غادر اللواء محمد إبراهيم وزير
الداخلية السابق
مصر، في العاشر من كانون الثاني/ يناير الجاري، متوجها إلى
الإمارات، دون الإفصاح عن سبب زيارته ولا موعد عودته إلى البلاد، ليلحق باللواء مراد موافي، مدير
المخابرات العامة المصرية الأسبق، الذي سبقه إلى الإمارات بثلاثة أيام، وبالطريقة ذاتها.
وأثارت هذه الزيارات الغامضة والمتزامنة لقيادات أمنية مصرية سابقة؛ تساؤلات عديدة حول تجمعهم في البلد الذي يستضيف أيضا الفريق أحمد شفيق، المرشح الرئاسي السابق وأحد أهم المنافسين المحتملين لقائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي.
ومنذ الأيام الأولى لثورة كانون الثاني/ يناير 2011، تحولت الإمارات إلى قبلة رموز نظام حسني مبارك، حيث استضافتهم ووفرت لهم الحماية من الملاحقة القضائية.
وكان وزير الصناعة والتجارة الأسبق، رشيد محمد رشيد، أول الراحلين إلى الإمارات قبل سقوط نظام مبارك بأيام، تلاه الرئيس الأسبق لجهاز المخابرات العامة اللواء عمر سليمان؛ الذي أعلن انتقاله للعيش بأبو ظبي في نيسان/ أبريل 2012، في أعقاب رفض القضاء السماح له بخوض انتخابات الرئاسة، وبعد ثلاثة أشهر لحق به أحمد شفيق، وذلك بعد يومين فقط من إعلان خسارته الانتخابات أمام الرئيس محمد مرسي.
ملاذ آمن من التهديدات
من جهته، يقول الخبير بمركز الأهرام للدرسات السياسية، محمد السيد، إن الإمارات الآن هي "أكثر الدول العربية استقرارا، وليس بها فوضى أمنية أو إرهاب، على عكس مصر، كما أن النظام الإماراتي يعتبر من أقرب الأنظمة للنظام المصري، ويوجد بينهما علاقات قوية سياسيا وأمنيا، وهذا ما يجعل معظم الشخصيات المحسوبة على النظام السابق أو الحالي مثل محمد إبراهيم أو مراد موافي يذهبون للعيش هناك".
وقال السيد لـ"
عربي21"؛ إن وزير الداخلية السابق "تلقى تهديدات كثيرة من الإرهابيين الذين يعتبرونه متورطا في مذبحة فض اعتصام رابعة، وأعتقد أنه رأى أن الإقامة خارج مصر في بلد مستقر ليس بينه وبين النظام الحالي خلافات سيكون أفضل له"، وفق قوله.
كما اعتبر الباحث بالمركز العربي للدرسات السياسية، مختار غباشي، أن من الطبيعي أن يترك إبراهيم البلاد ويعيش في الخارج بعد إقالته من منصبه، بسبب عدم شعوره بالأمان في مصر، وكان عليه أن يبحث عن بلد آمن ومستقر وفي نفس الوقت ليس بينه وبين النظام المصري خلافات سياسية"، على حد تعبيره.
وأشار غباشي، في حديث لـ"
عربي21"، إلى أن العلاقة بين مراد موافي وشفيق "طيبة بقدر كبير"، لافتا إلى أن "من الممكن أيضا أن تكون هناك أمور أخرى خاصة بالعمل الأمني والاستخباراتي يقوم بها موافي، وهذا النوع من القضايا يتميز بالسرية التامة والمعلومات حوله لا تكون متاحة أو متداولة"، كما قال.
وكانت صحيفة "فيتو" المقربة من الأجهزة الأمنية في مصر؛ قد ذكرت في أيار /مايو الماضي؛ أن اللواء محمد إبراهيم فُرِضت عليه ما يشبه "الإقامة الجبرية"، وأنه بات يشعر بعدم الأمان في البلاد، خاصة بعدما قللت السلطات من مستوى الحماية الشخصية له.
توتر مصري خليجي
وتأتي هذه الزيارات في وقت تشهد فيه العلاقات بين النظام المصري ودول الخليج توترا واضحا، وإن كانت بدرجات متفاوتة من دولة لأخرى، وتجسد هذا التوتر الهجمات الإعلامية المتبادلة في مصر والسعودية، إضافة إلى البيان الصادر من مجلس التعاون الخليجي في شهر كانون الأول/ ديسمبر الجاري الذي أعلن التضامن الخليجي مع قطر في مواجهة اتهامات النظام المصري لها بالتورط في تفجير الكنيسة البطرسية بالقاهرة.
ويقول مراقبون إن دول الخليج ربما أصبحت مقتنعة أكثر من أي وقت مضى؛ بأن السيسي أصبح يمثل عبئا عليها، بسبب الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية الآخذة في التدهور، منذ انقلابه على الرئيس محمد مرسي، وأنها باتت تفضل تولي شخصية أخرى حكم مصر للخروج من الأزمة الحالية.
وفي هذا السياق، قال عبد الخالق عبد الله، مستشار محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي، عبر "تويتر"، إنه "خلف الأبواب المغلقة في العواصم الخليجية يتصاعد يوما بعد يوم شعور الإحباط تجاه أداء النظام في مصر وتحوله لعبء سياسي ومالي يصعب تحمله طويلا".
وأضاف: "خلف الأبواب المغلقة في العواصم الخليجية يتصاعد الاستياء من الدبلوماسية المصرية التي يصعب تحقيق حد أدنى من التنسيق معها تجاه قضايا مصيرية".
وكان موقع "ميدل ايست آي" البريطاني قد نشر في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015 تفاصيل وثيقة سرية، قال إنه انفرد بالحصول عليها، وتكشف أن الإمارات فقدت الثقة بقدرة السيسي على خدمة مصالحها، رغم مساعدتها له بشكل أساسي في الانقلاب وتمويله بمليارات الدولارات، وأشارت إلى أن الإماراتيين يفكرون في اختيار شركائهم في مصر مستقبلا بعناية أكبر.
طموح سياسي!
ويعد اللواء مراد موافي من أبرز قادة القوات المسلحة السابقين، حيث تولى رئاسة المخابرات العامة عقب ثورة كانون الثاني/ يناير، خلفا للواء الراحل عمر سليمان، لكن الرئيس محمد مرسي أطاح به إثر مذبحة رفح الأولى، بصحبة المشير حسين طنطاوي والفريق سامي عنان.
ويعرف عن موافي (66 عاما) رغبته في لعب دور سياسي، حيث أعلن ترشحه للرئاسة عقب الانقلاب، لكنه تراجع عن هذه الخطوة بعدما أعلن السيسي خوض سباق الانتخابات.
وفي شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي، أصدرت حركة "الدفاع عن الأزهر والكنيسة" بيانا دعت فيه إلى تعيين مراد موافي في منصب رئيس الوزراء، لمساندة السيسي في إدارة البلاد حتى تعبر مصر الأزمة الاقتصادية الطاحنة التى تمر بها، على حد قولها.
وقال اللواء نبيل صادق، وكيل جهاز المخابرات العامة الأسبق، في البيان، إن موافي هو الأقدر حاليا على قيادة الحكومة، بما يملكه من قدرة على وضع حلول مبتكرة للأزمات وأن تاريخه في رئاسة جهازي المخابرات الحربية والعامة يشهد له بالكفاءة، وفق البيان.