عاد الصراع بين القوميين والإسلاميين من جديد في تونس، وفي ساحات عربية أخرى. وهو الصراع الذي حاول المؤتمر القومي الإسلامي التخفيف من حدته، منذ أن تم تجميع التيارين في وقت مبكر من مختلف الأقطار والتجارب، منذ أواخر الثمانينيات من القرن الماضي.
لا يستبعد أن يشعر بعض المتشددين إن لم يكن أغلبهم بنوع من الرضاء على ما حدث في بلد مثل كندا عندما أقدم شاب مسيحي من المعادين للأجانب على قتل ستة مسلمين داخل مسجد..
كلما قام رئيس حركة النهضة بزيارة ما إلى أحد الدول القريبة أو البعيدة من تونس، وإلا وخلف وراءه وفي كل مرة أسئلة وشكوكا لدى خصومه وأيضا لدى وسائل الإعلام.
صحيح أن تونس مستقرة إلى حد ما مقارنة بغيرها من الدول التي وصلت إليها شرارة الثورة والتمرد، لكن بدون حلحلة الملف الاقتصادي والاجتماعي لا تستطيع الثورة أن تبقى صامدة إلى الأبد..
يصعب القول بأن القوس الذي فتحته حادثة اغتيال الشهيد محمد الزواري سيغلق بسرعة، إذ عاشت تونس ولا تزال، أياما صاخبة ومليئة بسلسلة من المبادرات والتحركات الشعبية المعبرة عن رغبة جدية في تدارك ما حصل من تقصير فادح..
لحظتان مختلفتان في المضمون وفي الدلالة، من جهة عودة الجيش السوري إلى مدينة حلب إعلانا عن المأزق الذي انتهى إليه مشروع الثورة في هذا البلد، بعد عناء كبير تجاوز كل التوقعات، وفي المقابل يحتفل التونسيون بالذكرى السادسة لحادثة احتراق البوعزيزي التي تمت يوم 17 كانون الأول/ ديسمبر من سنة 2010..
تودع تونس بعد أيام سنة 2016، لكي تستقبل سنة جديدة. ورغم أن الظروف الاقتصادية والاجتماعية لم تتحسن كما كان يتوقع السياسيون الذين نجحوا في الانتخابات، ووجدوا أنفسهم يتربعون على مقاعد السلطة، إلا أن ذلك لم يمنع من أن الحالة الأمنية قد شهدت تحسنا ملحوظا خلال السنة الجارية..
لا تزال شهادات ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان في تونس تفعل فعلها على أكثر من صعيد. والاعتذار الذي قدمه وزير العدل في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي لهؤلاء الضحايا، خاصة الإسلاميين منهم، مثال على ذلك..
مع انطلاق جلسات الاستماع لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان التي نقلتها عديد من القنوات والفضائيات التلفزيونية، بدأ التونسيون يكتشفون الجانب الخفي والمظلم، وأحيانا الفظيع، من تاريخهم السياسي منذ استقلال بلادهم وتأسيس "الدولة الوطنية"..
سيكون من السابق لأوانه الحكم على السياسات التي سيتبناها الرئيس الجديد للولايات المتحدة الأمريكية، لأنه يستبعد أن يلتزم هذا الرجل بكل ما أعلن عنه ووعد به خلال حملته الانتخابية..
إن العنف له أدواته ومنطقه وأهدافه واستراتيجياته، ومن يتبنى ذلك لا يمكن التعايش معه داخل نفس الإطار الجغرافي، ولا يمكن أن يلتقي مع من يستند في عمله على منهج إصلاحي يقوم على القانون وعلى النشاط السلمي الهادف إلى حماية الدولة..