كان لافتا الأسبوع الماضي استقبال الرئيس الفلسطيني،
محمود عباس، أمناء سر حركة
فتح من قطاع
غزة، والذين جاؤوا بدعوة من الرئاسة الفلسطينية؛ للوقوف على كافة التحضيرات النهائية للمؤتمر العام السابع للحركة، الذي من المقرر عقده في نهاية الشهر الجاري، في غمرة صراع على قيادة الحركة بين عباس والقيادي المفصول من الحركة محمد
دحلان.
وقال عباس، عقب لقائه بالوفود الفتحاوية في مقر المقاطعة في رام الله، إن "قطاع غزة جزء لا يتجزأ من التركيبة السياسية الفلسطينية، ولا يمكن إنكاره، وهو جزء أصيل من دولتنا الفلسطينية المستقبلية"، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا".
وسبق ذلك التصريح لقاء جمع عباس مع رئيس المكتب السياسي لحركة
حماس خالد مشعل، ورئيس وزرائها في غزة إسماعيل هنية، في الدوحة، في 27 من الشهر الماضي، فيما تحدثت أوساط سياسية مقربة من حماس عن وعود قدمها عباس للحركة لتقديم بعض "تنازلات"، والتعهد بتقديم بعض الدعم الاقتصادي للقطاع، بشرط العودة إلى المصالحة ببنود يتم الاتفاق عليها في المستقبل.
ورأى محللون في تصريحات عباس عن قطاع غزة بهذا الشكل، وفي هذا التوقيت، وتوجهه شخصيا لمقابلة قيادات حماس في الدوحة، نوعا من الدعاية الانتخابية قبل عقد المؤتمر السابع لحركة فتح الشهر القادم، فيما رأى فيها آخرون مناورة سياسية للحصول على مكاسب مؤقتة، بحسب ما أشار إليه أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، مخيمر أبو سعدة.
ورقة رابحة
وأضاف أبو سعدة، الذي شارك في مؤتمر العين السخنة في شرم الشيخ المصرية الذي رُبط بدحلان، قبل أسبوعين، أن حالة الضغط السياسي التي يعيشها عباس، وبالتحديد من اللجنة الرباعية العربية، (مصر والسعودية والإمارات والأردن)، والتي تدعم بقوة صعود محمد دحلان لتولي قيادة حركة فتح في المستقبل، تدفعه إلى "مراجعة مع ذاته لتقييم سياساته السابقة ضد قطاع غزة، واستخدامها كورقة رابحة تسهم في التخفيف من هذه الضغوط"، وفق قوله.
وأردف أبو سعدة أن "التلويح بورقة قطاع غزة أمام المجتمع الدولي ستعطيه (عباس) توازنا جديدا على الساحة الإعلامية، خصوصا أن حركة حماس هي من تحكم القطاع، ولها قاعدة شعبية عريضة في المجتمع الفلسطيني، ما قد يشكل للمجتمع الدولي وهْمًا مصطنعا بأن الحديث عن خلافات وانقسام مع حركة حماس أو داخل حركة فتح لا أساس له من الصحة، وليس هنالك أي داع لتصعيد دحلان للمشهد السياسي"، بحسب تحليله.
نفوذ دحلان في غزة
يشار إلى أن العشرات من أنصار حركة فتح الموالين لدحلان خرجوا في مسيرة غاضبة ضد الرئيس محمود عباس في الثامن من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، في ساحة الجندي المجهول وسط مدينة غزة، قاموا خلالها بحرق صورته مع العلم الإسرائيلي، الأمر الذي دفع الرئيس الفلسطيني إلى مراجعة خطابه الإعلامي تجاه القطاع، بحسب ما أشار إليه الكاتب والمحلل السياسي ورئيس شبكة سراج الإعلامية، إبراهيم المدهون.
وأضاف المدهون، المقرب من حركة حماس، في حديث لـ"
عربي21"، أن بروز دحلان كلاعب مؤثر في المشهد الفتحاوي مؤخرا، ودعم أنصاره في القطاع له، سيدفع عباس إلى النظر في سياساته التي انتهجها ضد القطاع، "وهذا ما تنتظره حكومة حماس في غزة، من رؤية نتائج هذا الخطاب، لتسمح للرئيس عباس بالعودة إلى المصالحة مجددا، في ظل وعود دحلان المتكررة بإعطاء دور أكبر لغزة في المرحلة القادمة إذا قبلت حماس بعودته للمشهد السياسي من بوابة غزة"، كما قال.
دعاية انتخابية
أما أستاذ العلوم السياسية في غزة، أسعد أبو شرخ، فقد قلل من أهمية توجه الرئيس الفلسطيني لقطاع غزة بخطاباته الإعلامية الأخيرة، كونها "لا تتعدى مجرد دعاية انتخابية مع اقتراب انعقاد المؤتمر السابع للحركة"، كما قال.
وأضاف لـ"
عربي21" أن "هذا الخطاب أتى متأخرا كون البيت الفتحاوي هشا، ولا بد من إصلاحه بقرارات وتوصيات بعد انعقاد المؤتمر السابع؛ للمضي قدما في مسيرة الحركة إذا أراد عباس ذلك، ولنجاح هذه الخطوات لا بد من وقف سياسة الإقصاءات بحق كوادر الحركة في قطاع غزة".
يشار إلى أن عباس أوقف هذا الشهر صرف رواتب 200 موظف من الأجهزة الأمنية في غزة؛ بسبب ارتباطهم بدحلان.