لم تمر المؤتمرات "
الفلسطينية" الأربعة الأخيرة مرور الكرام، على الأقل بالنسبة للسلطة الفلسطينية في رام الله، ولبعض الأطراف الإقليمية بسبب اختلاف الداعمين والداعين لكل مؤتمر.
وجمع بين المؤتمرات الأربعة الأخيرة قاسم مشترك واحد بارز، وهو إزعاج السلطات في رام الله، والذي ظهر جليا في تصريحات مسؤولين في السلطة آخرهم كان المفوض السياسي، والناطق باسم الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية عدنان الضميري.
الشرعية الفلسطينية
وقال الضميري متحدثا لإذاعة محلية بأن المؤتمرات الأخيرة ما هي إلا محاولات لضرب "الشرعية الفلسطينية"، متمثلة في
منظمة التحرير الفلسطينية، وتشويه العمل السياسي الفلسطيني.
وقال إن الهدف منها، وآخرها مؤتمر عين السخنة في محافظة السويس المصرية، هو التآمر على الشرعية الفلسطينية، من جانب دول عربية، وإيران، وتركيا، في إشارة إلى مؤتمرات دعم الشباب في القاهرة، ومؤتمر دعم الانتفاضة الفلسطينية في طهران، ومؤتمر فلسطينيي الخارج في اسطنبول.
وفتحت السلطات المصرية، الخميس الماضي معبر رفح البري استثنائيا لدخول وفد من المواطنين الفلسطينيين في قطاع غزة للمشاركة في مؤتمر عين السخنة، والذي بحث عددا من القضايا الفلسطينية على مدار أربعة أيام.
وفي مصر أيضا، عقد القيادي الفلسطيني المفصول من حركة فتح، محمد دحلان، مؤتمر "شباب فلسطين"، بحضور المئات منهم، من الداخل الفلسطيني، والخارج، تحدث فيه عن دورهم في "الشراكة السياسية".
كما عقد مؤتمران آخران؛ الأول في طهران تحت اسم "المؤتمر الدولي السادس لدعم الانتفاضة الفلسطينية"، حضره مندوبون من عدد من الدول لدعم "المقاومة الفلسطينية"، والثاني في اسطنبول تحت اسم "مؤتمر فلسطينيي الخارج"، حضره الآلاف من عشرات الدول بحث ضرورة تمثيلهم في إطار فلسطيني جامع.
الخبير في الشؤون الفلسطينية، حمادة الفراعنة، أكد وبلا أدنى شك أن التحركات والمؤتمرات الأخيرة، ليست عادية، بل نتيجة للفراغ الذي تركته منظمة التحرير الفلسطينية وفقدان المبادرات الجماهيرية.
ورغم أن مؤتمر فلسطيني الخارج المنعقد في اسطنبول، ومؤتمر الشباب الذي عقده القيادي في حركة فتح، محمد دحلان، في القاهرة، أثارا حفيظة
السلطة الفلسطينية، إلا أنهما بحسب ما قال الفراعنة لـ"
عربي21"، مختلفان جوهريا.
ولفت إلى أن مؤتمر اسطنبول يهدف لتعزيز حماس في مواجهة حركة فتح وهو الخطوة الثانية بعد سيطرة حماس على قطاع غزة.
أما المؤتمرات التي عقدت برعاية مصرية؛ مؤتمر العين السخنة، ومؤتمر الشباب، تهدف إلى ثلاثة أمور أولها تعزيز مكانة القيادي محمد دحلان في صفوف حركة فتح، والشعب في قطاع غزة، ودلل على ذلك بأنها عقدت تحت راية فتح، إضافة إلى تعزيز حركة فتح في مواجهة إسرائيل، والبرنامج السياسي لحركة حماس، وأخيرا تعزيز العلاقات الشعبية الفلسطينية مع مصر.
حماية المنظمة
من اسطنبول، قالت شخصيات فلسطينية بارزة إن مقاطعة ومهاجمة القيادة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية والسلطة وحركة فتح لفكرة وفعاليات المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج غير مبرر ويعكس استخفافا بأهمية ودور الجسم الفلسطيني الأكبر للقضية الفلسطينية.
وقال الناطق الرسمي باسم مؤتمر فلسطينيي الخارج، الذي حضرته "
عربي21"، زياد العالول، على هامش انطلاق أعمال المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج السبت في اسطنبول "إن فكرة المؤتمر جاءت لتحمي منظمة التحرير، الممثل الشرعي والوحيد لنا، لكن من حقنا مع ذلك أن نكون جزءا أصيلا وفاعلا فيها".
وقال العالول لـ"
عربي21" إن المجلس الوطني الفلسطيني معطل منذ عام 1988 ونحن نطالب بانتخابات للشعب الفلسطيني للتعبير عن كيانه وقراره السياسي، وهذا المؤتمر جاء لتأسيس انطلاقة عهد جديد لفلسطينيي الخارج، يتعين معه أن تفتح مؤسسات المنظمة للجميع حتى نعمل من خلال أطر المنظمة ومؤسساتها لا منافسين لها".
المستشار الديني لرئيس السلطة الفلسطينية، قاضي قضاة فلسطين، محمود الهباش، وصف المجتمعين في اسطنبول بـ"الشياطين".
وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها في مقر المقاطعة برام الله، إن المؤتمر يهدف إلى تفريق الفلسطينيين وإضعافهم، لأنه خارج إطار "السلطة".
الكاتب والمحلل السياسي، مدير مركز القدس للدراسات السياسية، عريب الرنتاوي، قال إن قوى إقليمية تحاول كسب الورقة الفلسطينية، وتحويل الساحة الفلسطينية لساحة صراع مثل دول عدة في المنطقة، في ظل تحول الفصائل الفلسطينية إلى "منصات" كمنصات المعارضة السورية.
ولفت الرنتاوي في حديث لـ"
عربي21" إلى أن السبب الرئيسي وراء كل ما يحصل من هو السلطة والقيادة الحالية؛ بسبب الغياب والضعف والانكفاء على الذات.
وأضاف إلى هذه الأسباب، تحول الفصائل الفلسطينية إلى "منصات" على غرار المعارضة السورية.
ولفت إلى أن المحورين الرئيسين هما محور مصر-الإمارات، وما يمسى بمعسكر الاعتدال العربي، الذي قال إنه يحاول فرض إملاءات، والدفع بقيادات "محروقة" ووضعها في القيادة.
وعلى الجانب حركة حماس وآخر نشاطات محورها المؤتمر الذي عقد أخيرا في إسطنبول الذي يهدف لإعادة إنتاج الحركة لتكون بديلا لمنظمة التحرير الفلسطينية، رغم مشاركة مستقلين فيه، بحسب تعبيره.
وكان الرنتاوي قال في مقال سابق له إن الجميع على ما يبدو "منهمك في ترتيب البيت الفلسطيني لمرحلة ما بعد
عباس"، بما يصب في مصلحة كل طرف.