بعد حكم نهائي وغير قابل للطعن من محكمة النقض
المصرية، الخميس، ببراءة الرئيس المخلوع محمد
حسني مبارك، في قضية قتل المتظاهرين إبان ثورة 25 كانون الثاني/ يناير 2011، واتهام محامي مبارك، فريد الديب
الإخوان بقتل الثوار؛ هل يحاكم النظام قادة
الثورة؟
وتوقع محللون أن يتم تحريك ما يسمى بالقضية "250" والتي تضم معظم رموز الثورة من جميع القوى الثورية، وتوجيه اتهامات جنائية لهم بقلب نظام الحكم وتعطيل الدستور والقوانين وقتل المتظاهرين وحرق ممتلكات ومنشآت عامة، والاعتداء على رئيس الجمهورية (مبارك).
مصر المحبوسة
من جانبه أكد رئيس اللجنة القانونية في حزب الحرية والعدالة، المحامي المصري مختار العشري، "احتمال توجيه الاتهامات لقيادات الثورة بقلب نظام حكم مبارك وغيرها من التهم الجاهزة التي يتم تلفيقها على مدار سنوات لكل المعارضين والثوار"، مضيفا "كل شئ في مصر(المحبوسة) متوقع، ولا عجب أن يحاكم القاتل المقتول فأنت في مصر".
اقرأ أيضا: بعد براءة مبارك.. نشطاء للمصريين: عودوا إلى ثورتكم!
وأضاف العشري، لـ"
عربي21"، أن نظام الانقلاب منح القضاء العادل إجازة مفتوحة، وغيب القانون والدستور، ولديه من الإجراءات التي يمكن تقنينها للانتقام ممن تبقى من الثوار، مؤكدا "لن يستطيع أهالي الشهداء أخذ حقوق أبنائهم إلا بسقوط النظام الحالي".
دولة العسكر لن تدين قائدها
وقال القيادي بتحالف دعم الشرعية ورفض الانقلاب الدكتور عمرو عادل: "إن النظام الحاكم في مصر من (مبارك للسيسي) كتلة واحدة، وهو حكم عسكري لا يهتم بما نسميه قانونا"، مضيفا أن "كل الأحكام المتعلقة بالثورة هي أحكام السلطة صاحبة كل شيء في مصر، ولا ولن تسمح لأحد أن ينازعها السلطة".
وأضاف عادل لـ"
عربي21": "براءة مبارك ليست فقط جريمة في حق مصر والدم المصري المنتهك؛ ولكنها تؤكد أن العسكر هم أصحاب السلطة ومبارك في القلب منهم وبالتالي فلا يجب إدانته، أما الرئيس المنتخب فهو يحاكم لأنه رمز لاختيار الشعب المعاكس لإرادتهم".
وأكد عادل أن "كل من يتحدث باسم الثورة أو يحاول كسر قاعدة سيطرة العسكر ستحاكمه السلطة بعباءة قانونية، سواء سميت القضية (250) أو غيرها، فالهدف النهائي هو إخضاع الجميع للحقيقة التي يريدون تثبيتها في العقل الجمعي؛ أنهم وهم فقط من يحق لهم أن يحكموا وكل من يعارض فمصيره قضية كهذه".
وتابع عادل: "إن كانت الثورة المضادة استطاعت الانتصار في جولة؛ إلا أن معركة الثورة المصرية لم تنته بعد"، مشيرا لوجود "كتلة صلبة مستمرة في الرفض، تتزايد مع وصول الأمور بالبلاد لوضع أشبه بالجحيم، مؤكدا أن "مقدمات الثورة لا زالت موجودة وأنها ستكون مغايرة تماما لما حدث قبل انقلاب 2013، وأن أحدا لا يعلم متى ستندلع".
البطش قادم
وبعد براءة مبارك، توقع عضو حزب الوسط المعارض المصري وليد مصطفى، "أن يعلن النظام العسكري بكامل أجهزته سواء قضائية أو تشريعية أو تنفيذية بجانب منصات الإعلام أن الثورة ما كانت إلا انقلابا عليهم وعلى النظام".
وأضاف مصطفى لـ"
عربي21": "لكن ستظل 25 كانون الثاني/ يناير، ثورة شعبية خالصة ضد فساد نظام بكامل أجهزته وأذرعه؛ وتم الانقلاب عليها والبطش بكل من شارك بها".
اقرأ أيضا: حكم نهائي ببراءة مبارك من قتل متظاهرين والديب يتهم الإخوان
وأكد مصطفى أنه "سيأتي الوقت الذي تقوم فيه ثورة شعبية جديدة، لا تقع في أخطاء ثورة يناير؛ وتقتص من كل ظالم وفاسد مهما كان عددهم وأيا كانت مناصبهم".
وتساءل الكاتب الصحفي قطب العربي، عبر صفحته بـ"فيسبوك": "بعد تبرئة مبارك؛ هل يدرك أبناء ثورة يناير أن تفرقهم هو الذي سمح للثورة المضادة أن تتقدم وتمحو ما حققته ثورة يناير؟ وهل يدركون أن تجمعهم مجددا كفيل بوقف هذا التقدم بل كفيل بإنقاذ الوطن عموما واستعادة المسار الديمقراطي والقصاص للشهداء ومحاكمة قتلتهم الحقيقيين؟".
القضية المؤجلة
وتعود تفاصيل القضية 250 أمن دولة عليا، إلى آذار/ مارس 2011 إثر اقتحام الثوار لمقرات جهاز "أمن الدولة" في 6 محافظات بينها المقار الرئيسية في لاظوغلى ومدينة نصر بالقاهرة، وتتضمن القضية اتهامات لعدد من الشخصيات الثورية والسياسيين والإعلاميين (86 إعلاميا) والنشطاء البارزين ومنظمات المجتمع المدني؛ بتلقي أموال أجنبية بعد الثورة، واتهامات بالتخابر مع دول وجهات وأجهزة استخباراتية أجنبية.
وكان النائب العام الراحل هشام بركات قد حظر النشر بالقضية التي تضم 12 ألف ورقة و3 آلاف مكالمة هاتفية و4 آلاف فيديو، تتضمن شهادات قادة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وقيادات جهازي المخابرات وضباط الأمن القومي وقيادات أمن الدولة.
ومن بين الأسماء بالقضية، الدكتور محمد محسوب، والقيادي بالجماعة الإسلامية طارق الزمر، والدكتور أحمد كمال أبو المجد، ومساعدة الرئيس مرسي باكينام الشرقاوي، والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، والسفير إبراهيم يسري، والقيادي بالإخوان عصام العريان، ونائب مرشد الإخوان خيرت الشاطر، وغيرهم العشرات من الوجوه الثورية وبينهم أيضا عشرات المؤيدين للانقلاب.
ورجح مراقبون أن عدم إثارة القضية حتى الآن، يعود إلى رغبة عبد الفتاح السيسي، في انتظار الوقت المناسب لها، واستخدامها عصا يردع بها الناشطين العلمانيين والليبراليين، تحسبا لانقلابهم عليه، برغم أن معظمهم أيدوه في انقلاب 3 تموز/ يوليو 2013.