ذكر مسؤول في غرفة عمليات "درع الفرات" أن الفصائل المشاركة في العملية تسعى للسيطرة على بلدة "دابق" في غضون 48 ساعة، حيث يسيطر
تنظيم الدولة على البلدة.
"دابق" التي تقع شمالي
حلب، تُعد أهم بلدة على الإطلاق لتنظيم الدولة، حيث يؤمن التنظيم بأنه الجيش الذي ذكره الرسول عليه الصلاة والسلام في حديثه عن معركة "دابق" ضد الروم، والتي يقاتل فيها المسلمون ثمانين جيشا، يقول التنظيم إن هذه الجيوش هي دول التحالف ضدّه.
مراقبون توقّعوا أن "دابق"، التي باتت في حكم المحاصرة، قد تضطر تنظيم الدولة للدفع بقوة في معركته ضد "درع الفرات".
وأوضح ناشطون أنه "من المتوقع ألّا يستسلم تنظيم الدولة وينسحب بسهولة من دابق، على غرار القرى التي فقدها في الأسابيع الماضية، والتي قاربت سبعين قرية".
وبسيطرتها على بلدة "تركمان بارح"، باتت فصائل "درع الفرات" على بعد عدة كيلومترات فقط عن "دابق".
العقيد أحمد عثمان، القائد العسكري لفرقة "السلطان مراد"، قال إنه "لا معركة باسم (دابق)، بل نعمل ضمن استراتيجية واضحة، ونسير بخطوات ثابتة باتجاه الجنوب والجنوب الغربي بحلب".
وتابع: "ولكن الذي حصل أنه عندما سئلت: متى تصلون إلى دابق؟ قلت لهم إن سارت الأمور كما نخطط لها، نكون على أطراف دابق خلال يومين، فنشرت هذه الجملة كمادة إعلامية".
وأضاف: "بالنسبة لنا، لا أهمية كبيرة لدابق، ولا نميّزها عن غيرها. بالعكس تماما، هناك قرى وبلدات مهمة جدا أكثر، مثل صوران وحتيملات واختارين".
إلا أن مراقبين لم يستبعدوا أن تغيّر "درع الفرات" وجهتها في اليومين المقبلين، قائلين إن "المعركة ورغم قوّة الفصائل، إلا أنها قد تستنزفهم، وهي ليست ذات بعد استراتيجي مهم مقارنة بغيرها".
وتوقع مراقبون أن يتم نقل المعركة خلال اليومين القادمين إلى مناطق أكثر أهمية، مثل صوران وحتيملات واختارين، في حال لم يتم البدء بمعركة "دابق".
صحيفة "النهار" اللبنانية نقلت عن الناشط عمر الشمالي، المتابع لـ"درع الفرات"، قوله إن " العمليات مستمرة، وتواجه مقاومة شرسة من داعش، خصوصا في المناطق المحيطة لبلدة دابق"، إلا أن الشمالي أوضح أن "فصائل درع الفرات تتقدم بهدوء وقوّة نحو دابق".
وتوقّع عمر الشمالي أن ينسحب تنظيم الدولة نحو مدينة الباب في حال خسر معركة "دابق".
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قال في نيسان/ أبريل الماضي إن تنظيم الدولة قام باستدعاء 300 من عناصره، من ضمنهم عناصر في كتيبة "أبو أيوب الأنصاري"، التي تعد من أقوى كتائبه، وعمل على دفعهم باتجاه ريف حلب الشمالي باتجاه بلدة دابق؛ لحمايتها.
وقالت مصادر تابعة للمرصد إن العناصر الـ300 أرسلوا إلى ريف حلب بكامل عتادهم وآلياتهم، وإن قيادات "شرعية" في التنظيم أقنعت قيادة كتيبة أبي أيوب الأنصاري التي رفضت أمر الانسحاب من مواقعها في مواجهة قوات ما يعرف بـ"
سوريا الديمقراطية" في ريف الرقة الشمالي، والتوجه لدابق؛ لأنها باتت في خطر، ومن الممكن "فقدان السيطرة عليها".
وكان تنظيم الدولة سيطر على دابق في الـ13 من شهر آب/ أغسطس من العام 2014، عقب اشتباكات مع فصائل معارضة سورية.
ولاحظت "عربي21" أن زعيم تنظيم الدولة "أبو بكر البغدادي"، والناطق الرسمي السابق "أبو محمد العدناني"، ركّزا على "معركة دابق" في خطابات سابقة لهما.
حيث قال البغدادي في كلمته المعنونة بـ"فتربّصوا إنا معكم من المتربصين"، نهاية العام الماضي، خلال حديثه عن عدم قدرة الأمريكان على القدوم إلى سوريا: "لا يجرؤون على المجيء برا لقتال ثلة قليلة من المجاهدين، وكل يدفع صاحبه ليورطه، لا يجرؤون على المجيء؛ لامتلاء قلوبهم رعبا من المجاهدين، ولأنهم بفضل الله تأدبوا في أفغانستان والعراق، وعلموا أنه لا طاقة لهم بالمجاهدين، لا يجرؤون على المجيء؛ لأنهم يعلمون يقينا ما ينتظرهم من الأهوال والويلات في الشام والعراق وليبيا وأفغانستان وسيناء وأفريقيا واليمن والصومال، يعلمون ما ينتظرهم في دابق والغوطة من الهزيمة والهلاك والدمار، يعلمون أنها الحرب الأخيرة، وبعدها -بإذن الله- نغزوهم ولا يغزوننا، ويسود الإسلام العالم من جديد".
فيما قال العدناني بكلمته المعنونة بـ"وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم"، ونُشرت في آذار/ مارس 2014، مخاطبا جنود التنظيم: "واصلوا زحفكم، وأعيدوا رسم الخارطة، فإنكم اليوم بتّم أمل المستضعفين في كل مكان، وإن الأسارى ينتظرونكم في بغداد ورومية وحلب والحائر وأبي زعبل، وإن لكم موعدا في بغداد ودمشق والقدس ومكة والمدينة، إن لكم موعدا في دابق والغوطة وروما إن شاء الله".
وتابع في كلمة أخرى بعنوان "قل موتوا بغيظكم"، بداية 2015: "عمّا قريب بحول الله وقوته تنكسر هذه الحملة الصليبية، ولنا بعدها إن شاء الله لقاء في القدس وموعد في روما، تُهزم قبله جيوش الصليب في دابق، إنهم يرونه بعيدا، ونراه قريبا".
وكان الداعية السعودي المقيم في سوريا، عبد الله المحيسني، نشر محاضرة له ذكر فيها 27 صفة للخوارج تنطبق على تنظيم الدولة، تطرّق خلالها لمسألة "دابق".
حيث قال المحيسني إن التنظيم يترك الآيات الواضحات ويأتي إلى الأحاديث المتشابهات، متابعا: "يقول نحن سنأتي في مرج دابق، ويأتون بأحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- عن مرج دابق، ويقولون هذه الأحاديث تتكلم عنا".
وأضاف المحيسني: "هذه الأحاديث تُسمى متشابهة، لماذا؟ لأن مرج دابق اليوم يكون بيد الفصيل الفلاني، غدا تأتي معركة ويكون بيد الفصيل الفلاني، وقبل سنتين كان مرج دابق مع النظام السوري النصيري، وهكذا. إذا هل يُعقل أن تعرف الحق بناء على مرج دابق، من يأخذ مرج دابق فهو على حق، ومن لا يأخذه فهو على باطل؟! لا، هذا متشابه، تعرف الحق من قال الله وقال رسوله".