يستخدمه الإرهابيون للدخول والخروج إلى لبنان"، على حد قوله.
وأضاف: "الهدف هو السيطرة على هذه الثغرة، ومنع محاولات تنفيذ عمليات إرهابية تستهدف لبنان، والتغلغل إلى الداخل اللبناني".
وذهب عون إلى القول إن "الجيش اللبناني يحظى بإجماع من الحكومة اللبنانية حول ما يقوم به من عمليات، وهو يعمل على دراسة خياراته وفق المهام الملقاة على عاتقه".
وحول التناغم مع الأقطاب السياسية في لبنان، قال: "تعكف قيادة الجيش دائما إلى الرجوع للمراجع السياسية؛ من أجل وضعها في أجواء المعطيات المتوفرة لديها، وهذا ما يحدث دوريا؛ حيث توضع التصورات للموقف الأمني والميداني في عهدة رئيس الجمهورية والحكومة والمعنيين في الدولة والحكومة"، كما قال.
وشدد على أن "الجيش يعطي رؤيته بمعزل عن أي تدخلات سياسية، ويبقى للقيادة السياسية القرار في إعطائه الضوء الأخضر والغطاء للقيام بمهامه التي يقترحها أو تأجيلها وإلغائها"، وفق تقديره.
ورفض عون الحديث عن تدخلات حزب الله في العملية، قائلا: "من يتولى المهمة المتوقعة من داخل لبنان هو الجيش اللبناني، ومسألة تدخل حزب الله غير مطروحة بتاتا"، كما قال.