لاحت بوادر صدام بين مؤسسة الأزهر الدينية، والبرلمان
المصري، حول إيقاع
الطلاق الشفهي بدون توثيق، بعد إعلان رئيس النظام المصري، عبدالفتاح
السيسي، رفضه له، ودعوته لإصدار قانون يقيد حالاته، الأمر الذي أعلن معه الأزهر، أنه محل دراسته حاليا، لكنه لن يحرِّم ما أحلَّه الشرع.
وفيما سارعت اللجنة الدينية في البرلمان إلى تبني الدعوة، وأعلنت أنها، استجابة للسيسي، ستجهز، خلال أيام، قانونا لتنظيم الطلاق الشفهي.. ردَّ مسؤولون في الأزهر، على دعوة السيسي، بتأكيد الاستمساك بوقوع الطلاق الشفهي دون توثيق.
وفي حين يتزعم دعاة موالون للسيسي، أبرزهم
خالد الجندي، وسعد الدين الهلالي، ومظهر شاهين، الرأي القائل بعدم الاعتداد بالطلاق الشفهي، مؤكدين أن الطلاق لا يُعد شرعيا إلا إذا تم توثيقه، وتضامن معهم محامون ونواب موالون للسلطات.. يرى علماء أزهريون أن وقوع الطلاق الشفهي هو أمر قد تواترت عليه الأمة.
وأكد مصدر في اللجنة الفقهية بالأزهر، وفق صحيفة "اليوم السابع"، الأربعاء، أن اللجنة خلصت إلى أن الزوج إذا طلق زوجته، وكان هناك شهود.. يقع طلاقه، أما إذا كان الطلاق قد وقع بدون شهود فبمجرد أنه أقر به فإنه يقع أيضا.
هكذا دعا السيسي للحد من الطلاق
وكان السيسي، طالب شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، في كلمته باحتفالية عيد الشرطة الخامسة والستين، الثلاثاء، بالبحث عن حل فقهي لتقليل حالات الطلاق المرتفعة بمصر، التي تعدت نسبة أربعين بالمئة، بسبب إيقاع الطلاق الشفهي بدون توثيق، مخاطبا له مازحا: "ولا إيه يا فضيلة الإمام.. أنت تعبتني".
الأزهر: لن نقر أمرا مخالفا للشرع
علَّق الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، الدكتور محيي الدين عفيفي، على دعوة السيسي، بقوله إن عدم الاعتداد بالطلاق الشفهي، واشتراط توثيقه في عقد مكتوب، هو أمر مطروح منذ سبعة شهور، على هيئة كبار العلماء، ولجنة البحوث الفقهية بالمجمع، وسيتم رفعه إلى مجلس النواب، بعد الانتهاء منه، لإصدار تشريع به على حسب ما انتهت إليه.
وأضاف، في تصريحات نقلتها الصحف المصرية، الأربعاء، أن الدراسة التي أعدها الأزهر تتوافق مع صحيح الدين؛ وأن الأزهر لن يقر أمرا مخالفا للشرع.
وفي سياق متصل، قال الأمين العام للجنة العليا بالأزهر، الشيخ محمد زكي، إن إلغاء الطلاق الشفهي غير جائز شرعا، مشيرا إلى أن "الطلاق الشفهي يقع، كأن يقول الرجل لزوجته "أنتِ طالق" سواء كان بقصد أم لا؟"، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة جدهن وهزلهن جد، وعدَّ منهم الطلاق".
ومن جهته، رفض رئيس لجنة الفتوى بالأزهر، الدكتور عبد الحميد الأطرش، حظر الطلاق الشفهي، قائلا: "من قال لزوجته: أنتِ طالق"، فشرعا هي طالق لأن الطلاق يقع باللفظ والإشارة المفهمة والكتابة.
وأضاف: "يكفي الزوج أن يطلق زوجته بمكالمة هاتف أو رسالة نصية، وبعد ثلاث طلقات لا تحل له إلا بعد أن تتزوج غيره، وهذا شرع الله".
ويُذكر أن هيئة كبار العلماء بالأزهر، بحثت، برئاسة شيخه، أحمد الطيب، موضوع وقوع الطلاق الشفهي، في جلستها الشهرية يوم 19 نيسان/ أبريل الماضي، وأفتت بوقوع الطلاق الشفهي مع استحسان توثيقه حتى لا يكون جحودا للحقوق.
وكان المفتي السابق للجمهورية، عضو هيئة كبار علماء الأزهر، الدكتور علي جمعة، قال إن قضية الطلاق الشفوي ناقشها علماء الدين منذ عام 1925، وهناك قول فصل في ذلك نصَّ على أن الطلاق الشفوي عند الأئمة الأربعة يقع ما دام الزوج قد تلفظ به، ونطقه نطقا صحيحا، بدون شهود.
دعاة السيسي يشكرونه على دعوته
وفي المقابل، اصطف الدعاة الموالون للانقلاب، إلى جانب تأييد الدعوة الجديدة للسيسي، والثناء عليها.
ووجه أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، الدكتور سعد الدين الهلالي، صاحب الوصف الشهير للسيسي بأنه "رسول"، الشكر للسيسي، على استجابته لما طالب به على مدى عامين من عدم احتساب وإيقاع الطلاق الشفهي للمتزوجين إلا بالوثيقة الرسمية.
وقال الهلالي، عبر صفحته بموقع "فيسبوك"، إنه قام بعمل دراسة شاملة لهذا الموضوع منذ عام 2015 ووضع فيه كل الأسانيد والأدلة الفقهية التي يستند لها هذا الرأي، معتبرا أن "هذه خطوة عملية في طريق تجديد الخطاب الديني".
ومن جهته، وجه إمام وخطيب مسجد "عمر مكرم"، مظهر شاهين، الشكر للسيسي علي توجيهاته بألا يتم الطلاق إلا أمام المأذون.
وكتب شاهين عبر حسابه بموقع "فيسبوك": "هذا ما نادينا به منذ فترة، واضطررنا إلى اللجوء للقضاء للمطالبة بإصدار قانون يجعل الطلاق غير فاعل إلا إذا كان موثقا".
برلمان السيسي يتحرك بسرعة
ومن جانبهم، سارع عدد من النواب الموالين للسيسي، إلى تبني دعوته السالفة، مؤكدين طرح قانون في البرلمان خلال أيام لتقنين الطلاق الشفهي.
وقال النائب عمر حمروش إن دعوة السيسي لإصدار قانون ينظم الطلاق الشفهي أعادت البسمة إلى قلوب المصريين، لأن هذا القانون سيقلل من حالات الطلاق.
وأكد أنه سيبادر بتنفيذ الدعوة، وسيقوم بتقديم مشروع قانون لتنظيم الطلاق الشفهي في اجتماع اللجنة الدينية، الأربعاء، قائلا: "هذا الاقتراح سيعطي فرصة أكثر للإصلاح بين الأزواج والاستقرار الأسري"، ومشيرا إلى أن القانون سيتضمن عقوبة الحبس أو الغرامة.
وأردف أن عقوبة الحبس أو الغرامة ستكون في حالة: "حدوث مشكلة بين الزوجين، وأن يماطل الزوج في مسألة حقوقها المادية أو العينية"، موضحًا أن تصورات القانون أن تكون وثيقة الطلاق رسمية، وفي الوقت نفسه أن تشتمل على حقوق الزوجة، وأن تكون العقوبة في حالة المماطلة أو التأخر أو امتناع الزوج عن إعطاء الزوجة حقوقها المادية أو العينية.
ومن ناحيته، قال وكيل اللجنة التشريعية بالبرلمان، نبيل الجمل: "نرحب بهذا القانون، وسنوافق عليه، للحفاظ على الروابط الأسرية، والحد من الطلاق".
وغير بعيد، أبدت النائبة آمنة نصير، سعادتها بدعوة السيسي لإصدار قانون لتنظيم الطلاق الشفهي، زاعمة أنه لا يخالف الشرع في شيء.
دعوى لعدم الاعتداد بالطلاق الشفهي
وبسرعة أيضا تلقف محامون موالون للسلطات، دعوة السيسي، ورفعوا دعوى قضائية في اتجاه تأييدها.
وأعلن المحامي المقرب من السلطات، سمير صبري، بصفته وكيلا عن الداعية خالد الجندي، والداعية مظهر شاهين، دعوى مستعجلة ضد رئيس الوزراء، ووزير العدل، وشيخ الأزهر.
وطلب صبري في دعواه بإلزام وزير العدل بإصدار قرار بإجراء تعديل على قانون الأحوال الشخصية المصري ينص على أنه لا يُعد الطلاق شرعيا للمتزوجين بوثائق رسمية إلا ما يتم بالتوثيق الرسمي.
وسبق أن حرك صبري نفسه، دعوى نظرتها الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة، وأجلت نظرها لجلسة 25 تموز/ يوليو المقبل، تخص القضية برمتها.