عبّر مجلس شورى حركة
النهضة، عن مساندته لمشروع قانون رفع السرّ البنكي داعيا الحكومة
التونسية، في بيان له، مساء السبت، إلى الاقتصار في هذا الإجراء على السياسيين ورجال الأعمال والناشطين في الحياة العامة، دون سواهم.
وقال القيادي النهضوي عبد اللطيف المكّي، عضو مجلس الشورى والبرلمان، إن حركة النهضة ترى في إقرار إجراء رفع
السر البنكي على جميع التونسيين مشكلة حقيقية قد تضر بالمعاملات المالية عموما، ما ينعكس ذلك سلبا على اقتصاد البلاد.
وتابع المكي في تصريح لـ"
عربي21" أنّه تمّ التنبيه من قبل بعض الدوائر الاقتصادية على أن إقرار رفع السرّ البنكي عموما قد يتسبب في إقدام الناس على سحب أموالهم من البنوك ما يدخل اضطرابا على السيولة المالية.
من أجل الشفافية
وأضاف بقوله إن هذا الاحتراز قد يوحي للبعض بأن هناك تخوّفا من جانب السياسيين بأن تكشف أسرارهم المالية لذلك طالب مجلس الشورى، وهو أعلى مؤسسة قرار داخل الحركة، بأن يرفع السرّ البنكي عن السياسيين والعاملين في الحقل العام من نقابيين وناشطين في المجتمع المدني ورجال أعمال لهم مناشط سياسية.
وقال: "رأينا خلال اجتماعنا، السبت، أنّه من الضروري رفع السر البنكي عن هؤلاء بإذن قضائي من أجل الشفافية في الحياة العامة"، لافتا إلى أنّ هذا الإجراء يهدف إلى تحقيق الوضوح والقطع مع كل ما من شأنه أن يوحي بوجود تضارب في المصالح بين المال والسياسة.
وأوضح المكّي أنّه سيكون هناك نقاش بخصوص رفع السر البنكي عن الأشخاص العاديين بناء على التخوّفات من أنّ هذا الإجراء قد يتسبب بإقدام الناس على سحب أموالهم من البنوك واضطراب السيولة المالية، وهو أمر موكول لخبراء الاقتصاد.
جلب الأموال
وأشار إلى أنّ هناك من ذهب إلى القول بأن الأولى سنّ قوانين تساعد على جلب الأموال الموجودة خارج الدورة المالية في تونس منذ ثورة 2011، وليس إقرار إجراء يدفع إلى سحب أموال أخرى من البنوك.
وإجابة عن سؤال "
عربي21" حول أهمّية ما صدر عن شورى النهضة أمام ما تقرّر قبل يومين بلجنة المالية بالبرلمان، حيت تمّ إسقاط الفصل 37 من قانون المالية لسنة 2017 الداعي إلى إعطاء صلاحيات لإدارة الجباية بإمكانية رفع السر البنكي عن جميع التونسيين، قال المكّي إنّه يمكن العودة إلى هذا الفصل باقتراح من الحكومة أو باتباع القانون الداخلي للمجلس.
وقال عضو المكتب السياسي لحركة النهضة، أسامة الصغير، إن إشكاليتين اثنتين تعترضان تمرير قانون رفع السر البنكي، أوّلهما عدم إمكانية إعطاء السلطة التنفيذية صلاحية كشف الحسابات البنكية للمواطنين والمستثمرين "وهو ما قد يفتح الباب أمامها لابتزازهم"، وفق تعبيره.
الأموال الفاسدة
وتابع النائب بالبرلمان، في تصريح لإذاعة "جوهرة إف إم"، الأحد، أنّ السبب الثاني يتمثل في عدم قدرة مقترح القانون في صيغته الحالية في كشف الأموال الفاسدة ومصادرها.
وكان رئيس لجنة المالية بمجلس نواب الشعب منجي الرحوي، قال في تصريح لإذاعة "موزاييك"، الجمعة، إنّ من أسقط الفصل 37 الذي قدمته الحكومة هما حزبا "النداء" و"النهضة".
فيما نشرت صحيفة "الشروق" اليومية أسماء نواب الحزبين الأخيرين بلجنة المالية الذين صوّتوا ضد فصل رفع السر البنكي، مقابل مساندة نوّاب المعارضة له، الأمر الذي جعل مراقبين يعتبرون ذلك سابقة في تاريخ العمل السياسي والبرلماني، حيث ساندت المعارضة مقترح الحكومة لكن "جناحي تونس"، على قول الغنّوشي، "النداء" و"النهضة" وقفتا ضدّها.
وأثار إسقاط فصل "رفع السر البنكي" ضجّة في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث كتب السياسي ونائب المجلس الوطني التأسيسي السابق محمود البارودي في صفحته على فيسبوك: "حركة النهضة وحزب نداء تونس بصوت رجل واحد: "ربّي يبقّي علينا السرّ البنكي".
جدل بسبب البيان
وعلّق الإعلامي زياد الهاني على صفحته بقوله: "إسقاط الفصل 37 من قانون المالية المتعلق برفع السر البنكي، يؤكد بأن مجلس نواب الشعب هو الراعي الرسمي للفساد في تونس. ويكشف الأحزاب المتمعّشة من الفاسدين.. #مجلس_نواب_النهب_لا_يمثلني".
وقال الناشط نور الدين البارودي: "كان ترفع السر البنكي حط (ضع) في بالك بعد شهر لا تلقى لا فلوس ولا بنوك ولا أسرار".
وفي سياق متصل، تسببت النقطة السابعة من بيان شورى النهضة في جدل بين نشطاء "فيسبوك" الذي جاء فيها: "لمزيد الشفافية في الحياة العامة فإن المجلس مع رفع السر البنكي بشرط الحصول على إذن قضائي ويستثنى من هذا الإذن السياسيون ورجال الأعمال الناشطون في الحياة العامة".
حيث انتقد كثيرون بشدّة ما اعتبروه دعوة صريحة من مجلس شورى النهضة إلى "استثناء السياسيين ورجال الأعمال.." من إجراء رفع السر البنكي، فيما علّق الناشط وحيد الملّيتي في صفحة "النهضة" على فيسبوك: "الرجاء إعادة صياغة البيان لأنه فضيحة لغوية وإملائية بكل المقاييس".
وكتب علي الصغير: "ندعوكم إلى مراجعة فورية لأخطاء الرسم الواردة بالبيان وعدم التعويل لاحقا عمّن لا يفقه التعامل مع المعلوماتية ولا يجيد صياغة فقرات البيانات".