نشرت صحيفة "التايمز" تقريرا لمراسلتها حنا لوسيندا سميث، تقول فيه إن قوات النظام السوري قامت بخطف الناجين من الحافلات التي حملتهم من
حلب الشرقية.
وتقول سميث في تقريرها، الذي أعدته من مدينة أنطاكية التركية: "نجا من القنابل، وتحمل حصار حلب، وركض بسرعة ليتجنب المذبحة الأخيرة، وفي النهاية كانت قائمة أسماء هي التي فصلت محمد غانم عن عائلته، فبعد أربعة أعوام في منطقة المقاتلين، شرق حلب، كان غانم (58 عاما) أول من ركب الحافلات الخضراء، التي أفرغت مناطق المعارضة المدمرة إلى المنطقة القريبة في
إدلب".
وتضيف الكاتبة أنه "في الممر الذي يمر عبر مناطق حلب الغربية الممتد على طول 2.5 ميل، وجد غانم نفسه في عالم الأسر السري لنظام
الأسد، وبناء على اتهامات غير محددة".
وينقل التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، عن شقيق غانم، طارق، قوله: "توقفنا عند نقطة تفتيش، ومن ثم جاء جندي، وقام بفحص هويات الجميع، وكانت لديهم قائمة أسماء، التي وجدوا اسم محمد عليها، ومن ثم أخذوه من الحافلة، ولم نسمع عنه منذ ذلك الحين".
وتشير الصحيفة إلى أنه بالنسبة لسكان حلب الشرقية، فإن هذه ليست عملية إجلاء، لكنها عملية تشريد شاملة، حيث وجد السكان، الذين ظلوا في المدينة، وعانوا من حكم الجماعات المتشددة، أنفسهم مجبرين على الخروج، مع تقدم قوات النظام والجماعات الموالية له، وسط تقارير عن ارتكاب جرائم ومذابح، لافتة إلى أنه في حي الفردوس، الذي يعيش فيه غانم، سيطر الخوف عندما وصل الهاربون من حي الكلسة، وتحدثوا عن عملية قتل عائلة كاملة، وضعت أمام الجدار ثم أطلق النار عليها، في الوقت الذي تقدم فيه النظام والجماعات الطائفية الموالية له.
وتورد سميث أن طارق غانم البالغ من العمر 42 عاما، تذكر كيف سيطروا على حي الفردوس بعد يومين، مثل "بحر أسود"، وقامت العائلة بجمع بعض مقتنياتها، ومن ثم أحرقت ما تبقى، حتى لا يقع في أيدي عناصر المليشيات، وبدأت رحلتها الأخيرة، وقال إن ثلاثة رجال تحت سن الثلاثين خطفوا من الحافلة مع أخيه.
ويكشف التقرير عن أن الآلاف من الشبان هربوا من مناطق النظام؛ خشية أن يتعرضوا للمصير ذاته، مشيرا إلى أن الأمم المتحدة أكدت بداية الشهر الحالي اختفاء عدد من الرجال الذين اجتازوا إلى المنطقة الغربية الخاضعة للنظام هربا من القصف الجوي المستمر.
وتقول الصحيفة: "لم يبد سكان حلب الغربية إلا تعاطفا قليلا مع ركاب الحافلات، حيث عاشوا خلال السنوات الخمس الماضية على دعاية النظام، التي قالت لهم إن المعارضين لنظام الأسد كلهم إرهابيون، واحتفل الكثيرون بالإهانة الأخيرة التي تعرض لها من كانوا جيرانهم".
ويقول غانم: "اصطفوا على طرفي الشارع الذي مرت منه الحافلات، وكان بعضهم يرقص ويغني للأسد، وبصق بعضهم على الحافلات التي مرت من أمامهم"، حيث ستكون إدلب النقطة الأخيرة للحافلات التي نقلت في الماضي مقاتلين ومدنيين من حمص ودمشق، والآن من حلب.
وتلفت الكاتبة إلى أن "الجماعات الجهادية تسيطر على إدلب، ولا أحد يشك بأنها المستفيدة من الفوضى في
سوريا، أو قيام النظام والقوى المتحالفة معه بتوجيه أنظارهم إليها بعد حلب، وكان غانم وابنه الجريح أنور من القلة الذين استطاعوا عبور الحدود إلى
تركيا للعلاج، وهي رحلة نقاهة قصيرة من الحرب في بلادهما".
ويفيد التقرير بأن شظية أصابت أنور في بطنه قبل 20 يوما؛ نتيجة لقصف النظام، ولم يتمكن الأطباء في إدلب من معالجته؛ نظرا لعدم توفر المواد الطبية، حيث سمح لهم بنقله إلى تركيا للعلاج فيها، حيث لم تسمح تركيا للعلاج فيها إلا لمن هم بحالة خطيرة، مشيرا إلى أن غانم رافق ابنه، فيما لجأت زوجته وأطفاله الثلاثة لأقارب لهم في إدلب، ويرغب بإحضارهم إلى تركيا، لكنه قد يجبر على العودة.
وتورد الصحيفة أنه تم إجلاء حوالي 10 آلاف من حلب، منهم 2700 طفل، وهناك 47 يتيما من ملجأ، كانوا محلا للمناشدات الدولية لمساعدتهم وإخراجهم من حلب، منوهة إلى أن عددا من الأطباء الذين قدموا ما لديهم من مواد طبية رافقوا الجرحى.
وتنوه سميث إلى أن من هؤلاء الجرحى كان أبو تيم، الذي قدم صورة قاتمة عن المدينة، وقال إن مستشفى القدس، الذي كان يعمل فيه، اشتعلت فيه النيران وتم تدميره، مشيرا إلى أن هناك حوالي 5 آلاف مدني ينتظرون الإجلاء، وأضاف: "الخروج من حلب هو أشبه بالخروج من جهنم، شاهدت النساء والأطفال وهم ينامون في العراء تحت البرد، ودون طعام أو دواء".
وتختم "التايمز" تقريرها الإشارة إلى قول أبي تيم: "شاهدت جشع الطرفين، المقاتلون الذين أسرعوا بإخراج عائلاتهم، مع أن الدور لم يصلهم، ورأيتهم وهم يتخاصمون حول من يجلي عائلته أولا، ورأيتهم يتبادلون الاتهامات".