قالت صحفية سويدية، عملت في
سوريا، إن النظام لا يسمح إلا للإعلام الموالي والموجه "أن يبث قصصا محصورة ومحاصرة تؤكد رواية النظام وحده فقط".
ونقلت قصة الصحفية
سيسيليا أودن، صديقتها الصحفية في "يديعوت أحرونوت"، سمدار بيري، في العدد الصادر، الاثنين.
وتروي بيري أنه "من بين ثمانية ممثلين لوسائل الإعلام الأجنبية ممن تلقوا من الحكم السوري تأشيرات دخول وأذون عمل، لرفع التقارير عن القتال في
حلب، كانت سيسيليا أودن، المراسلة القديمة وكثيرة الجوائز للراديو والتلفزيون في ستوكهولم، والتي تسكن في القاهرة، وعملت في مناطق مختلفة في الشرق الأوسط، كان آخرها حلب، التي وصلت إليها الأسبوع الماضي".
ورافق أودن، مثل باقي زملائها، مرافق من وزارة الإعلام، قدم نفسه كمعلم رياضيات، ويتمثل دوره، "مثلما تسير الأمور في الأنظمة الدكتاتورية بالوشاية: أين تتجول أودن، من نجحت في إجراء المقابلات معهم، وعما توشك أن تكتب تقاريرها"، بحسب تعبيرها.
ووصلت أودن والسائق والمرافق إلى غربي حلب، وعندها تلقوا أمرا بعدم الخروج من الفندق، وأن يكونوا مغلقين ومنغلقين حول شجرة السرو المزينة بالأضواء الملونة التي أقاموها، في قاعة فندق سبحا، كما أنه طلب من الصحافيين الانتظار إلى أن يقرر الأسد رفع الحصار عنهم أيضا وأن يأخذهم الموظفون إلى جولة النصر، فلم يكن "ينقص الأسد أن يتجول الصحافيون والمصورون في المدينة المقصوفة وأن ينقلوا إلى العالم قصص الفظاعة".
"من نافذة الغرفة"
وتساءلت بيري ساخرة: "ماذا يفعل صحافي محبط حين يضغط مسؤولوه عليه؟"، موضحة أنه "يصور ما يراه من نافذة غرفته التي تطل على الأحياء المقصوفة من حلب، يسترق من خلف ظهر المرافق ويخرج للبحث عن الفارين، يوثق قصصهم الممزقة للقلب، ويرفع إلى البث وإلى الشبكات الاجتماعية كل ما ينجح في جمعه".
وسخرت بيري بقولها إنه "بينما تتجول الصحافة الأجنبية بيدين مقيدتين، نشر بشار الأسد مقابلتين صحفيتين يشكو فيهما ضمن أمور أخرى من الصحفيين الذين يعالجون "من بعيد" قصة حلب، ويمجدون معارضه فقط، ويلوثون صورة حكمه "المتنور" و"الإنساني"، وذلك بدلا من الوصول إلى الميدان.
وبحسب ادعاء الأسد، وقصته الحقيقية، وروايته العنيدة، فإن "مئة ألف عائلة بقيت في حلب أصبحت رهينة في يد عصابات الإرهاب"، وإن "الجيش السوري خرج إلى المدينة الكبيرة كي يحمي سكانها".
استهداف مباشر
والثلاثاء ليلا، حين هدد اتفاق الإخلاء الأول بالانهيار، استوعبت أودن بأنها باتت مستهدفة. فقد حذرها المرافق بأنهم "في دمشق غير راضين عن تقاريرك"، وأخذها ممثل الحكم من الشارع وطلب فحص العتاد والبث.
وفي صباح الغد جمدوها من الجولة التي نظمتها وسائل الإعلام للصحافيين في ضواحي حلب، بعيدا عن الأحياء المحاصرة، وعندها جاءت إلى غرفة أودن ممثلة الحكم وأعطتها محاضرة طويلة عن كيف ينبغي أن يعمل صحفي أجنبي ينال معاملة خاصة، بعد أن منح تأشيرة الدخول والعمل في داخل سوريا.
وعند الظهر هبط عليها أمر إبعاد، قائلة: "طلبوا مني أن اغادر سوريا على الفور، وأبلغوني بأنه محظور علي البث، وأخذوا التأشيرات، واتهموني بنشر معلومات كاذبة وأفهموني بأني أثرت أعصابهم، ولم يجدِ نفعا احتجاج السفير
السويدي في وزارة الخارجية السورية، ولا الشكوى الحادة لمديرة الراديو والتلفزيون في ستوكهولم".
وعندها، اتخذت أودن سيارة عمومية، وقررت أن المسار الأقل خطورة بالنسبة لها هو الوصول قبل كل شيء إلى دمشق وبعدها تغيير السيارة ومواصلة الطريق إلى بيروت.
وتروي صديقتها: "هي بالطبع غاضبة، محبطة، خائبة الأمل، فمن حاجز خروج نازحي حلب نجحت في أن تنتزع شهادات مقلقة من الفارين، ورفعت في نهاية الأسبوع إلى البث في الراديو وفي التلفزيون، وفتح إبعادها جدالا عاصفا بين الموالين للأسد ومعارضيه.. إلى أي عمق مسموح للصحافيين، إذا كان ممكنا على الإطلاق النبش في جروح سوريا؟ وكيف يمكن ربطهم بأساليب أكثر ذكاء لحملة بقائه؟"، بحسب تعبير صديقتها بيري.