نشر موقع "دويتشه فيله" الألماني تقريرا، تطرق من خلاله إلى الاضطهاد الذي يعيشه مغنو
الراب من قبل النظام
المصري. ونتيجة لذلك، انقسم فنانو الراب السياسي إلى أشخاص يخشون المس من هيبة الدولة وآخرين قرروا تحدي الآلة القمعية لعبد الفتاح السيسي.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن مغني الراب السياسي في مصر، يواجهون العديد من الضغوط والممارسات القمعية بامتياز من قبل النظام العسكري. وقد نجح النظام في ترهيب البعض من فناني الراب، في حين أصر آخرون على تخطي الرقابة المشددة التي تفرضها الحكومة المصرية.
وذكرت الصحيفة أن من أشهر فناني الراب المصريين "تمراز" الذي أنشأ منذ 11 سنة فرقة "رفليوشن ريكوردس".
وقال تمراز (29 سنة): "لقد اخترنا إطلاق اسم "رفليوشن ريكوردس" على مجموعتنا؛ لأن الراب يعتبر بمنزلة لون موسيقي دخيل ومزعج بالنسبة لطيف واسع من المصريين".
وأفادت الصحيفة أن أغلب فناني الراب في مصر ينحدرون بالأساس من مدينتي القاهرة والإسكندرية التي تعد معقل هذه
الموسيقى الشبابية في مصر. وإلى حدود اندلاع ثورات الربيع العربي في سنة 2011، كانت أغلب أغاني الراب تقتصر على السخرية من بعض العادات المجتمعية ومن النخب السياسية.
وأشارت الصحيفة إلى أن موسيقى الراب لم تكن تشكل تهديدا كبيرا بالنسبة للنظام الحاكم في مصر خلال بدايتها، على الرغم من انتشارها في أنحاء البلاد كافة. في المقابل، وفي ظل وجود العديد من الشبان وراء القضبان في الوقت الراهن، على خلفية إقدامهم على نقد النظام المصري، أصبح الراب السياسي يشكل خطرا بصفة غير مسبوقة بالنسبة لنظام السيسي العسكري.
وأضافت الصحيفة أن "شاكور" الذي لم يتجاوز عقده الثالث، يعد من أشهر مغني الراب في مصر، وهو عضو في فرقة "دا كليك 203".
وذكر شاكور أن معظم مغني الراب يتجنبون السخرية من السيسي، "ولكن فرقتنا لا تتردد في التهكم من النظام المصري".
وهذه الفرقة كانت قد ألفت سنة 2014 أغنية "أنا الملك"، وهي عبارة عن ريميكس لأغنية ألفها شاكور سنة 2005، مع إضافة بعض المقاطع التي تسخر من الرئيس المصري السيسي بشكل واضح. وقد أحجم شاكور عن تسجيل أي أغنية خلال ثلاث سنوات.
قال شاكور: "لم أتجرأ على تسجيل أي أغنية خاصة بعد وفاة أخي الأصغر، الذي كان ينتمي لتيار الإخوان، بصفة مفاجئة، قبل مدة قصيرة من صدور أغنية أنا الملك".
وفي الوقت الذي فضل فيه شاكور الابتعاد عن موسيقى الراب، أصبح فنانون آخرون أكثر تسيسا. ففي نيسان/ أبريل سنة 2016، ألفت فرقة "رفليوشن ريكوردس" أغنية "ما يصحش كده"، وهي جملة متداولة في خطابات السيسي.
وفي هذا الإطار، قال تمراز إن "الأغنية تضمنت مقطعا صوتيا للسيسي، وقد قمنا بنشرها على موقع يوتيوب ولاقت رواجا كبيرا، حيث حصدت حوالي 200 ألف إعجاب".
وأعرب عن مخاوفه من احتمال تعرض أعضاء فرقته للمضايقات من قبل النظام المصري جراء هذه الأغنية. وقد تلقى أعضاء الفرقة تحذيرا شديد اللهجة من قبل السلطات؛ من مغبة المساس بهيبة الدولة. وفي هذا الشأن، أفاد تمراز أنه "من الأفضل أن نتوقف عن إصدار مثل هذه الأغاني. لقد فقدت كل أمل في تغيير الأوضاع".
وأوضحت الصحيفة أن العديد من الفرق الأخرى حاولت التطرق للمواضيع الحساسة في مصر دون انتقاد النظام، على غرار فرقة "واي كرو". وتعد هذه الفرقة أول فرقة هيب هوب مصرية. وقد ألفت قبل تسعة أشهر أغنية "معمي" التي تطرقت إلى قضية اضطهاد وتعنيف أطفال الشوارع.
وفي هذا الإطار، أفاد عمر بافلو، أحد الأعضاء مؤسسي فرقة "واي كرو"، أن "معظم الأغاني المصرية تتحدث عن الحب، في حين تنأى عن التطرق للواقع المصري. في المقابل، تحاول فرقتنا تسليط الضوء على مواضيع حساسة، ولكننا لسنا أوصياء على الناس". وفي السياق ذاته، قال شاهين الرجل الثاني في الفرقة: "لقد تناولنا العديد من المواضيع السياسية والاجتماعية منذ نشأة الفرقة، ولكن الوضع بقي على حاله. لقد فقدنا الأمل في أن تتغير الأمور إلى الأحسن. عموما، سندعو في الألبوم القادم إلى السلام والحب والوحدة".
وأكد شاكور بدوره التزامه بالعمل على التطرق إلى القضايا المهمة من خلال أغانيه. ففي الوقت الراهن، كرس شاكور وقته بهدف تأليف أغان تتناول قضية المهاجرين في مصر وأوروبا، وستجسد هذه الأغاني قصة آلاف اللاجئين الذين لقوا حتفهم خلال محاولتهم الإبحار خلسة تجاه أوروبا.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا المغني الشاب لا يخشى بطش النظام العسكري. وفي هذا السياق، أقسم شاكور أنه "لن يتوقف عن تأليف أغاني الراب حتى لو أصبحت موسيقى الراب تجارية". وأضاف: "يجب أن أبقى صادقا، وأعكس جوهر هذه الموسيقى الثورية مهما كلفني الثمن".