أرسل مجلس العلماء الإندونيسي، الأربعاء الماضي، خطابا رسميا إلى شيخ الأزهر
أحمد الطيب، استنكر فيه زيارة مسؤول بارز بدار الإفتاء
المصرية إلى
جاكرتا دون دعوة رسمية، وذلك لإبداء رأيه الشرعي في قضية "ازدراء الإسلام" المتهم فيها حاكم العاصمة جاكرتا.
وكان حاكم جاكرتا "باسوكي تجاهاجا بورناما"، قال في محاضرة ألقاها أمام الجماهير في شهر أيلول/سبتمبر الماضي، إن معارضيه يخدعون الناخبين لمنعه من الفوز بفترة أخرى كحاكم لجاكرتا "بالاستعانة بآية من القرآن على أنها تفرض على المسلم انتخاب مسؤول مسلم، وهو ما يعد تفسيرا خاطئا للقرآن"، الأمر الذي تسبب في إثارة غضب المسلمين في البلاد.
ووجهت الشرطة الإندونيسية تهمة التجديف وازدراء الدين الإسلامي لبورناما، وهو أول مسيحي من أصول صينية يتولى منصب حاكم جاكرتا، بعد تحقيق استمر لعدة أسابيع، تم خلاله الاستماع لشهادات كثير من الخبراء اللغويين والمتخصصين في العلوم الإسلامية.
ونقلت وسائل الإعلام الإندونيسية خبر زيارة مدير إدارة التدريب بدار الإفتاء المصرية، الشيخ عمرو الورداني، إلى البلاد، دون أن تذكر اسم الجهة التي طلبت حضوره والإدلاء بشهادته الفقهية أمام جهات التحقيق.
تدخل في شؤون الآخرين
وقال مجلس العلماء الإندونيسي، الذي يعد أعلى هيئة إسلامية في البلاد، إن سفر الورداني كـ"شاهد وخبير مؤهل" لإبداء رأيه في القضية المتهم فيها حاكم جاكرتا، بالاستهزاء بآية من القرآن الكريم؛ ستثير ضجة كبيرة لدى الشعب الإندونيسي المسلم، ما يؤدي إلى إثارة الصراعات والتفرقة، وتوقد الفتن الشديدة، والهرج لدى العلماء والمفكرين والزعماء والفعاليات السياسية والدينية من مختلف المنظمات والجمعيات والروابط، بالإضافة إلى الشعب الإندونيسي المشهور بمواقفه الوسطية.
وأشار المجلس إلى أن الزيارة تعد جزءا لا يتجزأ من سياسة التدخل فى الشؤون الداخلية لدولة أخرى ذات سيادة شرعية، كما أنها تمثل عدم الاعتراف بصلاحية مجلس العلماء الإندونيسي كصاحب سلطة شرعية لإصدار الفتاوى والتوجيهات الدينية للأمة الإسلامية الإندونيسية، وهو المجلس الذي زاره شيخ الأزهر في شباط/ فبراير الماضي، ويضم أكثر من 70 جمعية إسلامية.
وحذّر من "استغلال بعض الأطراف المعنية في الداخل والخارج لزيارة الشيخ الورداني؛ لتشويه العلاقات الثنائية الوطيدة والمتميزة بين مصر وإندونيسيا، شعبا وحكومة".
وطالب المجلس في نهاية خطابه شيخ الأزهر، بالنظر إلى هذه القضية بعين العطف، وبذل قصارى جهده لاتخاذ الإجراءات السريعة الكفيلة بحماية الإسلام والمسلمين في البلدين، معربا عن استنكاره لأية "مناورة لتمزيق أواصر الأخوة الإسلامية، وزرع الفتن".
وبينما تجاهلت وسائل الإعلام المصرية هذا الخبر تماما، ولم تعلق عليه؛ فقد قالت صحيفة الجمهورية الإندونيسية، إن شيخ الأزهر أصدر توجيهاته لمفتي الديار المصرية باستدعاء الشيخ الورداني من جاكرتا فورا، وعدم التدخل في شؤون إندونيسيا.
مظاهرات ضخمة وأعمال عنف
وصدر قرار الاتهام لـ"بورناما" المعروف بالاسم الصيني "آهوك" بعد اندلاع مظاهرات ضخمة تطالب بمحاكمته بتهمة الكفر وازدراء الإسلام، شارك فيها عشرات الآلاف من المواطنين الغاضبين، وتخللتها أعمال شغب.
وفي أكبر مظاهرة تشهدها جاكرتا منذ سنوات؛ خرج أكثر من 100 ألف مسلم، تقودهم جماعة تسمى "جبهة المدافعين عن الإسلام"، في مسيرة مطلع الشهر الجاري، طالبوا فيها باستقالة حاكم جاكرتا، ودعوا الناخبين إلى عدم انتخابه مجددا في شباط/ فبراير المقبل. ولقي شخص مصرعه، وأصيب 12 آخرون، في هذه المظاهرة التي شهدت اشتباكات بين الشرطة والمحتجين الغاضبين أمام القصر الرئاسي.
وأعلنت الشرطة، الأحد الماضي، إصابة أربعة أشخاص بعد انفجار قنبلة بالقرب من كنيسة بمدينة "ساماريندا" وسط البلاد، ورجح مراقبون أن يكون الحادث مرتبطا بقضية حاكم جاكرتا.