قالت صحيفة"نيويورك تايمز" إن
السعودية تعد استقبالا ملكيا للرئيس الأمريكي دونالد
ترامب، متناسية تصريحاته.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن السعودية نظمت بمناسبة زيارة ترامب، التي تعد الأولى له منذ وصوله إلى البيت الأبيض، مؤتمرا دوليا، وهو "القمة العربية الإسلامية الأمريكية"، سيحضرها قادة من دول عربية وإسلامية، بالإضافة إلى لقاء مع الملك السعودي، وافتتاح مركز لمكافحة الإرهاب، ومنابر للحوار يشارك فيها الاقتصاديون والشباب.
وتعلق الصحيفة قائلة إن "السعودية بلد الحرمين الشريفين، وأقدس البقاع لدى المسلمين، ذللت الصعوبات كلها لاستقبال رجل قال ذات مرة: (الإسلام يكرهنا)، وقال إن الولايات المتحدة تخسر مبالغ هائلة من أجل الدفاع عن المملكة".
ويستدرك التقرير بأن السعوديين وحكام دول الخليج كانوا غاضبين جدا من الرئيس السابق باراك
أوباما وسياساته في الشرق الأوسط، مشيرا إلى أنهم تجاهلوا على ما يبدو تصريحاته التي أطلقها ترامب أثناء الحملة الانتخابية، باعتبارها مجرد كلام، وعبروا عن استعدادهم للتعاون وإعادة بناء العلاقات من جديد.
وتجد الصحيفة أن الاستقبال الباهر هو محاولة لإقناع الرئيس الأمريكي بأن أولوياته وأولوياتهم تتشابه، وأنهم الحلفاء الذين لا يمكن الاستغناء عنهم في الحرب ضد الإرهاب، ومواجهة إيران، وتعزيز التجارة والأعمال الأمريكية، وحتى في تحقيق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وينقل التقرير عن السفير الأمريكي السابق في اليمن ستيفن أستش، قوله: "إنها لحظة بارزة بالنسبة لهم، وهم يريدون تعزيز الفكرة بأن هناك شراكة استراتيجية، وأن مصالحنا ومصالحهم تقف جنبا إلى جنب".
وتقول الصحيفة إن "المناسبات المقرر عقدها يومي السبت والأحد في الرياض مثيرة للدهشة، حيث يحاول السعوديون إظهار بلدهم بأنه مركز الدينامية، وبلد يقود العالمين العربي والإسلامي، وحليف قريب للولايات المتحدة، ويرفرف العلم الأمريكي بخطوطه ونجومه إلى جانب الأعلام السعودية في شوارع الرياض، وستعقد ثلاث قمم بين ترامب والملك سلمان بن عبد العزيز، وبين ترامب وقادة دول الخليج، وبين ترامب و50 رئيسا وممثلا لدول عربية وإسلامية".
ويكشف التقرير عن أن ترامب والملك سلمان سيقومان بافتتاح المركز العالمي لمواجهة الإرهاب والأيديولوجية المتطرفة، الذي سيلقي فيه ترامب خطابا عن الإسلام، لافتا إلى أن ترامب، المعروف باستخدامه (تويتر)، سيلقي خطابا مهما في مؤتمر يرعاه ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى أنه سيكون هناك مؤتمر دولي عن مكافحة الإرهاب، ومؤتمر لمديري الشركات الكبرى، ومعرض للفن داخل الديوان الملكي".
وتورد الصحيفة نقلا عن الموقع الرسمي للزيارة، قوله: "قمة تاريخية ومستقبل مشرق"، حيث يتم العد التنازلي لوصول ترامب إلى السعودية.
ويذهب التقرير إلى أن "الاستقبال البراق للرئيس ترامب يعكس الطريقة التي رأى فيها السعوديون سلفه أوباما، حيث أغضبت سياسات الأخير قادة دول الخليج، خاصة موقفه من الربيع العربي، والإطاحة بالرئيس المصري السابق حسني مبارك، وتردده في التدخل في سوريا، بعد أن وضع خطوطا حمراء، وأخيرا تقاربه من إيران، وتوقيعه اتفاقا معها حول الملف النووي".
وتلفت الصحيفة إلى أن عدم استلطاف دول الخليج لأوباما بدا واضحا عندما زار السعودية في العام الماضي، حيث حضر وفد صغير لاستقباله، ولم يعلن التلفزيون الرسمي عن الزيارة، مشيرة إلى ما كتبه الكاتب في صحيفة "الشرق الأوسط" سلمان الدوسري، الذي قال: "يجب أن يكون الرئيس أفضل من أوباما؛ لأنه لم يكن هناك رئيس سيئ معنا أكثر من أوباما".
ويفيد التقرير بأن السعوديين يرون في ترامب رجل أعمال حاسما، ويشاركونه في الكثير من الأهداف، حيث رحبوا بالضربات الصاروخية ضد رئيس النظام السوري بشار الأسد، ويأملون بزيادة الدعم للحملة التي يقودونها في اليمن ضد المتمردين الحوثيين، الذين يحظون بدعم إيراني، ويريدون دورا أمريكيا في الاستثمار، حيث يحاولون التحول من عصر الاعتماد على النفط.
وتنقل الصحيفة عن المعلق السياسي والزميل غير المقيم محمد خالد اليحيى، قوله: "إن هذه الإدارة واضحة، ليس مع السعودية فقط، لكن مع تركيا، الحليف التقليدي الآخر، وهي مضاعفة العلاقة القائمة، وتقديم الحلفاء أولا".
وينوه التقرير إلى أن اختيار ترامب لتعديل مواقفه عن الإسلام كان السبب لاختياره السعودية محطة أولى له في زيارته الخارجية الأولى، وبالإضافة إلى هذا، فإن السعوديين أنفقوا مبالغ كبيرة من المال على السلاح، ومن المتوقع أن يتم توقيع سلسلة من العقود، التي تقدر بـ300 مليار دولار أمريكي على مدار العقد المقبل.
وبحسب الصحيفة، فإن "ترامب يأمل بدور خليجي في تحقيق تسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهي فكرة رحب بها الخليجيون، وإن سرا، في حال تقدمت إسرائيل بتنازلات مهمة".
ويبين التقرير أن السعوديين غير مهتمين بمظاهر من حياة ترامب تثير قلق الأمريكيين، فاعتماده على ابنته إيفانكا وصهره جارد كوشنر، كونهما مستشارين سيرافقانه في رحلته، أمر عادي، حيث أن الملك عين ابنه وزيرا للدفاع، وابنه الآخر سفيرا في واشنطن، منوها إلى أن فكرة استفادة ترامب من رئاسته لزيادة أرباح فنادقه وملاعب الغولف التابعة له لا تثير اهتمام السعوديين.
وتقول الصحيفة إن ترامب، الذي لم يعر اهتماما بحقوق الإنسان، لم يطرح أسئلة حول النظام القضائي، وغياب حقوق المرأة في السعودية.
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن من الذين دعوا للقمة الرئيس السوداني عمر حسن أحمد البشير، المطلوب من محكمة جرائم الحرب، ولا يعرف إن كان سيحضر ويلتقي مع ترامب، لافتة إلى أنه بسبب اعتماد السعوديين على الولايات المتحدة في توفير الأمن، فإنهم تجاهلوا تصريحاته الأخرى.