تنشط الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة
الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة؛ في ملاحقة واعتقال العناصر الفتحاويين المناصرين للقيادي المفصول من
حركة فتح، النائب محمد
دحلان.
وبحسب محللين فلسطينيين؛ فإن "الضربات الموجعة" التي يسددها الرئيس الفلسطيني محمود
عباس لخصمه دحلان؛ تهدف إلى وأد أي تواجد أو تحرك له على الأرض في الضفة والقدس.
وأكد قيادي في حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" لـ"
عربي21" أن الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية في الضفة "تعتقل وتلاحق وتحارب كل من له علاقة بالنائب دحلان، وتطلق عليهم مصطلح (المتجنحين)".
وأضاف القيادي الذي فضّل عدم ذكر اسمه، أن "الوضع بالنسبة للمؤسسات والأفراد التابعين لدحلان، والذين يتلقون دعما من
الإمارات؛ صعب للغاية"، مؤكدا أن الأجهزة الأمنية "قامت قبل أيام بمصادرة كمية كبيرة من المواد الإغاثية التي كانت تشرف على توزيعها النائبة في التشريعي، والمحسوبة على دحلان، نجاة أبو بكر".
وقرر عباس مؤخرا فصل عدد من قيادات "فتح" بسبب علاقتهم بدحلان، وشملت القائمة: النائبة أبو بكر، وتوفيق أبو خوصة، ونعيمة الشيخ، وعدلي صادق.
وقال الكاتب والمحلل السياسي، زهير الشاعر، إن "ما يحصل في الضفة الغربية؛ يندرج في سياق المناكفات المدروسة التي تحصل بين الحين والآخر، بهدف التعطيل أو عدم السماح لتيار دحلان بأن يكون له تواجد على الأرض في الضفة، ولتقليم أظافره قبل أن يصبح له نفوذ وتأثير كما له في قطاع غزة".
ملاحقة واعتقال
وأوضح لـ"
عربي21" أن ملاحقة واعتقال مؤيدي دحلان "تأتي في سياق الصراع على النفوذ وتجسيد القوة والتواجد على الأرض، وخاصة أننا نعيش مرحلة انتقالية حساسة للغاية بالنسبة للشأن الفلسطيني، حيث تنتظر توجهات الإدارة الأمريكية الجديدة لتحديد من هو الحصان الرابح لاستكمال مسيرة المشهد الفلسطيني في المرحلة القادمة".
وأشار الشاعر إلى أن "كل ما يحدث هو استباق لمتغيرات قادمة، وخاصة أن هناك توجهات لدى دحلان لعقد مؤتمر مواز في القاهرة، ويسعى أن يحشد فيه ما يقرب من ألفي عضو فتحاوي".
وبيّن أن "المعلومات تتحدث عن مفاجآت في نوعية الحضور، وذلك من أجل محاولة تسليط الضوء على تواجد دحلان مرة أخرى بعد أن تم إقصاؤه وفصله من اللجنة المركزية لحركة فتح من جهة، والمجلس التشريعي من جهة أخرى".
ورأى أن الصراع الدائر بين رئيس السلطة الفلسطينية والقيادي دحلان "لن يؤثر على وحدة حركة فتح من ناحية الشكل، رغم أنها في الحقيقة منقسمة داخليا من حيث المضمون"، مؤكدا أن جميع عناصر وقيادات الحركة "يدركون أهمية البقاء تحت مظلتها، لأن من يخرج منها ويعمل على إنشاء حزب مواز؛ سيضع نفسه في مواجهة الثقافة والمشهد الفلسطيني الذي يضع هذه الحركة في مكانة القيادة التي يجب أن لا تمس" على حد قوله.
عباس الأقدر
من جانبه؛ أوضح المحلل السياسي إبراهيم المدهون، أن "ملاحقة أجهزة عباس لعناصر دحلان؛ تعكس حجم الصراع بين قطبي فتح"، مؤكدا أن عباس "ما زال هو الأقدر على توجيه الضربات الموجعة لدحلان".
وقال لـ"
عربي21" إن "المشكلة المتصاعدة بين دحلان وعباس أخذت شكلا شخصيا، فدحلان يعتقد أنه هو من صنع عباس، وأنه صاحب الفضل في توليه رئاسة السلطة، وورد لعباس أن دحلان يفكر بالتخلص منه" وفق قوله.
وأكد المدهون أن عباس "أمعن في إزاحة دحلان من المشهد الفتحاوي، وقتل أي فرصة لعودته إلى صفوف فتح، حتى لو كان هذا مخالفا لتطلعات الرباعية العربية، وعلى رأسها مصر"، مشيرا إلى أن "رئيس السلطة يحاول أن يؤمّن الساحة الفلسطينية من بعده، خوفا من عملية انتقام يقودها دحلان وأنصاره من أبنائه الذين يتهمهم دحلان بالفساد".
ولفت إلى أن "كثرة اعتقال الأجهزة الأمنية لمؤيدي دحلان؛ تؤكد أن أذرع دحلان تنشط في الضفة، ولم تتوقف عن العمل"، معتبرا أن "الدعم السياسي والمادي الكبير الذي يتلقاه دحلان من العديد من الدول، وخاصة الإمارات؛ يؤهله للاستمرار في العمل على إزاحة عباس، والعودة بقوة للمشهد الفلسطيني".
وتؤكد المؤشرات والدلائل، أن الإمارات تعمل على لعب دور فعال في الملف الفلسطيني؛ من خلال القيادي دحلان الذي تستضيفه على أرضها بعد خروجه من غزة عقب سيطرة
حركة حماس عليه عام 2007، ولكن جهودها الأخيرة عبر الرباعية العربية فشلت في الضغط على عباس لعودة دحلان إلى صفوف حركة فتح.