لا تزال الشكوك تخيّم على العلاقات بين
تركيا و"
إسرائيل"، بعد مضي قرابة خمسة أشهر على توقيع اتفاق المصالحة بين الجانبين؛ لإنهاء قطيعة دامت لأكثر من ست سنوات على خلفية الاعتداء الإسرائيلي على سفينة "مافي مرمرة" التركية منتصف العام 2010.
وكان من بنود اتفاق المصالحة الذي وُقع في 26 من تموز/ يوليو الماضي، تقديم "إسرائيل" اعتذارا رسميا ودفع تعويضات لضحايا السفينة الأتراك، وإدخال بعض التحسينات على الحياة المعيشية لسكان قطاع
غزة، إلى جانب عودة السفراء والتمثيل الدبلوماسي بينهما بطريقة تدريجية، وهذا ما لم يحصل حتى الآن، الأمر الذي طرح العديد من علامات الاستفهام حول أسباب عدم تسمية الحكومة الإسرائيلية لسفيرها في أنقرة حتى اللحظة.
وتشير أوساط سياسية إسرائيلية إلى عدم رضا الحكومة الإسرائيلية عن سلوك الحكومة التركية فيما يتعلق بعلاقتها مع حركة
حماس، مع اتهامات لتركيا بمح امتيازات كبيرة لقيادات الحركة، وتقديم أشكال التسهيلات كافة لهم، والدعم المالي الكبير عبر الجمعيات الخيرية التي تديرها حركة حماس، إضافة إلى السماح لها بوجود نشطاء الجهاز العسكري للحركة، إلى جانب الزعم بأن أنقرة تستضيف مكاتب للحركة، بحسب معلق الشؤون الاستخباراتية والأمن القومي الإسرائيلي، يوسي ميلمان، في مقاله بصحيفة معاريف الأسبوع الماضي.
وقال ميلمان في مقاله إن "إسرائيل" سئمت من المطالبة المتكررة لأنقرة بإنهاء وجود الجهاز العسكري على الأراضي التركية، كونه يشكل خطرا عليها من خلال إدارته للمعارك ضد الجيش الإسرائيلي في المناطق الفلسطينية، وهذا الأمر الذي لن تقبله أنقرة بحسب ميلمان، ما قد يعيد الأمور بين الدولتين إلى المربع الأول.
احترام متبادل
وعلق القيادي في حركة حماس، ونائب رئيس كتلتها البرلمانية في المجلس التشريعي، يحيى موسى، بقوله: "الحركة تحترم القيادة والسيادة التركية، ولم نلحق الضرر في يوم من الأيام بأشقائنا من الدول الداعمة لنا"، مضيفا: "سياسة الحركة واضحة وصريحة في التعامل بكل ثقة وأريحية مع الشريك التركي، الذي طالما كان داعما أساسيا في صراعنا مع دولة الاحتلال".
وتابع موسى في حديثه لـ"عربي21" أن "الحركة لم تتدخل في اتفاق الصلح بين أنقرة ودولة الاحتلال، وما لمسناه هو أن السياسة التركية في التعامل معنا لم تتغير قبل توقيع الصلح أو حتى بعده، وهذا أمر نضعه في الحسبان عند تقييمنا لسياسات الحركة الخارجية"، وفق قوله.
وتابع موسى أن "ما يقوم ببثه الجانب الإسرائيلي بين الفينة والأخرى عن أن الحركة تستخدم الأراضي التركية كنقطة لانطلاق عملياتها ضده، هذا ليس له أساس من الصحة، معللا بذلك أن التسهيلات التركية ليست فقط للحركة، بل هي مشمولة لكل سكان قطاع غزة بلا استثناء".
علاقات متينة
وترتبط حماس بعلاقات وثيقة مع الحكومة التركية. وقام رئيس المكتب السياسي للحركة، خالد مشعل، بزيارة أنقرة أربع مرات هذا العام، إضافة إلى العلاقة المتينة التي تربطه بأعضاء حزب العدالة والتنمية الحاكم، والرئاسة في تركيا، بحسب ما أشار إليه المختص في العلاقات الدولية، مهدي عبد الهادي.
وأضاف لـ"عربي21" أن "السياسة التركية أصبحت أكثر نضجا في التعامل مع قضايا الشرق الأوسط ومنها القضية الفلسطينية، لذلك هي تحاول أن تقف في المنتصف دون أن يغلب طرف الآخر، مع التلويح بأدوات القوة بين الفينة والأخرى إذا لزم الأمر".
وأردف: "المخاوف الإسرائيلية من وجود حركة حماس في أنقرة، هو أمر يدركه الساسة في أنقرة، ولكنها تستخدمها كورقة رابحة لتصبح أنقرة لاعبا مؤثرا في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي"، وفق تقديره.
وقال عبد الهادي إن حماس تدرك جيدا أهمية وقوف الجانب التركي معها، كونها دولة سنية في المقام الأول، وثقلها السياسي والعسكري في المنطقة يجعلان منها شريكا مهما لتحقيق أهدافها في المستقبل.
وحول المخاوف الإسرائيلية من وجود تمثيل لعناصر من الجهاز العسكري لحماس في أنقرة، بحسب الادعاءات الإسرائيلية، أشار عبد الهادي إلى أن "هذه اتهامات ليست جدية ما لم تثبت دولة الاحتلال الإسرائيلي ذلك، وإن كان ذلك حقيقيا فلن يكون سببا في قطع العلاقات بين الجانبين"، كما قال.