صدَّق رئيس الانقلاب عبد الفتاح
السيسي، على قانون "التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام"، الاثنين، برغم رفض نقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للصحافة والأوساط الصحفية، للقانون، الذي يقضي بتعيين رئيس وغالبية أعضاء مجلس إدارة "المجلس الأعلى للإعلام"، لتبسط الحكومة من خلاله هيمنتها على الإعلام
المصري.
وكانت نقابة الصحفيين قد ضغطت لإقرار قانون موحد للإعلام، بينما نص القرار المنشور في الجريدة الرسمية، الاثنين، على أنه "يعمل بأحكام قانون التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام، بعد إقراره من مجلس النواب، ويلغى كل حكم يخالف أعماله".
ويأتي ذلك في وقت أثار فيه مشروع قانون إسناد تعيين رؤساء الهيئات القضائية إلى السيسي أزمة جديدة بين السلطتين التشريعية والقضائية، وتسبب في حالة غضب عارمة بين القضاة عبروا عنها برفض المشروع باعتبار أنه يخالف الدستور، ويمثل تدخلا من السلطة التنفيذية في شؤون السلطة القضائية.
والأمر هكذا، دعا صحفي موال للسيسي، سابقا، إلى عزله من الحكم، متسائلا: "ما الذي فعله مرسي، واستحق الثورة عليه، ثمنا له، ولم يفعل السيسي ما هو أفظع منه، ولا يزال يتربع على كرسيه حاكما بل، ويحظى بتأييد البعض له؟".
السيسي يقر "تنظيم الإعلام" برغم رفض الصحفيين
وأصدر السيسي، الاثنين، القانون رقم 92 لسنة 2016 بشأن التنظيم المؤسسي للصحافة والاعلام، بعد إقراره من مجلس النواب.
ووفق وكالة "رويترز": "يختار السيسي رئيس وأعضاء مجلس جديد للإعلام بموجب القانون الذي يمنح المجلس سلطة تغريم أو تعليق إصدار المطبوعات أو جهات البث الإذاعي والتلفزيوني، ومنح أو إلغاء تراخيص وسائل الإعلام الأجنبية".
وينشئ مشروع القانون، الذي أقره البرلمان ووقعه السيسي ليصبح قانونا، وفق الوكالة، ما يُعرف بالمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، الذي يختار السيسي رئيسه ويعين بقية أعضائه بناء على ترشيحات من جهات مختلفة، منها القضاء والبرلمان.
والأمر هكذا، قال نقيب الصحفيين يحيى قلاش، قبل أيام من إصدار القانون بشكله النهائي، إن الضمير والتاريخ، سيحاسبان البرلمان لإصداره القانون الموحد للصحافة والإعلام، على شكله الذي تقدمت به الحكومة.
وتابع بأن "القانون ينتج عنه تغول للسلطة التنفيذية في العمل الإعلامي، وإجهاض حرية الإعلام والتعبير عن الرأي".
ومن جهته، قال رئيس لجنة التشريعات وعضو مجلس نقابة الصحفيين، كارم محمود، إن نقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للصحافة، تحفظوا على بعض مواد القانون الموحد للصحافة والإعلام، وطالبوا بإصداره ككتلة واحدة.
وأشار إلى أن النقابة شاركت بإعداد القانون الموحد للصحافة والإعلام، على مدار عامين، ومتمسكة بإصدار القانون ككتلة واحدة.
وفي المقابل، قال عضو رئيس لجنة الإعلام بمجلس النواب، أسامة هيكل، إن تشكيل المجالس الخاصة التي نص عليها القانون الجديد (المجلس الأعلى للإعلام والهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للإعلام) سيتم خلال شهر.
وأضاف، في تصريح عقب اجتماع عدد من النواب مع رئيس الوزراء، الاثنين، أنه وفقا للقانون ستقوم جهات محددة بالترشيح، وستكون ملتزمة خلال شهر بعقد أول اجتماع للهيئات، وبحلول نهاية فبراير المقبل، ستكون المجالس قد أبدت رأيها في القانون.
"التعيين الرئاسي للقضاة" انقلاب دستوري يفجر غضبهم
وغير بعيد عن غضب الصحفيين، أثار مشروع قانون إسناد تعيين رؤساء الهيئات القضائية إلى السيسي، حالة غضب بين القضاة، وفق صحيفة "البديل"، الثلاثاء.
وكان وكيل اللجنة التشريعية بمجلس نواب ما بعد الانقلاب، أحمد حلمي الشريف، تقدَّم بمشروع قانون لتعيين رؤساء الهيئات القضائية: مجلس القضاء الأعلى، ومجلس الدولة، والنيابة الإدارية، وهيئة قضايا الدولة، إذ ينص على أن يكون التعيين لرؤساء الهيئات القضائية من بين 3 مرشحين بقرار من رئيس الجمهورية.
لكن ردود الفعل الغاضبة تصاعدت داخل الهيئات القضائية، لرفض مشروع القانون. وعبَّر "نادي القضاة" عن رفضه له، واصفا تعيين رئيس الجمهورية لرئيس محكمة النقض، رئيس المجلس الأعلى للقضاء، بأنه "اعتداء على استقلال القضاء".
وقال نادي القضاة، في بيان أصدره الاثنين، إن "استقلال القضاء يقتضي حتما ودون أي مواربة أن تظل الاختيارات القضائية بجميع مستوياتها بأيدي القضاة أنفسهم".
وأصدرت قائمة المرشح لرئاسة مجلس إدارة نادى قضاة مجلس الدولة، المستشار سمير البهي، بيانا، الاثنين، وصفت فيه مشروع القانون، بأنه "انقلاب دستوري، وتدخل أمني في شؤون القضاء، وعصف باستقلاله، ووسيلة إلى أن تكون تقارير الأمن، السبيل، للتعيين دون اعتبار لمبدأ الأقدمية".
وواصل البيان: "إن مشروع القانون قُدِّم في وقت يتعين فيه تجنيب البلاد من اضطرام فتنة، عاقبتها خسر، وخاتمتها شر"، مخاطبا السيسي، قائلا: "أوئد المشروع قبل أن يتفاقم شره، ويتراقى ضره، وتضطرم بالبلاد ناره".
لماذا مرسي وليس السيسي؟
وتعليقا على المشهد الحاصل، اختار سليمان الحكيم، الصحفي المعروف بمواقفه السابقة الموالية للسيسي، التساؤل السابق، عنوانا لمقاله بجريدة "مصر العربية"، الإلكترونية، الثلاثاء، مبتدئا إياه بالتساؤل: "ما الذي فعله مرسى واستحق الثورة عليه ثمنا له، ولم يفعل السيسي ما هو أفظع منه، ولا يزال يتربع على كرسيه حاكما بل ويحظى بتأييد البعض له؟".
وتابع الحكيم تساؤلاته: "ألم يفجُر السيسي في عدائه وخصومته مع جميع من تلطف مرسى في الخصام معهم؟ هل يقاس الفقر الذي كان عليه الشعب في تلك الأيام بالفقر والغلاء الذي يقاسي منه الشعب على يد السيسي ونظامه؟ هل يمكن مقارنة الفساد في عهد مبارك - مثلا - بالفساد الذي طفح به الكيل هذه الأيام؟".
وأضاف: "لقد رأى السيسي أن مرسيى يستحق العزل من منصبه في 30 يونيو، لأنه أشهر سيف العداء والخصومة مع كل فئات المجتمع، ومختلف أطيافه السياسية.. ألم يفجر السيسي في عدائه وخصومته مع جميع من تلطف مرسي في الخصام معهم؟".
وتابع الحكيم: "بالنسبة للقضاة.. هناك قانون يُعد الآن في مجلس النواب ليقضي على استقلال القضاء، بالسماح لمجلس النواب بتعيين رؤساء المحاكم، وهو ما يمثل افتئاتا من السلطة التشريعية على السلطة القضائية، أما الصحفيون فلأول مرة تقتحم قوات الأمن نقابة الصحفيين لإلقاء القبض على اثنين من أعضائها إضافة إلى إصدار قانون تنظيم
الصحافة على غير رغبة الصحفيين ومصلحتهم، بما يمثل هيمنة الحكومة والرئيس شخصيا على حرية الرأي والتعبير بالمخالفة لنصوص دستورية واضحة، أما الأطباء فقد نالوا نصيبهم من بلطجة عناصر الداخلية بالضرب وامتهان الكرامة"، على حد قوله.
وأشار الكاتب إلى الاستهانة بأحكام القضاء، وضرب عرض الحائط بها، حتى إن الحكم الذي أصدرته محكمة النقض، وهي أعلى هيئة قضائية، بأحقية عمرو الشوبكي بمقعدة بمجلس النواب، لم ينفذ، أما المحامون فلا يزالون يلقون من العسف والاضطهاد بل والتنكيل بقدر ما يلم يلقوه طوال تاريخهم في مهنة المحاماة.
وشدّد على أن "الأخطاء والخطايا التي قال لنا السيسي إن مرسي يستحق العزل عليها أهون وأقل كثيرا من خطايا السيسي نفسه"، مؤكدا أن "هذا غيض من فيض الأخطاء والخطايا التي قال لنا السيسي إن مرسى يستحق العزل عليها.. أهون وأقل كثيرا من خطايا السيسي نفسه في حق كل فئات المجتمع دون أن يستثنى منهم سوى الشرطة والجيش، وهما أسلحة القمع التي تلقى منه كل التدليل والتمييز، أما بقية الفئات فقد غاص بها الرجل إلى القاع بموجة من الغلاء الفاحش"، بحسب قوله.
ويُذكر أن السيسي، أقرَّ بتراجع شعبيته، في حوار لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، قبل أيام، غير أنه قال إنه لا يخوض "مسابقة شعبية"، وإن ترشحه لفترة ثانية مرتبط بقدرة المصريين على تحمل المشاق والتضحية.