قال نشطاء سياسيون في
مصر، إن قرار
العفو الرئاسي الذي أصدره قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي عن 82 من الشباب
المعتقلين مؤخرا، جاء في إطار تنفيذ النظام لشروط صندوق
النقد الدولي و"إرضاء للغرب".
وكان شريف الروبي، القيادي بحركة "شباب 6 أبريل"، أكد في تصريحات صحفية، الأسبوع الماضي، أن الصندوق اشترط على مصر اتخاذ خطوات جادة لإحداث استقرار سياسي في البلاد قبل منحها قرضا بقيمة 12 مليار دولار، وأن هذا ما دفع النظام إلى إصدار قرار العفو؛ ليعطي انطباعا بأنه يسمح بحرية الرأي والتعبير، ويفرج عن معارضيه السياسيين.
مناورة من النظام
لكن حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، اختلف مع هذا الرأي، وقال إنه لا يعتقد أن صندوق النقد الدولي طلب من مصر الإفراج عن المعتقلين، مشيرا إلى أن "الصندوق لا يضع شروطا سياسية لتقديم
القروض للحكومات، إنما يقتصر فقط على الشروط الاقتصادية، ويهتم بعجز الموازنة والديون الخارجية وكيفية علاجها، والضرائب والدعم، ومثل هذه المسائل".
وأضاف نافعة، لـ"عربي21"، أنه ربما تكون اللجان المعنية بملف حقوق الإنسان، مثل الأمم المتحدة أو مجلس حقوق الإنسان في جنيف، هي التي تطرح هذا الأمر عند مناقشتها لأوضاع حقوق الإنسان في مصر، "لكن صندوق النقد الدولي لا يضع شرطا كالمصالحة أو الإفراج عن الإخوان أو المعتقلين عموما، مثلا، ضمن شروط إتمام القرض".
وأرى أن هذا الكلام "اجتهادات صحفية أو استنتاجات، لكنها تحليلات مبنية على فهم غير دقيق للأوضاع في مصر"، وفق تعبيره.
وحول العفو الرئاسي الأخير عن بعض المعتقلين، قال نافعة إن هذا العفو "هو مجرد مناورة من النظام؛ لإعطاء انطباع بأن هناك سياسة جديدة أو اتجاها نحو لم الشمل، أو توجه من الدولة نحو الشباب، لكني أعتقد أنها خطوة صغيرة للغاية وغير مقنعة بأي شكل من الأشكال؛ لأن السياسات الرئيسية للنظام ما زالت كما هي دون تغيير".
وتابع: "الإفراج حتى لو عن شخص واحد هو في النهاية أمر جيد ومرحب به، لكن هذا لا يحسّن بتاتا من صورة النظام في مجال حقوق الإنسان، الذي يعد قضية داخلية في المقام الأول، ويجب على الشعب المصري أن يدافع بكل ما يستطيع عن احترام حقوق الإنسان في البلاد"، كما قال.
السيسي لا يمكنه خداع الغرب
من جانبه، قال الناشط الحقوقي جمال عيد، إن الحديث عن وجود شروط من صندوق النقد الدولي لمنح مصر القرض الأخير هو كلام "ليس له أساس من الصحة"، موضحا أن شروط الصندوق تكون اقتصادية فقط، "ونحن نرفضها؛ لأنها ستجلب خرابا اقتصاديا على البلد، لكن ليس من ضمنها أن يتم الإفراج عن المعتقلين مثلا".
وأضاف عيد لـ"عربي21": "لو أن صندوق النقد وضع شرطا، مثل أن يتم الإفراج عن المعتقلين، فلن يتمكن السيسي من خداع الصندوق بالإفراج عن 82 معتقلا من أصل أكثر من 55 ألف معتقل، كما فعل مؤخرا، فهذا كلام غير معقول"، على حد قوله.
وتابع: "العفو الرئاسي الأخير هو مجرد تهدئة للرأي العام الداخلي، وليس له علاقة بالضغوط الخارجية، على الرغم من التركيز الدولي على ملف حقوق الإنسان في مصر منذ فترة، وإثارة الملف في الأمم المتحدة والجهات المعنية بموضوع حقوق الإنسان في منظمات المجتمع المدني والدولي، وكلها تمارس ضغوطا على مصر".
واستبعد عيد أن يقوم مجلس الأمن الدولي بفرض عقوبات على مصر لأنها تنتهك حقوق الإنسان، "فهذا لا يحدث إلا في الحالات الجسيمة جدا، مثل حالات وجود نظام فصل عنصري، مثلما حدث في جنوب أفريقيا، لكن للأسف الشديد آليات الأمم المتحدة عاجزة وقاصرة ولا تستطيع أن تفرض احترام حقوق الإنسان على الدول بالقوة المسلحة، حتى لو حدثت انتهاكات جسيمة في حقوق الإنسان، كما حدث من قبل في الصين التي دهست المتظاهرين بالدبابات".
الدفعة الثانية قريبا
وكان السيسي أصدر، قبل نحو أسبوعين، قرارا بالعفو عن 82 من الشباب المعتقلين على ذمة قضايا مختلفة، تنفيذا لتوصيات المؤتمر الوطني الأول للشباب الذي عقد مؤخرا في مدينة شرم الشيخ في شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
وأعلنت الرئاسة أن هذه المجموعة هي دفعة أولى ممن سيتم العفو عنهم، وأنه سيليها دفعات جديدة، دون الإفصاح عن موعد أو أعداد الذين سيفرج عنهم.
وأكد كريم السقا، عضو اللجنة التي شكلها السيسي لدراسة الحالات التي تستحق العفو الرئاسي، أن اللجنة ما زالت تتلقى أسماء المعتقلين، وتعمل على إعداد القائمة الثانية الأسماء لتقديمها للرئاسة. وأضاف، في تصريحات صحفية الأربعاء، أنه لم يتحدد بعد موعد الانتهاء من إعداد القائمة وتقديمها للرئاسة.