إلى جانب الانتقادات السابقة للأمم المتحدة وتعاملها مع أطراف الأزمة في
سوريا وخدمة النظام في كثير من الأحيان، فقد جددت تصريحات مبعوث
الأمم المتحدة الخاص لسوريا، ستافان دي ميستورا حول أعداد مقاتلي "فتح الشام" في حلب التساؤلات حول دور الأمم المتحدة في أزمة سوريا.
وقالت مصادر دبلوماسية إن عدد مقاتلي جبهة "فتح الشام" الذين لا يشملهم أي اتفاق لوقف إطلاق النار في شرق حلب أي يجوز استهدافهم، أقل بكثير من تقديرات للأمم المتحدة.
وتقول روسيا وسوريا وإيران إن وجود جبهة فتح الشام في شرق حلب المحاصر، يبرر هجماتها التي بدأت رغم وقف لإطلاق النار، توصلت إليه الولايات المتحدة وروسيا.
وقال دي ميستورا، في 25 أيلول/ سبتمبر إن لديه معلومات بأن أكثر من نصف المقاتلين في شرق حلب من جبهة فتح الشام، لكنه لم يعلن عددا إجماليا. وأشار الأسبوع الماضي إلى "تحليل أحدث" وقال إن تقدير وجود 900 مقاتل "موثوق به في رأيي".
وذكرت مصادر عديدة لرويترز أن عدد مقاتلي جبهة فتح الشام الذي تحدث عنه دي ميستورا كبير للغاية، وأن العدد الحقيقي لا يتجاوز 200 وربما أقل من 100، وقال دبلوماسي غربي إن وجود الجبهة ربما لا يتعدى كونه "رمزيا".
المفكر السوري، وأستاذ علم الاجتماع السياسي، الدكتور برهان غليون، قال لـ"
عربي21" إن الأمم المتحدة منظمة فاشلة وغير مستقلة، وتتبع الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، وإن أي عضو منهم قادر على تعطيل عملها ومبعوثيها.
وأكد أن الأمم المتحدة جزء من الأزمة الدولية في ظل الخرق الواضح لميثاقها الذي يدعو لحماية المدنيين، ولم يصدر من أمينها السابق بان كي مون سوى القلق تجاه أزمة سوريا.
ويأمل غليون أن يكون الأمين العام الجديد للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، صاحب صوت أعلى، كما يأمل أن يستطيع فرض احترام ميثاق الأمم المتحدة على الدول الأعضاء.
الأمم المتحدة تدعم النظام
في وقت سابق من آب/ أغسطس الماضي، كشفت صحيفة الغارديان البريطانية عن تقديم الأمم المتحدة عشرات الملايين من الدولارات إلى مؤسسات وهيئات مقربة من النظام السوري، في إطار برامجها الإغاثية في سوريا.
وأشارت الصحيفة، إلى إصرار الأمم المتحدة على العمل مع النظام السوري من أجل الوصول للمدنيين المعرضين للأخطار في ظل الحرب المستمرة، موضحة (الغارديان) تقديم المنظمة الأممية عشرات الملايين من الدولارات لأشخاص مقربين من النظام السوري، في إطار صفقات من أجل إيصال المساعدات الإغاثية للمدنيين في البلاد.
وبحسب "رينود ليندرز"، الخبير في الدراسات الحربية في "كينغز كوليج" بالعاصمة البريطانية لندن، فإن الأمم المتحدة قدمت مساعدات إنسانية بقيمة 1.1 مليار دولار عام 2015 إلى سوريا، مشددا أن 900 مليون دولار من إجالمي تلك المساعدات ذهبت إلى مناطق مختلفة في البلاد بواسطة النظام السوري، وذلك وفق معطيات بحث أجراه "ليندرز".
وجاءت المساعدات بحسب "الغارديان" على النحو الآتي:
5 ملايين و134 ألف دولار من منظمة الصحة العالمية لبنك الدم الوطني السوري التابع لوزارة الدفاع.
13 مليون دولار من منظمة الأغذية والزراعة لمؤسستي بذار وأعلاف تابعتين للنظام، ومدرجتين على لائحة عقوبات الاتحاد الأوروبي.
9 ملايين و296 ألف دولار من مؤسسات الأمم المتحدة لفندق "فور سيزونس"، الذي تملك وزارة السياحة 35% منه.
8.5 مليون دولار من المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لجمعية الأمانة الخيرية، التي ترأسها أسماء
الأسد.
267 ألف دولار من منظمة الأمم المتحدة للطفولة لجمعية البستان، التي يملكها ابن خالة الأسد رامي مخلوف المدرج على لائحة العقوبات.
اقرأ أيضا:
55 منظمة سورية تتهم الأمم المتحدة بالانحياز للنظام السوري
تغيير ديموغرافي برعاية أممية
وأعربت الجامعة العربية، في آب/ أغسطس الماضي، عن تحفظها إزاء الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين النظام السوري والمعارضة، لإنهاء الحصار المفروض على ضاحية داريا بريف دمشق.
واعتبر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، في بيان له أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه لإنهاء الحصار المفروض على داريا، "يمثل تطورا مثيرا للقلق رغم إنهائه لمعاناة المدنيين الأبرياء، خاصة أنه لم يتم تحت رعاية الأمم المتحدة".
وأشار إلى أن "مسألة تفريغ المدن من سكانها الأصليين وإجبارهم على مغادرتها تحت التهديد، تعد مخالفة لمبادئ القانون الدولي الإنساني، كما قد يمهد لتسويات مشابهة تنطوي على تغيير ديموغرافي لأوضاع المدن السورية، الأمر الذي سيرتب آثارا سيصعب محوها على مستقبل سوريا وشعبها كبلد موحد"، وفق البيان ذاته.
إطالة عمر الأزمة
وفي حزيران/ تموز الماضي اتهمت مجموعة "حملة سوريا"، الأمم المتحدة بفقدان قيم "النزاهة والاستقلالية والحياد" عبر انحيازها للنظام السوري بتوزيع المساعدات، مشيرا إلى أن غالبية المساعدات تتوجه إلى مناطقه.
ووقعت خمس وخمسون منظمة إنسانية على تقرير "حملة سوريا"، الذي عنونته بـ"الانحياز"، وأعدته عبر مقابلات مع العشرات من العاملين - السابقين والحاليين - والباحثين مع الأمم المتحدة في سوريا.
وقال التقرير، الذي اطلعت عليه "
عربي21"، إن الأمم المتحدة وضعت التعاون مع النظام السوري كأولوية، "مهما كان الثمن"، ما أدى لتحويل مليارات الدولارات من الدعم الدولي لصالح النظام فقط، ومقتل آلاف المدنيين، جوعا أو بسوء التغذية أو المرض أو غياب المساعدات الطبية.
وأدت هذه السياسة، التي اتبعتها الأمم المتحدة مع النظام منذ عام 2011 مع حصار درعا، إلى إطالة عمر الأزمة السورية، والسماح للنظام السوري باستخدام سياسة الحصار كسلاح حرب، بحسب تقرير "حملة سوريا".