نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا لمحرر الشؤون الدفاعية والأمنية سام جونز، يعلق فيه على الهجوم الذي استهدف البرلمان البريطاني يوم الأربعاء، وقتل فيه خمسة من ضمنهم منفذ الهجوم، وجرح فيه أكثر من 40 شخصا، وصفت جراح بعضهم بالخطيرة، وقال إنه يذكر بهجمات نيس وبرلين العام الماضي.
ويقول جونز إن "المهاجم استخدم سيارة لدهس المارة، وسكينا لطعن شرطي، وأثار هيجانا عاما في إحدى المدن الاوروبية المهمة، وحاز على عناوين الأخبار، ووضع مسألة مكافحة
الإرهاب في مركز النقاش مرة أخرى".
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن الشرطة لم تعلن عن هوية المنفذ، مع أنها قالت إنها تعرف هويته، وقامت بسلسلة من الاعتقالات من جنسيات مختلفة وفي أماكن عدة، مستدركا بأن وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات، التي يرسل من خلالها المتعاطفون مع الجهاديين، حفلت بالاحتفالات والتمجيد بهذا العمل.
وتلفت الصحيفة إلى أن الهجوم في لندن تزامن مع ذكرى مرور عام على هجوم نفذه ناشطون من
تنظيم الدولة في العاصمة البلجيكية بروكسل في اليوم ذاته، الذين قاموا بثلاث عمليات منسقة، أدت إلى مقتل 32 شخصا وجرح المئات.
ويقول الكاتب إن "تنظيم الدولة أظهر في الماضي حبا للمناسبات، ورغم قيام الأجهزة الأمنية في أوروبا في مرحلة ما بعد بروكسل بعمليات ملاحقة واعتقالات للمشتبه بهم، إلا أن الجهاديين دعوا أتباعهم والمتعاطفين معهم للقيام بالعمليات ذاتها مرة تلو أخرى، رغم الملاحقة الأمنية".
وتذهب الصحيفة إلى أن الهجوم على ويستمنشتر يشبه الهجمات التي نفذت في برلين في كانون الأول/ ديسمبر 2016، ونيس في تموز/ يوليو 2016، حيث قام منفذان بعمليات دون أي دعم من شبكات دربهتم أو سلحتهم، وكل ما في الأمر هو تعرضهم للتأثير عبر دعاية التنظيم، واستخدم المهاجمان في هذين الحادثين شاحنات، حيث تم دهس الحشود وقتل المدنيين.
وينوه التقرير إلى أن رد الأجهزة الأمنية في لندن كان سريعا، ولم يستمر الهجوم على البرلمان، الذي يتمتع بحراسات أمنية مشددة، إلا لحظات، قبل أن يتمكن الأمن من قتل المهاجم.
ويجد جونز أن "قوات أسكتلند يارد، التي تمت إعادة تنظيمها، واجهت امتحانها الحقيقي يوم الأربعاء، حيث وصلت الفرق المسلحة إلى المكان بسرعة فائقة، ومع ذلك، فإن الرد السريع يعني أنه لا يمكن التكهن بعمليات مثل هذه بسهولة، فالحراسات الأمنية والكتل الأسمنتية أمام المناطق الحساسة تترك أثرا محدودا، أما جسر ويستمنستر، الذي يعد مكانا للتجمع والسياح، يظل عرضة للهجمات".
وترى الصحيفة أنه "مع زيادة الضغوط على تنظيم الدولة وهزائمه، فإن محاولات القيام بهجمات كبيرة ضد أعدائه تظل مغرية، ورغم ما يهدف إليه من عمليات كبيرة بالأسلحة والقنابل في الغرب، إلا أن هذا لا يمنع من هجمات انتهازية يقوم بها أشخاص يتصرفون نيابة عن التنظيم أو باسمه، وهجمات كهذه ليست قاتلة بالدرجة الكبيرة، لكنها تثير الفزع، وكما في حادث لندن، فإن الضرر كان كبيرا".
وبحسب التقرير، فإن "التنظيم يتمتع بأسلوب متعدد الوجوه للتخطيط، فهناك عمليات يقوم بها مقاتلون عادوا إلى بلادهم، وأخرى ينفذها أشخاص لم يقاتلوا أبدا، علاوة على اتصالهم مع ناشطين، وتعود صلاحية تنظيم هجمات في الخارج إلى مسؤولي العمليات الخارجية، أو الأمير، ومعظمهم أوروبيون، وعادة ما يديرون شبكات جيدة، ولديهم معارف ذوو تدريب قوي، ويساعدون في الهجمات، وفي بعض الأحيان يرسلون أفرادا للقيام بعمليات، كما هو الحال في هجمات سوسة التونسية".
ويبين الكاتب أن التنظيم يقوم بتدريب أفراد عبر الإنترنت، بحيث لا يعرف المنفذون هوية من يوجههم، أو يرسل لهم التعليمات، كما يقول مسؤول أوروبي: "فهي مثل لعبة شطرنج، بعضهم مثل طعم، فيما يتمتع آخرون بالقوة".
وتقول الصحيفة إنه "حتى يوم الأربعاء استفادت
بريطانيا من مجالها الطبيعي، فحدودها مؤمنة، ولديها قانون متشدد لحمل السلاح، بحيث لا تتمكن الجماعات من تنظيم عمليات كبيرة، بالإضافة إلى وجود تاريخ دموي وطويل في مكافحة الإرهاب".
ويستدرك التقرير بأنه في الوضع الحالي، الذي يعتمد فيه الإرهابيون على العالم الافتراضي، والعدد الكبير من المتشددين والأشخاص الذين تجب مراقبتهم، فإن البلد لم يعد محصنا.
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن مدير جهاز الأمن الداخلي "أم آي فايف" حذر في تشرين الثاني/ نوفمبر، من إمكانية وقوع هجمات إرهابية ضد البلد، حيث أن "مستوى التهديد خطير، ويعني أنه محتمل".