ما يجري الآن كان فرصة حقيقية لنظام السيسي أن يعيد لمصر ولو جزءا ضئيلا من قيمتها كأكبر دولة عربية وإسلامية في العالم العربي، كان يمكن للسيسي أن يلعب بطريقة المخلوع مبارك في مثل تلك المواقف ولكنه أبى إلا أن يستمر في سياساته العقيمة التي جعلت من مصر ونظامها وإعلامها أضحوكة لمن أراد الضحك وقت ضيقه..
في الأيام القليلة الماضية انفجر وزير الإعلام المصري الحالي أسامة هيكل في وجه الجميع، وكتب عبر صفحته انتقادات واسعة ضد المنظومة الاعلامية المصرية الحالية من قنوات وصحف، ما استدعى شعبان لشحذ أسلحته وغلمانه في اليوم السابع والدستور وأخواتها لشن حملة إعلامية شرسة ضد أسامة هيكل؛ وصلت إلى حد التخوين..
شهادة حق في حق الشيخ طنطاوي بعد وفاته، إنه وعلى الرغم من كل المآخذ والانتقادات بحقه إلا أنه لم يصل أبدا إلى درجة الانحدار في الفتوى والتطبيل للحاكم مستغلا النصوص القرآنية والأسانيد الشرعية كما انحدر مفتي الديار المصرية الحالي شوقي علام الذي استحق بامتياز أن يكون مفتي الديار العسكرية..
صفعة عويس الراوي، من وجهة، نظري هي تأريخ جديد لمرحلة قادمة ستكون صعبة على هذا النظام العسكري، فقد تكسر حاجز الخوف وبات لدى المصريين الجرأة على رد الصفعة بمثلها إلى أي طاغية شرطيا كان أو ضابط جيش أو حتى عبد الفتاح السيسي نفسه..
خروج المصريين ولو بالعشرات إلى الشوارع يعطي دلالة بأن الأمل قائم والثورة كامنة في النفوس وشرارة التغيير حاضرة، وأن موجات الغضب تعلو يوما بعد الآخر لتغرق هذا النظام العسكري في ظلمه يوما ما
سيدة القطار تحركت بمشاعرها كأي أم مصرية طيبة القلب، فحوّلها السيسي وأذرعه الإعلامية إلى ماة دعائية تخدم البروباجندا العسكرية المستمرة منذ اللحظات الأولى لانقلاب السيسي
النظام يبدو أنه لم يعد قادرا على مواجهة تأثير تلك القنوات على المواطن المصري فقرر محاربتها من الداخل، وبدأ في ترويج خطاب مفاده أنه لا قيمة لتلك القنوات؛ اللهم إلا منافع شخصية لبعض القائمين عليها، وتلك أكذوبة كبيرة..
بدلا من البحث في مظاهر الفشل السياسي للنظام والأحزاب القريبة منه، لم يكن هناك حديث في القنوات الفضائية الموالية للنظام إلا عن آلية تحصيل هذه الغرامات من نصف الشعب المصري
نحن لم نختر أن نولد ونعيش في أوطان وبلدان لا تمنحنا الأمان، لا تسمحوا بتزييف وعيكم من خلالنا، لم نرد أن نترك أوطاننا ونواجه الخطر ولكن للأسف باتت مواجهة خطر الموت في البحر أخف وطأة من خطر الموت داخل بلداننا..
في ذكرى رابعة ومع وفاة عصام العريان، باتت الحاجة لكل جهد معارض للسيسي ونظامه في الداخل والخارج مسألة حياة أو موت، فاستمرار رفض هذا الانقلاب وفضح ما يقوم به هو بقاء للثورة وصمام أمان للحفاظ على الوطن
لبنان هو نبض العالم العربي؛ وللأسف هذا النبض يضعف يوما بعد الآخر، وبات علينا أن نعي أن الدول لا تنهض بالقوة أو العسكر أو الفساد والطائفية وإنما لها طريق واحد هو الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية وقبلها أو بعدها الديمقراطية..
منتصف عام ألفين وخمسة عشر انتشرت أغنية بعنوان "أنا مش رقم" تتحدث بلسان المعتقلين داخل سجون عبد الفتاح السيسي، الأغنية التي لاقت رواجا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي بين أوساط كعارضي الانقلاب العسكري أثارت شجونا كثيرة حول آلية التعاطي مع قضية المعتقلين سياسيا وإعلاميا وحقوقيا أيضا.
النكبة المصرية باتت واقعا يتوجب على الجميع الاصطفاف لمواجهته ووضع خطط حقيقية لآليات التعامل معها، في ظل وجود نظام عسكري لم يعبأ يوما بأمن مصر القومي أو المائي
وسيقول أحدهم: وهل أضاع حق مصر من المياه إلا السيسي؟ لكني أقول إن السيسي راحل لا محالة، وستبقى تركته العفنة عبئا ثقيلا على من سيأتي بعده، ومنها أزمة سد النهضة، ولذلك ليس من المصلحة أن نخلط بين هذا الجنرال وما يفعله، وبين مصير مصر وما ستلاقيه