نشرت صحيفة "إندبندنت" مقالا للصحفي كيم سينغوبتا، يتحدث فيه عن تأثير وفاة الرئيس
الإيراني الأسبق علي أكبر هاشمي
رفسنجاني، وتوقيتها وتأثيرها في الاتفاقية الشاملة للبرنامج النووي الإيراني، في ضوء اقتراب تسلم الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد
ترامب السلطة في بلاده.
ويقول الكاتب إن وفاة رفسنجاني تأتي في وقت صعب لعلاقات إيران مع المجتمع الدولي، حيث يهدد ترامب وفريقه بتمزيق اتفاقية برنامج إيران النووي، مشيرا إلى أن وفاته تعني خسران الرئيس الإصلاحي حسن روحاني لحليف مهم جدا، في مرحلة مهمة من صراعه مع رجال الدين المحافظين المتنفذين.
ويضيف سينغوبتا أن "الموضوعين ليسا منفصلين، فكما عارض اليمين الأمريكي، بتحريض من إسرائيل والسعودية،
الاتفاق النووي، عارض المتشددون الإيرانيون الرئيس روحاني وحكومته ما رأوا أنه تسليم لحقوق بلدهم السيادية في الدفاع والأمن".
ويشير المقال، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن رفسنجاني كان شخصية مهمة في تاريخ إيران الحديث، حيث كان أحد قيادات ثورة عام 1979، التي أطاحت بالشاه، وكان مستشارا للخميني، بالإضافة إلى أنه قاد الحرب مع العراق، ثم شغل منصب رئيس البلاد لمدة ثماني سنوات.
ويقول الكاتب: "كوني واحدا من قلة من الصحفيين الذين سمح لهم بتغطية الانتخابات في إيران العام الماضي، شاهدت كيف أصبح رفسنجاني مصدر دعم لليبراليين، وجلب الكراهية لنفسه من المحافظين في أماكن مثل قم، التي هي بمنزلة (فاتيكان) الشيعة، وينتقده معارضوه لدعوته إلى المزيد من الحقوق المدنية، ومحاولة التفاهم مع الغرب وتأييده للاتفاق النووي".
وتلفت الصحيفة إلى أن ترامب وعد خلال حملته بانسحاب أمريكا من الاتفاق النووي عندما يتسلم الحكم، وقال للوبي الإسرائيلي: "إنه كان أسوأ اتفاق تم التفاوض عليه"، وأضاف أن إلغاء الاتفاق هو أولويته الأولى، مشيرة إلى أن الفريق مايكل فلين، الذي سيشغل منصب مستشار الأمن القومي للرئيس المنتخب، شجب الاتفاق، كما قال مايك بومبيو، الذي سيشغل منصب مدير وكالة الاستخبارات المركزية، إنه يتطلع إلى "إلغاء هذه الصفقة الكارثية".
ويورد المقال أن إسرائيل، التي ترى في إيران "تهديدا وجوديا لها"، والسعودية، قائدة دول الخليج السنية المشتبكة مع إيران الشيعية في مواجهة طائفية، تشجعان إدارة ترامب على اتخاذ هذا الموقف المتشدد من إيران.
ويفيد سينغوبتا بأن الرئيس المنتخب استقبل سلسلة من المناشدات، من إيرانيين أمريكيين بارزين، وبعضهم معارضون للحكومة في طهران، ومن 37 عالما كبيرا، بعضهم حائز على جائزة نوبل، بعدم إلغاء الاتفاق، لافتا إلى أن كلا من وزير الدفاع الجديد الجنرال جيمس ماتيس، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي السيناتور بوب كروكر، حذرا من أي أفعال متسرعة.
وتستدرك الصحيفة قائلة إن "عدم القدرة على التنبؤ بما قد يفعله ترامب لا يزال مستمرا، وحتى لو لم يكن هناك فعل تجاه الاتفاق النووي، فإنه تحدث بشكل متكرر عن فرض عقوبات جديدة ضد إيران؛ بسبب برنامج الصواريخ ودعمه لمجموعات، مثل حزب الله في الخارج".
وينوه المقال إلى أن المتشددين في إيران استغلوا هذا الغموض، وشنوا حملة أخرى ضد الاتفاق النووي، زاعمين أن "أمريكا الغادرة" خدعت الرئيس روحاني ليدخل في هذا الاتفاق، مشيرا إلى أن عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني جواد كريمي قدوسي، وزع أوراقا قال إنها محادثة بين وزير الخارجية الإيراني محمد ظريف، أحد مهندسي الاتفاق، ومستشاريه، حيث يقول ظريف إنه كان ساذجا ليثق بوزير الخارجية الأمريكي جون كيري.
وينقل الكاتب عن الدكتور فرهد رضائي، الذي يكتب في شؤون السياسة الخارجية والبرنامج النووي، تعليقه، قائلا إنه حتى لو كانت هذه الأوراق مزورة، فإن الشكوك التي ولدتها في هذا المناخ الموبوء -بأن ترامب سيفرض عقوبات أمريكية جديدة على إيران لدى وصوله إلى البيت الأبيض- قد تؤدي إلى خسارة روحاني للانتخابات، التي ستعقد بعد عدة أشهر.
وبحسب الصحيفة، فإن آخرين حذروا من أن الرئيس حرم من تأييد مهم في وقت هو بأشد الحاجة له، وقال الأستاذ في جامعة طهران صادق زيباكلام: "ستضعف وفاة رفسنجاني الحكومة، وستؤثر سلبا على حركة الإصلاحيين في البلاد".
وتختم "إندبندنت" مقالها بالإشارة إلى تلخيص نافيد عارف، الطالب الذي شارك في حملات تأييد الإصلاحيين في الانتخابات الماضية، الأجواء السائدة، بالقول: "سنمر نحن في إيران بأوقات عصيبة، توفي آية الله رفسنجاني، وترامب سيصبح رئيسا لأمريكا، لا يمكنك الشعور إلا بأنه سيتم تخريب كل ما تم تحقيقه".