نشرت صحيفة "البايس" الإسبانية؛ حوارا مع الباحث والأكاديمي
المصري، عمرو حمزاوي، الذي تحدث عن الوضع الحالي في مصر، والدكتاتورية التي لم تتمكن البلاد من التخلص منها حتى بعد الثورة.
ويُعد حمزاوي في المنفى كتابا حول نزعة التسلط الجديدة التي تشهدها مصر.
ويرى حمزاوي، في هذا الحوار الذي ترجمته "
عربي21"، أن النظام المصري الحالي غير قادر على الاستمرار، كما توقع أن تشهد مصر ثورة جديدة في حال لم تطرأ إصلاحات لتحسين الوضع المتأزم.
ونقلت الصحيفة عن حمزاوي أن جزءا كبيرا من نظام عبد الفتاح
السيسي قد عاد بالشعب المصري إلى سابق عهده، أي إلى فترة ما قبل ثورة 25 يناير؛ نظرا لوجود العديد من نقاط التشابه بينه وبين نظام حسني
مبارك. ومن بين الأبعاد المشتركة بين النظامين، أن كليهما ينظم انتخابات زائفة، تعرف نتائجها مسبقا.
وقال حمزاوي إن "الاختلاف القائم بين نظام مبارك ونظام السيسي، أكثر أهمية من نقاط التشابه. ففي حين عرفت مصر في عهد مبارك حرية تعبير نسبية، حيث سمح للناشطين بتكوين جمعيات ومنظمات غير حكومية، ضيّق السيسي الخناق على حرية التعبير والجمعيات على حد سواء. وفي الوقت نفسه، لا يعي السيسي أن هذه العوامل هي التي أشعلت فتيل الثورة في مصر".
وأوضح أن "نظام مبارك كان دكتاتوريا، إلا أن العنف الممارس في تلك الحقبة لم يكن منهجيا. في المقابل، يمارس القمع في عهد السيسي بشكل ممنهج، وهو ما يجعلنا نصف النظام الحالي بالإجرامي".
وحول الركائز التي يستند إليها السيسي، أوضح حمزاوي أنه "بالإضافة إلى القمع الممنهج، يعتمد نظام السيسي على استراتيجية تهدف إلى إرساء نظام استبدادي بطرق قانونية. وخير دليل على ذلك أنه في السنوات الأخيرة، تم تمرير حوالي 400 قانون ومرسوم، لتوسيع صلاحيات السلطة التنفيذية، التي لا تحترم غالبيتها استقلال القضاء".
وأضافت: "نظام السيسي عمد إلى عسكرة الدولة على حساب مكونات المجتمع المدني، في العديد من المجالات مثل الاقتصاد والإعلام. ومن جانب آخر، لم تكتف الأجهزة الأمنية بقمع وسائل الإعلام بشتى الطرق وفرض الرقابة عليها، بل، في الأثناء، أنشأت مؤسسات تلفزيونية خاصة بها".
ونقلت الصحيفة عن حمزاوي قوله إن "نظام السيسي لا يمكنه الاستمرار على المدى الطويل. وفي الوقت الحالي، يمكن اعتبار أن الدولة قد بدأت تفقد فعاليتها تدريجيا، حتى في المجال الأمني، وهو ما بدا جليا خلال الفترة الماضية التي عرفت فيها أرض الفراعنة الكثير من الهجمات المتعاقبة. أما في المجال الاقتصادي، فلا توزع الثروات بشكل عادل بين المصريين، وهو ما أدى إلى تردي الأوضاع المعيشية للشعب المصري".
وفي الحديث عن إنجازات الثورة، أوضح حمزاوي أن "الثورة في مصر غيرت من الوعي السياسي للمصريين. وعلى الرغم من حدة القمع، لم يتلاش النشاط السياسي بعد من الجامعات، والحركات النقابية والجمعيات المهنية، وحتى بين صفوف الصحفيين والأطباء. علاوة على ذلك، شهدت مصر انفجارات من الغضب الشعبي لأسباب عدة. ولهذه الأسباب، أصبح من غير الممكن لهذا النظام الاستمرار".
وحول الإخوان المسلمين في مصر، قال حمزاوي: "يمكن اعتبار أن الإخوان يمرون بأصعب اللحظات في تاريخهم؛ نظرا لأنهم لم يشهدوا قمعا بهذا الشكل من قبل. ومع ذلك، تبقى جماعة الإخوان المسلمين جهة فاعلة لها ثقلها في مصر، فضلا عن أنه ليس بإمكاننا بناء بديل ديمقراطي عند استبعادهم".
وأضاف: "الإخوان المسلمون لم يتعلموا من أخطائهم المرتكبة في السابق، عندما كانت السلطة تحت قبضتهم. وبهذه الطريقة، أصبحوا في نفس الكفة مع السيسي. وبالتالي، هم قادرون على التوصل إلى اتفاق مصالحة مع النظام الحالي في أي وقت".
واعتبر حمزاوي أن "الدعم الذي يقدمه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسيسي؛ من شأنه أن يغير المعادلة السياسية في مصر، لكن ليس إلى حد كبير. وعلى الرغم من محاولة إضفاء المجتمع الدولي الشرعية على السيسي، إلا أن قطع ممالك الخليج العربي الإمدادات عن مصر، تجعلها في موقف محرج، خاصة على الصعيد الاقتصادي".