مزقت امرأة
مصرية غطاء رأسها (
الحجاب)، احتجاجا على غلاء الأسعار، ضمن احتجاجات واسعة شملت النساء في ثلاث محافظات، في وقت ضرب فيه جنون الأسعار، سعر صرف الدولار مجددا، ومختلف السلع الأساسية مثل الخضراوات والفواكه واللحوم والدواجن والأسماك، فيما حذر خبراء اقتصاد من كارثة قد تضرب مصر من جراء استمرار الوضع الاقتصادي المتدهور على ما هو عليه.
وتعيش مصر حاليا أزمة اقتصادية ضخمة، من جرّاء زيادة معدلات التضخم إلى ثلاثين بالمئة، وارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه، وزيادة الاستيراد من الخارج، في مقابل تراجع الإنتاج المحلي، وكذلك تراجع عائدات السياحة، وقناة السويس، وتحويلات المصريين في الخارج.
وتزامن مع ذلك زيادة الاستهلاك نتيجة زيادة عدد السكان، واتجاه السياسات الحكومية إلى التنسيق مع صندوق النقد الدولي، بهدف رفع الدعم جزئيا عن الوقود وبعض السلع الغذائية، ما تسبب في ركود عدد من القطاعات التي سارعت لتخفيض إنتاجها، وتسريح العمال.
وتناولت الصحف المصرية، في أعدادها الصادرة الثلاثاء، ارتفاع سعر الدولار مجددا، وحذف 19 مليون مواطن من بطاقات التموين بسبب عدم تحديث البيانات.
وصدرت صحيفة "المصري اليوم" بمانشيت، يقول: "مظاهرات في 3 محافظات بعد إلغاء "الكارت الذهبي" بالمخابز".
وتناولت صحيفة "الوطن" أزمة بطاقات التموين، أيضا، تحت عنوان "تحذير: 19 مليون مواطن مهددون بالحذف من بطاقات التموين بسبب عدم تحديث البيانات".
وأبرزت صحيفة "الشروق" ارتفاع سعر الدولار، فقالت: "الدولار يواصل الارتفاع في البنوك ويسجل 16.80 جنيه".
غضب ربات البيوت
من جهته، عرض برنامج "العاشرة مساء"، عبر فضائية "دريم1"، مساء الاثنين، مشهد نساء غاضبات أمام أحد المخابز في محافظة كفر الشيخ، ينددن بارتفاع الأسعار، ونقص حصتهن المقررة من الخبز المدعوم.
وانهارت إحداهن في المقطع المصور، من شدة البكاء، وقالت إن زوجها يقبض خمسمئة جنيه فقط في الشهر، وإنها تنفق منها علي إطعام أولادها، ودفع مصروفاتهم المدرسية، مؤكدة أن هذا المرتب يساوي شيئا أمام ارتفاع الأسعار.
وإلى جانب شكواها من عدم استطاعتها مجاراة ارتفاع الأسعار، شكت المرأة من تقليل حصتها من الخبز المدعوم، وأخذت تصرخ غاضبة، وقامت بتمزيق غطاء رأسها، وحاولت تمزيق بقية ملابسها، قبل أن تدخل في نوبة إغماء، وتسقط إلى الأرض.
وقالت مواطنة أخرى إن لديها أبناء في المدارس، ولا تستطيع إطعامهم، وصبت جام غصبها على وزير التموين الجديد، علي المصيلحي.
من جانبه، علق مذيع البرنامج، وائل الإبراشي، على تلك المشاهد، فقال إن حالة الغضب لدى المواطنين ارتفعت بصورة كبيرة بسبب ارتفاع الأسعار، مضيفا أن هناك ثورة من ربات البيوت بسبب ما تردد حول تخفيض الدعم عن الخبز.
واعتبر الإبراشي مشهد تمزيق المرأة غطاء رأسها "مؤسفا جدا، ويعبر عن أن المواطنين غير قادرين على مواجهة ارتفاع الأسعار"، بحسب تعبيره.
نار الأسعار تشعل النفوس
ومع اقتراب شهر رمضان، رجح خبراء اقتصاد أن زيادة أسعار السلع الغذائية لن تقل عن 25 في المئة من قيمتها الحالية، لا سيما في السلع التي لا يمكن الاستغناء عنها، مثل الأدوية والأطعمة الأساسية مثل الأرز واللحوم والأسماك والدواجن، والزيت والسكر والدقيق والمكرونة، وغيرها من السلع الضرورية للحياة اليومية.
وأكد عضو "مجلس نواب ما بعد الانقلاب"، طارق متولي، في تصريحات تليفزيونية، أن ارتفاع الأسعار في الفترة الحالية يشمل جميع السلع واللحوم والدواجن والأسماك، وأن ارتفاع أسعار الأسماك، بصفة خاصة، ظاهرة عامة، ولا تقتصر علي محافظة أو مدينة بعينها.
وزير التموين: "استحملوني شهرا"
في المقابل، جاء رد الفعل الحكومي فاترا، وقال وزير التموين والتجارة الداخلية، على المصيلحي، في تصريحات صحفية: "استحملوني شهرا واحدا بس، وسيشعر المواطن بالتحسن في جميع أسعار السلع".
وأضاف أنه في نهاية هذا الشهر سيكون قد تم الانتهاء من قاعدة البيانات الحديثة، التي توضح داخل كل مواطن وحجم إنفاقه وإنفاق أسرته لبيان ما إذا كان مستحقا للدعم أم لا.
خبير: احذروا هذه الكارثة
لكن خبيرا اقتصاديا حذر من تداعيات استمرار ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي، مؤكدا أن السيسي في ورطة، وأن زواج محافظ البنك المركزي، طارق عامر، للمرة الثانية، ربما كان وراء تأجيل زيارة بعثة صندوق النقد إلى مصر.
وبحسب الخبير المالي والاقتصادي، وائل النحاس، فإن الدولار الأمريكي عاد إلى ارتفاعاته مرة أخرى أمام الجنيه، مشيرا إلى أن الدولار بعد أسبوع عسل مع الجنيه ارتفع إلى منطقة الـ 18 جنيها، متسائلا: "أين أنتم يا مسؤولون؟ يا من قلتم إن "الدولار" لن يتخطى الـ 16 جنيها حتى 30 يونيو المقبل؟".
وأضاف النحاس، في مداخلة هاتفية مع برنامج "صح النوم"، مساء الاثنين، أن زيارة صندوق النقد الدولي لمصر تم تأجيلها إلى شهر أيار/ مايو، تحسبا لأن أحد المسؤولين في إجازة، مشيرا إلى أن زواج محافظ البنك المركزي هو سبب التأجيل، خاصة أن الأخير لم ينف هذا الخبر.
وحذّر الخبير الاقتصادي من أن الوضع في مصر حاليا خطير جدا، وأن الحكومة ورطت السيسي، مضيفا: "نحن الآن أمام أمر صعب جدا للدولة وللنظام المصري، قبل الانتخابات الرئاسية بعد نحو عام، فإما أن نقبل بشروط صندوق النقد برفع الدعم نهائيا عن الطاقة والمحروقات قبل 30 يونيو، أو أن نطرح سندات دولارية للمواطن".
وأضاف أن الدولة أمام حلين، "الأول أن نستجيب لضغوط صندوق النقد، مما سيترتب عليه زيادة الأعباء على المواطن، وارتفاع كبير في الأسعار، أو ألا تستجيب الدولة لمطالب الصندوق، وهو ما سيتسبب في سحب الاستثمارات، واسترداد السندات الدولارية، مما سيشكل ضربة قوية للاقتصاد".
وتابع بأن حل الأزمة هو طرح سندات وشهادات دولارية للمواطنين بفائدة 6 في المئة، ما سيوفر 70 مليار دولار للدولة، بدون رفع الدين الخارجي، محذرا من تجاوز أسعار الدولار حاجز الـ 18.89 جنيه، خلال الفترة المقبلة، لأنه في هذه الحالة سوف نفقد السيطرة عليه، وفق قوله.