حذر البرلماني
المصري السابق،
محمد العمدة، من استمرار تدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية بمصر، في ظل بقاء حكم
العسكر، وانتهاجهم سياسة البطش والقمع ضد خصومهم السياسيين، والاستحواذ والاستئثار على مقدرات البلاد.
وقال العمدة في حوار خاص مع "
عربي21" إن واقع مصر اليوم يمثل حالة "الهدوء الذي يسبق العاصفة، نتيجة القمع السياسي، والقهر الاقتصادي"، مؤكدا أن "الشعب المصري لن يصمت طويلا إزاء ما يتعرض له من مظالم سياسية واقتصادية واجتماعية".
وإلى نص الحوار:
يتحدث مراقبون عن حالة هدوء تسود الشارع المصري.. كيف تنظر إلى ذلك؟
الهدوء السياسي الذي يسود مصر حاليا؛ هو ذلك الهدوء الذي يسبق العاصفة أو البركان، والاستقرار الذي يروج له
السيسي وهم، فالشعب المصري الآن ليس في حالة استقرار، وإنما في حالة صمت نتيجة القهر، وعلى زعيم الانقلاب عبدالفتاح السيسي ومن معه أن يدركوا أن ثورة الشعب العارمة التي ستفوق ما حدث في يناير عشرات المرات قادمة لا محالة.
ولقد استنزف السيسي ما تبقى من أموال الدولة في مشاريع فاشلة، أو في شراء أسلحة بقصد شراء صمت الدول الغربية عن الانقلاب، ما أدى إلى أزمة اقتصادية خانقة أدت إلى ظهور حالات الانتحار وجرائم السرقة بشتى أنواعها، لا سيما السرقة بالإكراه.
وأعتقد أن الشعب لن يستمر كثيرا في تحمل إرهاب السيسي وعصابته، فالطوفان قادم لا محالة؛ ما لم يتحرك العقلاء أصحاب الضمائر الحية في مصر لإنقاذ مصر والعالم الإسلامي من السيسي.
كيف تقرأ براءة مبارك وعودته حرا إلى قصره في مصر الجديدة؟
هذه البراءة تعني باختصار نجاحا مؤقتا للانقلاب الذي خطط وحشد له العسكر لاستعادة حكمهم الذي بدأ عام 1952، في حين تم التنكيل بكل من شارك في ثورة يناير ليجعلوه عبرة لكل من يفكر في
الثورة عليهم مرة أخرى.
لكنني أعتقد أن الزمن تغير، وما كان يصلح في زمن الرئيس جمال عبدالناصر وأسلافه؛ لا يصلح الآن، ولا أعتقد أن الشعب سوف يستسلم ويقبل الاستمرار في معاناة حكم العسكر لسنوات طويلة كما حدث في الماضي.
ساندت الثورة منذ بدايتها.. والآن؛ هل تعتقد أن ضررها على المعارضين بكل فئاتهم كان أكثر من نفعها؟
لكل ثورة أضرار، وهي نتيجة طبيعية لتمسك الأنظمة المستبدة بالسلطة وبما تجره عليهم من غنائم، ولذلك فهم يستبسلون للحفاظ على مكاسبهم، ويدبرون الثورات المضادة.. وكل ما يقع على الشعب من أضرار في معركة التحرر؛ هو ضريبة طبيعية لا يمكن أن يتحرر شعب دون سدادها، وعلى الشعب المصري أن يتمسك بثورته، ويضحي من أجلها.
هل تتوقع أن يمدد برلمان الانقلاب للسيسي في الرئاسة؟
أعتقد أنه من الصعب أن يقدم البرلمان على هذه الخطوة؛ لأن دستور الانقلاب يحظر تعديل قانون الانتخابات، بالإضافة إلى كون كثيرين من حلفاء السيسي في انقلاب 30 يونيو يرفضون تمديد الرئاسة له، وقد صرحوا بذلك.
ولكني أعتقد أنه سيسعى للفوز من خلال تزوير الانتخابات في حال وصلت مدته الرئاسية الأولى لنهايتها، وإن كنت أستبعد ذلك؛ لأن الأحوال التي وصلت لها البلاد والعباد، يمكن أن تؤدي إلى مفاجآت في الأيام القليلة القادمة.
لماذا يبدو الوضع في شمال سيناء معقدا، والعمليات العسكرية لا تتوقف؟
لأن السيسي لم يتحرك فيه بدافع من مصلحة مصر والعالم الإسلامي على وجه العموم، وإنما يتحرك لإرضاء أمريكا وإسرائيل، لذلك قام بشن معركة في سيناء بعد يومين من الانقلاب بدأ فيها بتدمير أنفاق غزة حتى يثبت لهما جديته في حصارها وتأمين إسرائيل.
ثم أتبع ذلك بتدمير مدينة رفح المصرية حتى يوفر المنطقة الحدودية الخالية التي طالبت بها إسرائيل من أيام مبارك. ولا شك أن ما فعله السيسي في سيناء؛ خلق فيها أعداء جددا لممارسات
الجيش، وخصوصا القتل العشوائي.
ولو تمت معالجة أزمة سيناء من منطلق المصالح المصرية الخالصة؛ لكان الأفضل أن نبدأ بتطوير سيناء، وحل مشاكلها المتعددة، قبل التفكير في اللجوء إلى حلول أخرى.
خضت تجربة البرلمان نائبا لثلاث مرات.. كيف تصف برلمان الانقلاب الحالي؟
البرلمان الحالي نسخة من برلمانات السادات ومبارك، أي إنه مجرد جهة إدارية تابعة للرئيس وخاضعة له، ومثل هذه البرلمانات تمثل السبب الرئيس في معاناة الشعب، وعرقلة التحول الديمقراطي والتقدم الاقتصادي للبلاد.
كيف ترى مستقبل القضاء بعد محاولة النواب تعديل قانون تعيين رؤساء الهيئات القضائية؟
لا أتوقع أن يحدث صدام بين القضاء والبرلمان أو الرئيس، فجمهورية العسكر تقوم على اصطفاف المؤسسات للحفاظ على الحكم وغنائمه، والتي توزع على هذه المؤسسات على حساب الشعب. وأعتقد أن أي مشكلة سوف يتم حلها وتسويتها؛ لأن ما يجمع مؤسسات العسكر أكبر من ما يفرقها.