كشف الفاروق أبو بكر، القيادي في حركة أحرار الشام، والمسؤول عن ملف التفاوض حول
حلب، إن
إيران حاولت خلال المفاوضات الأخيرة إخراج كل سكان بلدتي
الفوعة وكفريا الشيعيتين المحاصرتين في ريف إدلب الشمالي، من مقاتلين ومدنيين، ضمن اتفاق إخلاء الأحياء الشرقية محلب، وهو ما حاولته أيضا في مفاوضات سابقة.
لكن أبو بكر لفت، في حديث خاص مع "عربي21"، إلى الفصائل رفضت إخراج جميع أهالي الفوعة وكفريا، والاكتفاء ببضع بعدد محدود، لأن البلدتين مرتبطتان أصلا باتفاق آخر يتضمن مضايا والزبداني اللتين تحاصرهما مليشيات النظام في ريف دمشق، وقد رفض أهالي هاتين المدينتين مغادرتهما، وأصروا على البقاء في أماكنهم.
وحول دواعي إصرار إيران على إنهاء ملف المدن الأربع، عبر سعيها لإخراج جميع سكان الفوعة وكفريا في إدلب، وكذلك تهجير أهالي مضايا والزبداني، قال الفاروق أبو بكر إن الهدف من وراء ذلك هو إرادة طهران في سحب ورقة الفوعة وكفريا الرابحة من أيدي فصائل الثورة السورية.
وفي نهاية المطاف، خرج من بلدتي الفوعة وكفريا المحاصرتين بريف إدلب قرابة 3000 شخص، ضمن الاتفاق الذي تم لإجلاء المحاصرين من الأحياء الشرقية لمدينة حلب الشهر الماضي، حيث تم نقلهم إلى حلب ومنها باتجاه مراكز إيواء مجهزة لهم في منطقة حسياء جنوب شرق حمص. وكانت صفحات موالية قد نشرت أن هدف النظام السوري من نقلهم إلى حسياء، هو لحماية الطريق الدولي "دمشق – حمص" من هجمات تنظيم الدولة.
ورقة سياسية أم عسكرية؟
ويعتقد مدير مركز جسور للدراسات، محمد سرميني، أن إيران تستخدم الفوعة وكفريا كورقة سياسية، وليس من منطلق عقائدي، بمعنى أنها لا تريد إنقاذ مجموعة دينية شيعية محاصرة في جيب عسكري شمال إدلب، والدليل أن "المفاوضات الأخيرة في حلب؛ لم يكن مطروحاً فيها إدخال ملف
كفريا والفوعة، وبعد أن تمت موافقة روسيا على عملية الإجلاء، ذهبت موسكو إلى إيران من أجل إتمام العملية، لكن هذه الأخيرة وجدت الفرصة مناسبة لاستغلال هذا الملف، واللعب على وتره بغرض تحقيق المكاسب"، وفق قوله.
ويبيّن سرميني في حديث خاص لـ"عربي21"؛ أن إيران قامت بتعطيل خروج المدنيين من حلب من أجل إدخال ملف الفوعة وكفريا على بنود الاتفاق، لافتا إلى أن أهالي البلدتين باتوا يعرفون تماماً أنهم عبارة عن ورقة سياسية تُستخدم في المفاوضات مقابل المناطق المحاصرة، مثل مضايا والزبداني وحي الوعر بحمص، وهذا الأمر ربما ولَد شعوراً بالتململ بينهم.
ويرى سرميني، أنه ما زال أمام إيران القدرة على توظيف ملف الفوعة وكفريا في مسارين، الأول سياسي، لما له من تأثير كبير على مصير مضايا والزبداني، وذلك ضمن إطار مساعيها في تحقيق خطتها جنوب
سوريا، في إشارة إلى ما تقوم به إيران في العاصمة ومحيطها من عمليات تهجير قسري وتغيير ديمغرافي، وسط عدم قدرة المجتمع الدولي على عرقلة مساعيها هذه. وبالمحصلة بحسب سرميني، فإن طهران ما زالت ترى أن ورقة الفوعة وكفريا صالحة للاستخدام في مفاوضات مستمرة ضمن مناطق ما تزال محاصرة، يمكن التفاوض عليها، إما بشكل مباشر مع حركة أحرار الشام أو غير مباشر مع جبهة فتح الشام.
وفيما يخص المسار الثاني، وهو عسكري، فيعتقد مدير مركز جسور؛ أنه في حال استمر وجود الفوعة وكفريا وتعرقل المخطط جنوب سوريا، من الوارد أن يتم توظيف وجود هذا الجيب العسكري المحاصر من أجل السيطرة على إدلب، بحيث يشن المقاتلون داخل البلدتين، والذين أعدادهم ليست بالقليلة، هجوماً من داخلها بالتزامن مع هجمات أخرى من محاور متعددة أبرزها ريف حلب الجنوبي، مثل السيناريو الذي قضى بفك حصار نبل والزهراء الشيعيتين شمال حلب، وفق تقديره.