ألمح قائد الانقلاب في
مصر، عبد الفتاح
السيسي، إلى إمكانية عقد مصالحة بين نظامه وبين جماعة الإخوان المسلمين، لكنه اشترط أن تكون المصالحة قرارا شعبيا وليس قراره وحده.
وقال السيسي في تصريحات للصحفيين الخميس الماضي، على هامش مؤتمر الشباب الوطني المنعقد في مدينة شرم الشيخ، إنه أتاح العديد من الفرص لعقد مصالحة مع "الإخوان"، والتي منها بيان 3 تموز/ يوليو 2013 الذي كان "متزنا للغاية، ودعا إلى التعايش، وبدء دورة سياسية جديدة ليقول الشعب كلمته، لكن "الإخوان" رفضوا عرضه، واختاروا طريق العنف ومحاولة هدم الدولة"، على حد زعمه.
ضغوط غربية
وقال الكاتب عبد الله السناوي، المقرب من النظام الحاكم، إن السيسي يتعرض لضغوط اقتصادية وسياسية من الدول الغربية، لكي يفتح القنوات السياسية المسدودة في البلاد؛ عبر إجراء مصالحة مع جماعة الإخوان، وإعادة دمجها في المشهد المصري.
وأوضح السناوي في مقال له بصحيفة الشروق، الأربعاء الماضي، أن الدول الغربية تخشى حدوث انهيار اقتصادي واجتماعي إذا استمرت الأوضاع في مصر على ما هي عليه؛ من انغلاق المجال العام، واستمرار القمع وحملات التحريض.
وأكد أن النظام في ورطة، حيث إن قبوله بإعادة دمج الجماعة مستحيل، وممانعته مكلفة، مشيرا إلى أن بعض الجهات الأمنية لا تمانع في التصالح مع "الإخوان" بسبب خبرتها السابقة في التعامل مع الجماعة.
ويحتم الدستور المصري المستفتى عليه في كانون الثاني/ يناير 2014، أن يسن مجلس النواب قانونا جديدا للعدالة الانتقالية، يضع إطارا عاما للمصالحة الوطنية، ولتعويض ضحايا العنف وفقا للمعايير الدولية.
وقال وزير الشؤون القانونية ومجلس النواب، المستشار مجدي العجاتي، في تصريحات صحفية سابقة، إن هذا القانون اشترط لإجراء مصالحات سياسية؛ نبذ العمل السري والتمييز بين المواطنين، بالإضافة إلى الاعتراف بالأخطاء، والتعهد بعدم تكرارها في المستقبل، والفصل بين الديني والدعوي، والفصل بين السياسي والوطني.
ويرى مراقبون أن نصوص القانون تشير بوضوح إلى المصالحة مع "الإخوان"، وهو الأمر الذي تسبب في تأخير إقرار القانون بسبب عدم إتمام ملف المصالحة بين النظام والجماعة.
ترحيب أمني مشروط
وتعليقا على تلميح السناوي إلى عدم ممانعة الأجهزة الأمنية في إجراء مصالحة مع "الإخوان"؛ قال الخبير الأمني محمد البسيوني، إنه لا يمانع في إجراء مصالحة محددة ومشروطة مع "الإخوان" تشمل فقط غير المتورطين في الدم، على أن تستبعد منها قيادات الجماعة.
وأضاف البسيوني لـ"
عربي21" أنه يرحب بالإفراج عن آلاف الشباب وطلاب الجامعات المعتقلين من "الإخوان" وغيرهم؛ المحبوسين على ذمة قضايا التظاهر وغيرها؛ لفتح صفحة جديدة مع الدولة.
وشدد على رفضه التصالح مع قيادات "الإخوان"، سواء المحبوسين في مصر، أم المتواجدين في دول أخرى، وخاصة تركيا وقطر، محذرا من أن النظام لو رضخ لهذه الضغوط وأعادهم إلى البلاد؛ فسيعطي هذا مؤشرا واضحا على ضعفه وانهزامه أمام الجماعة.
من جانبه؛ استبعد أستاذ العلوم السياسية، جمال زهران، المعروف بعدائه الشديد للإخوان المسلمين، إتمام المصالحة بين النظام والجماعة، مشيرا إلى أن تصريحات السيسي الأخيرة تأتي في إطار المناورة السياسية، وجس نبض القوى الغربية.
وحول الضغوط الاقتصادية الغربية على السيسي؛ أكد زهران لـ"
عربي21" أن النظام يمكنه مواجهة هذه الضغوط؛ إذا كان جادا في مواجهة الفساد، وبدأ في مواجهة الارهاب سياسيا واجتماعيا، وليس أمنيا فقط.
موقف "الإخوان"
من جانبه؛ قال المتحدث السابق باسم حزب الحرية والعدالة، أحمد رامي، إن
الضغوط الغربية على السيسي لا تهدف إلى التصالح مع "الإخوان" بشكل مباشر، وإنما للحيلولة دون سقوط النظام وانهيار الدولة المصرية.
وأضاف لـ"
عربي21" أن الغرب لا يهمه التصالح بين النظام والإخوان، بل يعنيه فقط عدم انهيار الدولة في مصر على غرار الحالة السورية، خوفا من أن تتحول الهجرة غير الشرعية من بضعة مراكب من السواحل المختلفة؛ إلى حالة عامة، مشيرا إلى أن حالة الانهيار والفشل العام للدولة هى الأكثر خطورة، "فالغرب لا يريد أن يواجه آلاف الشباب المحبط اليائس المطارد المظلوم، حتى لا يعاقبه على ما يراه دورا له في ما وصلت إليه مصر".
أما عن موقف "الإخوان" من المصالحة؛ فأوضح رامي أن "هناك أمورا يجب أن تسبق المصالحة، وهي في أغلبها أمور عامة ولا تخص الإخوان وحدهم، من بينها إطلاق الحريات، وتحسين ملف حقوق الإنسان، والإفراج عن المعتقلين، حتى يتم الأمر فى إطار أعم، وهو المصالحة المجتمعية، والعودة إلى مسار ثورة 25 يناير، وليس المصالحة مع الإخوان فقط".
وتابع بأن "من مصلحة النظام، كما أنه من مصلحة الإخوان؛ أن يتم نفي تهمة الإرهاب عن الجماعة، والتي تمت بمقتضى قرار وزاري وأحكام قضائية معيبة، فلا بد من أن يتم ذلك في مرحلة تسبق أي حوار للمصالحة".