في زمن الردة والبهتان، فاجأنا الروائي يوسف زيدان دون سابق إنذار أو مناسبة بوصفه للقائد المسلم صلاح الدين الأيوبي بأنه شخصية حقيرة، وهو كلام معيب وبذاءة علمية لا أساس لها تاريخيا. والغريب أن "زيدان" لا يتكلم عن جهل، فهو باحث ومدقق في مخطوطات التراث العربي والإسلامي، ويتكلم بعلم ودراية عن شخصية فذه تعتبر أحد أيقونات
التاريخ الإسلامي.
وقد وصف الكثير من الأدباء والعلماء والمؤرخين الأوربيين شخصية الناصر صلاح الدين بالفارس النبيل المنتصر الذي لا يعرف الغدر باعدائه، فكيف أمام جنون الشهرة نلوث سمعة قادتنا وننال من رموزنا الإسلامية وتاريخنا العظيم، فأمة بلا تاريخ هي أمة مقطوعة بلا حاضر أو مستقبل.
ونحن في زمن المحنة لم يبق لنا سوى التاريخ المليء بالفخر والاعتزاز ندرسه لأبنائنا، ونعلمهم سير أجدادهم ليبعث في قلوبهم الأمل لاستعادة حضارة أمتنا التي ملكت الدنيا عقودا وقرونا. وللأسف الشديد، في ظل الحرب على الإسلام ورموزه وتشويه التاريخ الإسلامي، نجد المتطرفين من الشيوعيين وغلاة العلمانية يكشفون عن حقدهم وسواد قلوبهم تجاه عظمة صلاح الدين الذي سطر الأمجاد للمسلمين، وطرد الصليبيين، وحرر بيت المقدس، وقضى على الدولة الشيعية، وارتبط اسمه في الغرب والشرق بالتسامح والنبل.
ولا يخفى على أحد أن هؤلاء يحاولون خطف عقول الناس وإلهاءهم عن القضايا الأساسية التي تعانيها
مصر المحروسة، من فقر وبطالة وأزمة اقتصادية طاحنة واستبداد وقهر، بالإضافة لمحو كل تاريخ عظيم لمصر؛ التي كانت مركزا للثقافة والسياسة على مر التاريخ وكانت حائط الصد ضد هجمات الصلبيين والتتار والمغول.
الآن يراد أن تكون مصر دولة هامشية فاشلة أو شبه دولة كما يردد البعض ويتمنى، بل يراد عزلها وفصلها عن محيطها العربي والإسلامي، واعتقد أن إهانة الناصر صلاح الدين وقطز وبيبرس هي إهانة لمصر وتاريخها في المقام الأول، فالكل يعلم أن مصر كانت على مر التاريخ مركز الثقافة العربية ومرجعا للسياسات، وقادت الكفاح العربي من أجل فلسطين، ورفعت راية الوحدة العربية، وكانت بمثابة قبلة العرب الطامحين في تلقي التعليم في
الأزهر أو جامعاتها الحديثة.
ومكانة مصر محفورة في الذاكرة الجماعية للعرب، رغم ما تعنيه مصر من أزمات.. فهي لا تزال مصر مصدر الضمير العربي، وصانعة الثقافة العربية.
لقد كانت ثورة 25 يناير 2011 مبعث الأمل بالنسبة للمصريين والعرب على السواء، لكن سرعان ما تبدد الحلم وأطفأ الانقلاب هذا الأمل وتراجعت مصر إلى الوراء، والآن يُراد قتل ومحو تاريخها وتشويه رموزها الإسلامية، وقد وصل الأمر مداه باتهام الأزهر الشريف منارة الوسطية والعلم بالإرهاب، وهاهي السلطات الهندوسية تطالب الإنتربول الدولي بإصدار مذكرة اعتقال بحق الداعية الهندي الشهير، ذاكر نايك؛ بزعم الإرهاب و"غسل أموال"، عن طريق مؤسّساته وقنوات فضائية دينية يديرها.
والشيخ ذاكر نايك معروف للقاصي والداني أنه من دعاة الوسطية والاستنارة، وهو حاصل على جائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام، فضلا أنه صاحب شعبية جارفة لا يملك سوى الحجة والبيان.
ولكن أمام ضعف حجتهم يتهمون الشيخ ذاكر نايك بالإرهاب، بل يريدون العدوان على حريته وكرامته، فالحرب على الإسلام ورموزه مستعرة، ومن يريد وصولا لمنصب أو الفوز بجائزة أو نيل رضا المجتمع الدولي فعليه بعداوة الإسلام وسباب رموزه.. ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.