للمرة الثانية خلال 24 ساعة أعلنت القوى والفصائل الفلسطينية التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين بمدينة صيدا جنوبي لبنان، ويتضمن الاتفاق انتشارا للقوة الأمنية المشتركة في كل مناطق المخيم تدريجيا.
وتحدث مصدر من داخل
المخيم لـ"
عربي21" بالقول إن القوة الأمنية بدأت الانتشار بحدود الساعة السادسة والنصف بتوقيت بيروت بشكل تدريجي بمرافقة طواقم طبية من جمعية الشفاء إلى حي الطيرة.
ولم يستبعد المصدر الفلسطيني حدوث أي محاولات لعرقلة اتفاق وقف إطلاق النار لوجود أطراف لم يسمها ترغب بذلك "وهي معنية باستمرار القتال حتى لو أدى ذلك لتدمير المخيم".
وكان التوتر عاد إلى المخيم بعد الإعلان الثلاثاء عن اتفاق لوقف آخر، كان من المفترض أن ينهي أربعة أيام من الاشتباكات التي خلفت نحو عشرة قتلى وعشرات الجرحى بينهم مدنيون.
عرقلة واحتجاج
وأعلنت الفصائل الوطنية والإسلامية الفلسطينية وقف إطلاق النار مساء الثلاثاء بعد أنباء تحدثت عن انسحاب "بلال بدر" الذي يقود المجموعة المسلحة التي تحمل اسمه وتوصف بالتشدد إلى منطقة أخرى بالمخيم، على أن تنتشر القوة الأمنية المشتركة التابعة للفصائل في حي الطيرة الذي كانت تتحصن به "مجموعة بدر" مساء الثلاثاء.
إلا أن القوة الأمنية لم تنتشر بسبب "تعقيدات" وفق مصدر
فلسطيني تحدث لـ"
عربي21" من داخل المخيم، لتتطور الأحداث فجر الأربعاء وتتجدد الاشتباكات، بعد انتشار صور وتسجيلات لعناصر "مجموعة بدر" يظهرون ابتهاجهم بما اعتبروه انتصارا وينفون فيه انسحابهم من حي الطيرة.
وتزامنت الاشتباكات مع احتجاجات لكوادر في حركة فتح في عدد من المخيمات وعلى وسائل التواصل الاجتماعي وصلت لحد التهديد بالاستقالة احتجاجا على ما اعتبروه هزيمة منيت بها الحركة بعدم تمكنها من اعتقال أو قتل "بلال بدر".
شخصيات ووسائل إعلام لبنانية وجهت اتهاما صريحا لحركة فتح بالمسؤولية عن فشل اتفاق وقف إطلاق النار في المخيم، وتعريض أمن مدينة صيدا بمجملها للخطر، مرجعة ذلك إلى الخلافات الداخلية بين المستوى العسكرية والسياسي للحركة-جناح محمود عباس من جهة، وبين الأخيرة وتيار القيادي المفصول محمد دحلان من جهة أخرى الذي تمثلها مجموعات مسلحة يتزعمها العميد محمود عيسى المعروف بـ"اللينو".
ونقلت إذاعة صوت لبنان عن رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة ماهر حمود المقرب من حزب الله قوله إن "خلافات داخل فتح الداخلية بين القيادة السياسية والقيادة العسكرية هو ما منع تنفيذ مبادرة إنهاء أزمة مخيم عين الحلوة".
سياسي فلسطيني -طلب عدم الكشف عن اسمه- تحدث لـ"عربي21" بالقول إن الخلاف الفتحاوي حيال ما جرى في المخيم يعود "لأسباب مركبة، بمعنى أن الخلاف الفتحاوي-الفتحاوي يلعب دورا مهما في رفض ما تم التوافق عليه، نظرا لأن فتح في لبنان لم تعد حالة واحدة بمرجعية واحدة يمكن أن تلزم الكل الفتحاوي بما تم الاتفاق عليه مع الفصائل".
كما يشير السياسي الفلسطيني إلى أن أطرافا لبنانية متباينة مارست خلال الأيام الماضية ضغوطا مختلفة على التيارات الفتحاوية، وهو ما سبب هذا الإرباك في القرار الفتحاوي بين مؤيد ومعارض للاتفاق.
ويضيف المصدر: "مثلا تيار فتح دحلان بقيادة اللينو ترى نفسها الممثل الحقيقي لفتح، ولم يتم التشاور معها في الاتفاق الأخير، وبالتالي هي غير معنية فيه مستقبلا مما يبقي الفرصة لتجدد التوتر قائمة، بينما هناك رأي لدى بعض العسكريين في فتح تيار محمود عباس ترى أن ما جرى هو فخ نصبته لها بعض القوى الإسلامية ربما في إشارة لعصبة الأنصار".
يذكر أن الجولة الأخيرة من المواجهات المسلحة اندلعت مساء الجمعة الماضية بعد اشتباك وقع بين مجموعة "بلال بدر" والقوة الأمنية المشتركة المنبثقة عن الفصائل الفلسطينية، بعدما رفض بدر انتشار الأخيرة في مناطق تحت سيطرته.