سياسة دولية

جنوب إفريقيا تنسحب من "الجنائية الدولية" بسبب عمر البشير

عمر البشير أ ف ب
نفذت دولة جنوب إفريقيا الجمعة تهديدها بإعلان انسحابها من المحكمة الجنائية الدولية، وذلك بعد الجدل الذي أثاره رفضها توقيف الرئيس السوداني عمر البشير، ما يشكل صفعة للقضاء الدولي.

وصرح وزير العدل الجنوب إفريقي مايكل ماسوتا، أنه بناء على الإجراءات المعمول بها، فإن بريتوريا "أعلنت خطيا للأمين العام للأمم المتحدة انسحابها" من المحكمة الجنائية الدولية.

ويدخل القرار حيز التنفيذ بعد مرور عام "من تاريخ استقبال" الرسالة التي وجهتها جنوب إفريقيا للأمم المتحدة الأربعاء، بحسب ما أوضح الوزير في مؤتمر صحفي.

وقد عبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن "أسفه" لهذا القرار بحسب ما أعلن المتحدث باسمه ستيفان دوجاريك، قائلا إنه "في العقدين الماضيين حقق العالم تقدما هائلا" في مجال العدالة الدولية، خصوصا بفضل المحكمة الجنائية الدولية.

وذكر بأن جنوب إفريقيا كانت واحدة من أوائل الدول الموقعة على معاهدة روما، المؤسسة للمحكمة الجنائية الدولية.

والمحكمة الجنائية الدولية التي مقرها لاهاي هي أول محكمة دولية دائمة، مكلفة بملاحقة متهمين بارتكاب جرائم إبادة أو حرب أو ضد الإنسانية.

ومنذ بداية عمل هذه المحكمة في 2003 فتح قضاتها تحقيقات في تسع دول منها ثماني دول إفريقية.

وكان ذلك محل نقد في القارة الإفريقية، خصوصا من الاتحاد الإفريقي الذي رأى في موقف المحكمة "نوعا من الملاحقة على أساس عنصري".

وفي هذا السياق اتهم وزير العدل الجنوب إفريقي الجمعة المحكمة الجنائية الدولية بأنها "تفضل بالتأكيد استهداف قادة في إفريقيا، واستبعاد الباقين الذين عرفوا بارتكاب هذه الفظاعات في أماكن أخرى" خارج إفريقيا.

وهددت جنوب إفريقيا منذ أكثر من عام بإنهاء التزامها بمعاهدة روما.

وقد تصبح بذلك أول دولة في العالم تغادر المحكمة الجنائية الدولية.

وكانت سلطات بريتوريا وجدت نفسها في 2015، في قلب جدل كبير بمناسبة زيارة الرئيس السوداني لجوهانسبورغ للمشاركة في قمة الاتحاد الإفريقي.

ورفضت حكومة بريتوريا حينها توقيف الرئيس البشير الملاحق من المحكمة الجنائية بتهم جرائم إبادة وضد الإنسانية، وحرب في دارفور (غرب السودان) التي تشهد حربا أهلية منذ أكثر من عشر سنوات.

وقالت جنوب إفريقيا حينها مبررة قرارها بأن الرئيس البشير يتمتع بحكم منصبه بحصانة.

وبررت جنوب إفريقيا ايضا انسحابها من المحكمة بهذه القضية.

وأوضح وزيرها الجمعة أن المحكمة الجنائية الدولية، "تعرقل قدرة جنوب إفريقيا على الوفاء بواجباتها في مجال احترام الحصانة الدبلوماسية".


ازدراء للعدالة
وأثار إعلان بريتوريا تنديد مدافعين عن حقوق الإنسان، حيث قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن هذا القرار "يظهر ازدراء مفاجئا للعدالة من جانب دولة، كثيرا ما اعتبرت رائدة على المستوى العالمي في مجال العدالة لضحايا الجرائم الأخطر".

من جهتها قالت منظمة العفو الدولية إن الانسحاب يشكل "خيانة لآلاف الضحايا"، ومن شأنه أن "يضرب النظام القضائي الدولي".

وحذر أنتون دو بليسيس مدير معهد الدراسات الأمنية، من أن القرار قد يكون له "تأثير الدومينو" ويدفع دولا إفريقية أخرى إلى الخروج من المحكمة.

ودعا السودان "القادة الأفارقة والشعوب الإفريقية الذين ما زالوا أعضاء (في المحكمة) إلى انسحاب جماعي" منها.

وقال مستشار مقرب من البشير لوكالة فرانس برس، إن الدول الإفريقية الأخرى مستعدة لتحذو حذو جنوب إفريقيا في هذه الخطوة التي تشكل تحديا للمحكمة، من أجل إظهار "التضامن" مع الرئيس السوداني.

وتلقت المحكمة ضربتين كبيرتين خلال بضعة أيام، فقد أصدر رئيس بوروندي بيار نكورونزيزا الثلاثاء قانونا نص على أن بلاده الغارقة في أزمة سياسية حادة، خلفت أكثر من 500 قتيل، ستنسحب من المحكمة.

وقالت المحكمة الجنائية الدولية الجمعة إنها لم تتلق "بلاغا رسميا بانسحاب (جنوب إفريقيا) حتى هذه الدقيقة".

وقال فادي العبد الله المتحدث باسم المحكمة، إن "الانسحاب لا يصبح فعليا إلا بعد عام" من إيداع الإعلام بالانسحاب لدى الأمين العام للأمم المتحدة، "وليس له تاثير على الالتزامات الداخلية" للبلد المنسحب.

وكان رئيس جمعية الدول الأطراف في معاهدة روما (المنشئة للمحكمة الجنائية الدولية) صديقي كابا، حذر من أن "انسحاب اي دولة عضو سيشكل تراجعا في التصدي للإفلات من العقاب".

وندد حزب المعارضة الرئيسي في جنوب إفريقيا "التحالف الديموقراطي" بقرار الحكومة "اللادستوري واللامنطقي" وقرر اللجوء إلى القضاء لإلغائه.