قضايا وآراء

العرب ومواجهة المؤامرة الاقتصادية على تركيا

1300x600
لم تنته المؤمرات على تركيا بعد، فمنذ فشل الانقلاب العسكري الغاشم في منتصف تموز/ يوليو 2016، واكتشاف خيوطه التآمرية، لم يتوقف الغرب بل وبعض دول الشرق عن السعي الدؤوب لمنع المارد التركي من السير في طريقه المرسوم نحو حياة أفضل للأتراك، ورفع الظلم عن المظلومين، ومناصرة القضايا العادلة للمسلمين بل للعالمين.

إن خيوط المؤامرة لم تتوقف على مقتل السفير الروسي بتركيا يوم الاثنين الماضي، ومن قبلها التفجيرات الآثمة التي تهدف إلى زعزعة استقرار تركيا، فضلا عن محاولة جر تركيا لحرب ضروس في سوريا والعراق. فقد امتدت المؤامرة أيضا إلى الاقتصاد التركي وخاصة السعي الدؤوب لضرب الليرة التركية.

لقد قالها الزعيم التركي نجم الدين أربكان من قبل: "إذا أصبحت سوريا قضية في يوم من الأيام فاعلموا أن الهدف تركيا". والواقع يعكس هذه الحقيقة من تآمر دولي على بلد تقدمت بقيادتها ووعي شعبها.. بلد اعتمدت على نفسها فكونت بنية تحتية اقتصادية قوية سواء في الزراعة أو الصناعة أو الخدمات.. بلد تأكل مما تزرع.. وتلبس مما تصنع.. وتلبي حاجة مواطنيها من عمل مواطنيها وتوجيه قيادتها التي لم تفرط يوما في حقوق شعبها وأمتها، وأصبح القاصي والداني يعرف معنى كلمة السياسة وفن الممكن في سلوكها.

لقد دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان شعبه إلى دعم الليرة التركية بتحويل ما لديهم من دولارات إلى ليرة تركية وكان من أوائل الفاعلين، فانهال الأتراك بوعيهم المعهود نحو تنفيذ ما دعا إليه الرئيس أردوغان. بل  وابتكرت المؤسسات والمحلات ابتكارا رائعا من خلال منح خصومات لمن يقوم بالتحويل من دولار إلى ليرة.

وإذا كانت تركيا هي الحصين الحصين لأهل السنة، والملاذ الرحيم للمظلومين، ومصدر القوة للمسلمين، فلا أقل للعرب والمسلمين من الوقوف مع تركيا ضد هذا التؤامر الدولي لاسيما المؤامرة الاقتصادية عليها، وذلك من خلال دعم الاقتصاد التركي بكل قوة وعدم المضاربة بتاتا على الليرة. ومن العجب العجاب أن نجد الاستثمار الأجنبي المباشر الوارد إلى تركيا يستحوذ الاتحاد الأوربي على نحو 60 في المئة منه، في حين أن استثمارات العرب تظل متواضعة بالنسبة لذلك، وهذا يحتم على الدول العربية لا سيما الخليجية الاتجاه بجزء من أموال الصناديق السيادية التي بلغت نحو 2.6 تريليون دولار للاستثمار المباشر في تركيا، لاسيما الاستثمار في مجال الطاقة وخاصة أن الواردات التركية في جلها من الطاقة.

كما أن الأفراد والشركات في دول الخليج ونحوها من الأولى لهم الاستثمار في تركيا استثمارا مباشرا في المجالات والأنشطة المتنوعة التي يتميز بها الاقتصاد التركي، ولا أقل من الاستثمار أو الاقتناء العقاري، فتركيا سوق واعد وذات ربحية مرضية، ولا يوجد استثمار بغير مخاطر، والمخاطر هنا محسوبة ومعلومة في ظل دستور واضح، ونظام ديمقراطي سائد، وحقوق محفوظة، وبنية اقتصادية راسخة، وخطط مستقبلية مرسومة وواضحة. كما أن المسئولية التضامنية إسلاميا تتطلب قبل كل شيء الوقوف مع هذا البلد ورئيسه الذي ما تخلي يوما عن قضايا المسلمين.

كما تتطلب المسؤولية التضامنية كذلك تعزيز سياحة المسلمين والعرب نحو تركيا سواء أكانت تلك السياحة: سياحة ترفيهية أو علاجية أو سياحة مؤتمرات وندوات ودورات تدريبية، وكذلك إرسال البعثات التعليمية للدراسة فيها، وتوجيه دفة الاستيراد لتكون منها بديلا عن غيرها.

وفي الوقت نفسه فإن الحكومة التركية مطالبة بتعزيز صادراتها لاسيما في الدول الإفريقية والعربية، والتوسع في الاتفاقيات الثنائية للتعامل المتبادل بعملتها وعملة البلدان الأخرى التي لها تجارة بينية معها، فضلا عن مراقبتها للتحويلات الخارجية بما في ذلك التحويلات التي قد تحدث بصورة غير رسمية من أجل تهريب الأموال وخلخلة الاقتصاد.

وختاما فإن ما يحدث في المنطقة يعكس أن هناك مخاطر تحيط بتركيا وهذا ليس جديدا في سنَن الله الشرعية والكونية فالمؤامرة واضحة ومستمرة على كل ما هو إسلامي (ولا يزالون يقاتلونكم حتي يردوكم عن دينكم إن استطاعوا) البقرة/ 217.. ورغم هذه المخاطر فإن المستقبل بإذن لله سيكون لتركيا، وستكون أكثر قوة مما هي عليه، والمخاض الإسلامي قادم لا محالة، وإن شاء الله تعالى سيكون العقد القادم عقد نصر وتمكين للمسلمين.